صحافة دولية

لوموند: مخاوف من أن يؤدي تفشي الكراهية بلبنان لحرب أهلية

حدث الانفجار في مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس- جيتي
حدث الانفجار في مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس- جيتي

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا سلّطت فيه الضوء على تفشي مناخ الكراهية في لبنان الذي لا يستهدف القادة الشيعة فقط، وإنما الطائفة بأسرها، مخذرة من أن يؤدي ذلك إلى "حرب أهلية".

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن سكان حي شيعي في بيروت قلقون من الخلط بين الاتهامات الموجهة لحزب الله والإقصاء الطائفي.

في خندق الغميق، عند مدخل منزل محمد عباس إسماعيل، عُلقت صورة أخيه "علي" الذي قُتل في انفجار المرفأ مذكور عليها "شهيد الأمة".

 

ويقول محمد: "لم نتلق أي زيارات من مسؤولي الدولة فقط قدمت أحزاب الحي تعبيرا على تضامنها". ويقصد بذلك التشكيلين الشيعيين حركة أمل، بقيادة نبيه بري، رئيس مجلس النواب الذي تعرض لانتقادات شديدة، وحزب الله.


يعم الغضب في هذه الأزقة حيث يعمل صغار الحرفيين والتجار. وفق ما رصدت الصحيفة.

 

وقال محمد معلقا على الوضع: "أريد نتائج التحقيق، أريد أن أعرف لماذا مات أخي".

 

وتقول الصحيفة: "هنا يقع التنديد بحقيقة أن دور الدولة قد تقلّص، وحتى الحزبان المؤثران (الشيعيان)، اللذان يحتفظان بقاعدة شعبية، يواجهان انتقادات بأنه "فقط المنتمون إليهما يستفيدون من الخدمات".

 

وتشير الصحيفة إلى أن مناخا من الخوف منتشرا أيضا في المنطقة. وتنقل عن فطيمة عيسى أسفها من أن "الجميع في حالة صدمة في لبنان. لكن البلد غير موحد في الحداد، بل منقسم" متأملة "أيامًا أفضل".

 

اقرأ أيضا: الغارديان: انفجار بيروت سيقلل تأثير حزب الله على الحكومة
 

وكدليل على هذا الانقسام "تأخرت الجمعيات في القدوم إلى هنا لرؤية الأضرار التي لحقت بالمباني"، وتقول عيسى: "لقد شمرنا عن سواعدنا بأنفسنا. لقد اختزلني أصدقائي في انتمائي الطائفي، بصفتي شيعية، كما لو أنه لا هوية لي كإنسان".


"لعبة خطيرة"

بينت الصحيفة أنه منذ الرابع من أغسطس / آب، لم يتم التراجع عن الاتهامات بوجود مستودع أسلحة لحزب الله بالقرب من موقع الانفجار، على الرغم من نفي زعيمه حسن نصر الله.


ويطالب معارضو الحزب الشيعي بنزع سلاح حزب الله، الأوسع نفوذا في لبنان، وحليف طهران. لكن في خندق الغميق، تُرفض تصريحات مماثلة على نطاق واسع، بما في ذلك تلك التي تنتقد الحزب.


ويقول جعفر (اسم مستعار لأحد سكان الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله): "النقاش يدور حول سلاح حزب الله. بالنسبة لي، هو مسؤول عما حدث في المرفأ تماما مثل الأطراف الأخرى".

تعتبر الكراهية الطائفية التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تستهدف الشيعة بشكل كبير، غير مقبولة.


ويصرح جعفر المنقذ الذي أمضى مساء يوم الرابع من آب/أغسطس في المرفأ بأن "الحكم على طائفة بأكملها لعبة خطيرة. إذا استمرت الكراهية على هذا النحو، فإننا نتجه مباشرة نحو حرب أهلية".

 

ويضيف: "السياسة هي القضية الأساسية، فهي تتلاعب بالانتماءات المذهبية التي لا تزال متجذرة في كثير من اللبنانيين. كما تزيد وسائل الإعلام المحلية من تأجيج الأوضاع".

 

لم ينضم أهالي خندق الغميق إلى مظاهرة الثامن من آب/أغسطس في وسط بيروت، على بعد مئات الأمتار من منازلهم، للمطالبة بالمحاسبة بعد الانفجار.

 

اقرأ أيضا: الطبقة الحاكمة بلبنان بمواجهة اختبار "الإنقاذ من الانهيار"
 

وقال شاب: "لقد شاركت في الاحتجاج عندما اندلع في تشرين الأول/أكتوبر 2019. لكن المطالب تغيرت، ولم تعد تمثلني بعد الآن".

 

وبعد الاعتراف أولاً بشرعية الغضب الشعبي، سارع حزب الله إلى تشبيه الحركة بمؤامرة، على حد تعبير الصحيفة.

"الانقسامات تظهر مجددا"

يدرك هذا الشاب أن العديد من المتظاهرين يعتبرون حيه تهديدا.

 

ويعترف أنه "في الماضي، كان شباب حينا ينزلون لضرب المتظاهرين"، ومناقضًا روايات السكان الآخرين قائلا: "لم يفعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم، ولكن حسب الطلب". لكن خندق الغميق كانت تستخدم في الغالب كبوابة لمهاجمة المحتجين من قبل أشخاص من أماكن أخرى، بحسب الصحيفة.

 

وتضيف: "تجمع الشباب في الثامن من آب/أغسطس على مشارف الحي، غاضبين من المتظاهرين (لأن إعدامًا وهميًا تم على دمى لزعماء الشيعة، بمن فيهم زعيم حزب الله حسن نصر الله). لكن في الكثير من المظاهرات أيضا، كان هناك مثيرو الشغب من الجانب الآخر".


وأضافت الصحيفة أنه عند أحد مداخل خندق الغميق، بالقرب من حافلة صغيرة تُباع فيها القهوة، يُجمع الشباب على إفلاس لبنان دون تحديد المسؤولين. مع كل أزمة تظهر الانقسامات.

 

وقال أحمد الحسيني وهو ساكن أنقذ جيرانه: "من المهم أن تتقلص حدة التوترات".

 

ويرى جعفر المنقذ أن "ما ينتظر لبنان ليس بأيدينا بل يُحاك في الخارج". هو الآن يفكر في الهجرة. "عمري 25 عامًا، ولم أعرف الاستقرار يوما".

 
التعليقات (0)

خبر عاجل