كتاب عربي 21

السراج.. مبادرة تفاجئ الجميع.. هل تكلل بالنجاح؟

السنوسي بسيكري
1300x600
1300x600

فاجأ رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج، أنصاره قبل خصومه ببيانه الذي يعلن فيه الوقف الفوري لكل العمليات القتالية في كافة ربوع ليبيا، غير أن أثر المفاجأة تلاشى تدريجيا بعد رد رئيس برلمان طبرق، عقيلة صالح، ببيان يكاد يكون متطابقا مع بيان السراج، والفروقات ربما تكون شكلية لذر الرماد في عيون أنصار حفتر.

مضامين المبادرة

بيان السراج، الذي بدا وكأنه صِيغ على عجل واشتمل على نقاط جدلية ومبهمة، تضمن أربع نقاط جوهرية هي:

ـ وقف القتال واعتبار سرت والجفرة مناطق منزوعة السلاح تأمنها الشرطة من الجانبين.
ـ تحويل عوائد بيع النفط إلى حساب جديد في المصرف الليبي الخارجي وعدم المساس بها إلى أن يتم التوافق السياسي.
ـ اعتبار المؤسسة الوطنية للنفط هي المسؤول عن إدارة النفط وتأمين الحقول والموانئ.
ـ اعتبار مقررات برلين هي قاعدة التسوية السياسية والاتفاق بين الطرفين المتنازعين.

وبالرجوع إلى بيان عقيلة صالح فإنه لم يخالف ما عرضه السراج وأضاف إعلان القاهرة إلى مقررات برلين، داعيا اتخاذ سرت مقرا للمجلس الرئاسي.

مبادرة تتبع خطى المقاربة الأمريكية

من اليسير جدا اكتشاف أن مضمون مبادرة فايز السراج وعقيلة صالح أمريكي، وبالرجوع إلى بيانات السفارة الأمريكية وتصريحات السفير الأمريكي خلال الأسبوعين الماضيين يتبين أن المقترح الأمريكي قائم على اعتبار سرت والجفرة مناطق منزوعة السلاح، وأنه من الضروري استئناف ضخ النفط ووضع ترتيبات مالية تضمن الشفافية وعدالة توزيع الايرادات العامة.

ردود فعل تثير الانتباه

أعلنت جميع الدول المعنية بالشأن الليبي، خاصة الداعمة لطرفي النزاع، موافقتها على المبادرة، وهي سابقة لم تقع منذ اندلاع الصراع في ليبيا عقب ثورة فبراير 2011م، ويمكن تفسير ذلك إلى اصرار واشنطن على إنجاح مقاربتها، ذلك أن جميع الأطراف الإقليمية والدولية تخضع للنفوذ الأمريكي أو تحرص على أن لا تصادمه، والاستثناء هي روسيا التي جاء ترحيبها عبر دبلوماسي وليس ببيان من الحكومة.

المبادرة تدفع حفتر خطوة للخلف

موافقة الأطراف الخارجية الداعمة لحفتر، خاصة الاقليمية منها، على المبادرة يشير إلى دفع حفتر إلى الخلف، ذلك أن مشروع حفتر كان ولا يزال عسكريا، وارتمى في حضن الروس في تحدي مباشر للأمريكان، فكان أن ضغطت واشنطن، وضغطها يعني معاقبة حفتر ونزع القيادة السياسية منه بعد أن كان الأبرز في المشهد والمفاوض المباشر للسراج في كل اللقاءات التي سبقت حربه على طرابلس، ولا يعني هذا إخراج حفتر من المشهد، والقصد ضبط نفوذه وليس إنهاء وجوده.

هل ستنجح المبادرة ويحقق الأمريكان التوافق؟

المبادرة تواجه تحديات داخلية وخارجية، فالسراج فاجئ أنصاره وكان الأولى به أن يطرح مضامين بيانه على الجبهة العريضة التي صمدت أمام العدوان على طرابلس لأكثر من عام ودحرته. 

بالمقابل، يبدو أن عقيلة صالح اختار أن يمضي بعيدا عن نفوذ ورغبة حفتر وهذا له تبعاته خاصة إذا وجد حفتر من يسانده من الداخل والخارج لتعكير صفو الخطة الأمريكية.

 

غاية واشنطن من الخطة عزل روسيا ودفعها للخروج من المشهد الليبي وإنهاء وجودها في منطقة تشكل تهديدا لواشنطن عبر قواعدها في أوروبا وتحديا للناتو الذي لا يزال يؤسس عقيدته على العداء لروسيا.

 



خارجيا، فإن غاية واشنطن من الخطة عزل روسيا ودفعها للخروج من المشهد الليبي وإنهاء وجودها في منطقة تشكل تهديدا لواشنطن عبر قواعدها في أوروبا وتحديا للناتو الذي لا يزال يؤسس عقيدته على العداء لروسيا.

والسيناريو الأرجح أن تقبل موسكو فعليا بالمبادرة ذلك أنها في حال مصادمتها ستواجه ليس فقط الاتراك، بل الناتو ممثلا للولايات المتحدة وأوروبا، وساعتها لن تجد دعما من مصر أو الإمارات أو السعودية التي أعطت موثقا لواشنطن أن تلتزم بالخطة الأمريكية، ووفقا لهذا السيناريو فإن موسكو تحصلت على مكاسب لم يعلن عنها بعد ضمن المخفي من الخطة الأمريكية، دون استبعاد سيناريو الضغط الروسي والمناورة التي قد تعني مواجهات هنا وهناك.

الأهم من ذلك هو توفير ضمانات منع اندلاع مواجهات ذلك أن التوتر هو سيد الموقف بين الطرفين، وأن تبديل الوضع إلى وئام وسلام يتطلب عملا سياسيا مضنيا قد يتعثر وقد يتأخر وذلك لأن الملفات محل الخلاف كبيرة والآراء حول معالجتها متباينة جدا.

التعليقات (0)