قضايا وآراء

هل سيعود بايدن إلى الاتفاق النووي؟

صابر كل عنبري
1300x600
1300x600

مع تقدم المرشح الديموقراطي الأمريكي جو بايدن على منافسه الجمهوري دونالد ترامب في استطلاعات الرأي، ثمة تساؤل ملح ازداد أهمية عما إذا كان بايدن في حال فوزه بالانتخابات الأمريكية سيعود إلى الاتفاق النووي مع إيران، الذي انسحب منه ترامب يوم الثامن من أيار/ مايو 2018 ليصلح ما أفسده الرئيس الأمريكي.

انقسام أمريكي ودولي

على مدى الشهور الأخيرة، انشغل المراقبون في إيران وخارجها بتقديم تصوراتهم وتكهناتهم للإجابة على هذا التساؤل وسط انقسام الآراء بين حتمية عودة واشنطن في عهد بايدن وبين استبعاده كليا، فضلا عن تردد آخرين في حسم الإجابة وتبني أي من الفرضيتين. 

ومن تبنى فرضية العودة إلى الاتفاق انطلق في رأيه هذا من جملة معطيات، الأول دعم الحزب الديموقراطي الأمريكي للاتفاق النووي خلافا للتوجه الجمهوري، والثاني أن بايدن كان نائب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي تبنى الخيار الدبلوماسي مع طهران ودخل في مفاوضات مباشرة، انتهت إلى التوقيع على الاتفاق النووي. 

 

ثمة تساؤل ملح ازداد أهمية عما إذا كان بايدن في حال فوزه بالانتخابات الأمريكية سيعود إلى الاتفاق النووي مع إيران، الذي انسحب منه ترامب يوم الثامن من أيار / مايو 2018 ليصلح ما أفسده الرئيس الأمريكي.

 



كما أن من تبنى فرضية الاستبعاد، قدم جملة أدلة ومؤشرات على صحة ما ذهب إليه، في مقدمتها أن السياسات الأمريكية تجاه إيران لا تتغير بتغيير الرؤساء، وأن ما عمله أوباما لم يرتبط بسياسات الحزب الديمقراطي بقدر ما اقتضته السياسات الأمريكية في عهده. 

كان الجدل مستمرا بين المراقبين وخصوصا في إيران، حول عودة واشنطن في عهد بايدن من عدمها، حتى أعلن المرشح الديمقراطي جو بايدن في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية خلال الشهر الماضي، أنه في حال فوزه بالانتخابات الأمريكية سيعود إلى الاتفاق النووي إذا التزمت إيران بتعهداتها بشكل كامل. 

وجد المتفائلون بعودة واشنطن إلى الاتفاق النوي في مقال بايدن ضالتهم واستخدموه للتأكيد على صحة تكهناتهم، غير أن ما تحدث عنه المرشح الديمقراطي في مقاله لا يحمل مؤشرا على أنه بمجرد فوزه ستكون تلك العودة تحصيل حاصل، حيث يحمل حديثه شرطا للعودة إلى الاتفاق النووي من خلال ربطها بعودة طهران إلى تعهدات نووية أوقفتها في خمس خطوات خلال العامين الأخيرين ردا على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق وتداعياته. وهذا يعني أنه ينوي رمي الكرة إلى الملعب الإيراني إذا ما فاز بالانتخابات ليطالب طهران أن تعود عن الخطوات الخمسة أولا، قبل أن تقدم واشنطن على الانضمام مجددا إلى خطة العمل الشاملة المشتركة. 

شروط أمريكية

ويأتي هذا الشرط بينما اتخذت إيران في الأساس هذه الخطوات ردا على الانسحاب الأمريكي من الخطة، واذا ما عدلت واشنطن عن قرارها هذا وألغت العقوبات التي أعادت فرضها على إيران، تلقائيا ستعود الأخيرة إلى تنفيذ التزاماتها التي أوقفتها، لأن مع انتفاء الأسباب لا يبقى مبرر لاستمرارها في تعليق هذه الالتزامات، فضلا عن أنها أكدت أكثر من مرة أنه في حال إلغاء العقوبات ستنفذ جميع تعهداتها النووية المنصوص عليها بالاتفاق النووي. 

كما أنه في حال افترضنا أن تكون العودة الأمريكية في ولاية بايدن غير مشروطة، وأنه سيفعل ذلك من دون عودة إيرانية مسبقة إلى تنفيذ التعهدات، فعلى الأغلب سيكون ذلك رمزيا، من دون أن تقدم واشنطن على إلغاء العقوبات، أي أن احتمال عودتها إلى الاتفاق النووي وارد، لكن اسميا وأن العقوبات ستبقى قائمة مع إطلاق وعود بإلغائها، وعمليا سيكون الأمر مرتبطا بنتائج أي مفاوضات بين الطرفين، بشأن الملفات العالقة، سواء في إطار المجموعة 1+5 أو في إطار ثنائي. 

وعليه، قد يستغرق بايدن حال فوزه دورة رئاسية كاملة فيما يمكن أن يسميه تقييم الموقف الإيراني تجاه ما هو مطلوب منها في الاتفاق، ويبقى احتواء إيران هو الهدف الاستراتيجي وذلك من خلال مواصلة سياسة "الضغوط القصوى" للرئاسة الأمريكية الحالية، وسيسعى في توظيف الجانب الأوروبي في الضغط على إيران بغية إجبارها على الوصول إلى اتفاق شامل ينشده الرئيس الأمريكي في الوقت الراهن. وبعبارة أخرى فقد لا يتجاوز تحقيق ما وعد به بايدن في مقالته توزيع الابتسامات والوعود الفارغة lip service، ويبقى جوهر السياسة الأمريكية كما هو اليوم ودون تغيير.

التعليقات (0)