كتاب عربي 21

مشاعر الإحباط تغلف الانتخابات البرلمانية المصرية

ممدوح الولي
1300x600
1300x600
حالة من التوجس تنتشر بين قطاعات عديدة من المصريين، بمن فيهم أنصار النظام الحاكم، تجاه نتائج الانتخابات البرلمانية الجارية حاليا، في ضوء مناخ بوليسي لا يتيح المجال للرأي الآخر، حتى وإن كان يحمل أصحابه الحصانة البرلمانية.

فقد قام البرلمان الحالي بإنهاء عضوية بعض الأعضاء الذين جاهروا بآراء لا تروق للسلطات، ومنع آخرين من المشاركة في النقاشات خلال جلسات البرلمان منذ سنوات، كما منعوا آخر من دخول مقر البرلمان رغم إعلان القضاء فوزه في الانتخابات.

وفي ظل نتائج انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة التي تسيّد خلالها حزب مستقبل وطن المُنشأ من قبل جهات سيادية، والذي حل محل الحزب الوطني بفترتي الرئيسين مبارك والسادات، حيث فاز خلالها بغالبية المقاعد المخصصة للانتخابات الفردية وكذلك الانتخابات بالقائمة، يتوقع المصريون تكرار نفس السيناريو وبدرجة أعلى خلال انتخابات البرلمان الحالية، التي تم تخصيص نصف عدد مقاعد البرلمان فيها للانتخابات الفردية ونصفها للقوائم.

وترشح أعضاء حزب مستقبل وطن في الدوائر الفردية، كما حازوا بنصيب الأغلبية في مقاعد القوائم، تحت اسم القائمة الوطنية من أجل مصر، حيث لا ينافسها في الدوائر الأربع المخصصة للقوائم سوى قائمة واحدة في كل منها، مما يسهل مهمة حزب السلطة المدعوم من الأجهزة الحكومية في الفوز في الدوائر الأربع، وبما يوازي نصف مقاعد البرلمان، بكل سهولة.

وإذا كان البرلمان الحالي الذي ضم ممثلي عدة أحزاب؛ بواقع 65 عضوا لحزب المصريين الأحرار، و53 عضوا لحزب مستقبل وطن، و36 عضوا لحزب الوفد الجديد، و11 عضوا لحزب النور، و80 عضوا تابعين لأحزاب أخرى، قد أخفق في ممارسة دوره التشريعي أو الرقابي، وخضع بشكل تام لهيمنة السلطة التنفيذية التي ترسل مشروعات القوانين للبرلمان كي يوافق عليها بالجملة كما جاءت نصوصها، فإن المتوقع تكرار نفس السيناريو وبدرجة أعمق مع هيمنة حزب السلطة الجديد - مستقبل وطن - وتواجد أعضاء أقل لأحزاب أخرى لا يعرف غالبية المصريين أسماءها، تم إدراجهم بالقوائم لاستكمال شكل التنوع الحزبي، مع ضمان انضباط هؤلاء واستجابتهم لما يتم طلبه منهم، من صاحب الفضل في إدخالهم البرلمان عبر قوائم حزب مستقبل وطن.

توقع تكرار مشهد برلمان 2010

ويصبح التوقع الرئيسي هو تكرار صورة برلمان 2010 الذي حصل الحزب الوطني فيه على 83 في المئة من المقاعد، وانضمام نسبة 10 في المئة من المستقلين إليه بعد فوزهم، لتصل نسبة استحواذه إلى 93 في المئة من المقاعد، وبقاء نسبة 3 في المئة للمستقلين و3 في المئة للأحزاب الأخرى.

وهذا مع وجود اختلاف في هامش الحرية الحالي عما كان متاحا بفترة مبارك، والذي كان يسمح لنسبة الستة في المئة خارج الحزب الوطني بأن تمارس دورها البرلماني الرقابي، من خلال تقديم الأسئلة والاستجوابات للحكومة وطلب مناقشة موضوع عام، أو بإبداء اقتراح برغبة في موضوع عام أو تقديم طلب إحاطة أو بيانا عاجلا إلى رئيس الوزراء أو لأحد نوابه أو لأحد الوزراء أو لنوابهم، وكلها وسائل برلمانية وردت بدستور 2014، لكنها غابت عن الممارسة العملية خلال فترة البرلمان الحالي، وهو ما يتوقع استمراره في البرلمان الجديد.

فقد غاب صوت البرلمان الحالي إزاء المشاكل الجماهيرية، مثل غلاء الأسعار وفرض رسوم للمصالحات على مخالفات المباني، ومحدودية خفض أسعار الوقود رغم تراجع أسعار النفط عالميا بنسبة كبيرة، والتي كان يتم تبرير رفع أسعار الوقود بموجبها، واستمرار فرض الضرائب والرسوم على الخدمات الحكومية، ومنها رفع قيمة رسوم الترخيص وتجديد التراخيص للمركبات، والتي تتضمن أكثر من ثلاثة ملايين موتوسيكل يملكها المصريون البسطاء كوسيلة للانتقال.

وكذلك عدم الاعتراض على توسع الحكومة بالاقتراض الخارجي، حتى بلغت قيمة الدين الخارجي في حزيران/ يونيو الماضي 123,5 مليار دولار، واستمرار الاقتراض الخارجي خلال الشهور التالية، علاوة على الاقتراض الداخلي حتى بلغت نسبة تكلفة الدين الحكومي من فوائد وأقساط من الإنفاق في الموازنة الحكومية نسبة 48 في المئة من إجمالي الإنفاق في الموازنة.

أسباب زيادة المرشحين ببعض الدوائر

ربما يقول البعض من أنصار النظام ووسائل الإعلام الموالية للنظام: ولكن هناك إقبالا من الجمهور على الترشح في الدوائر الفردية، حتى بلغ عدد المرشحين 71 مرشحا ي دائرة المنتزه بالإسكندرية و61 مرشحا في دائرة الزقازيق بمحافظة الشرقية. وهنا نذكر أن عدد المقاعد المخصصة للدوائر الانتخابية الفردية تختلف من دائرة إلى أخرى حسب آخر تعديل لها مؤخرا.

فقد أصبحت هناك خمس دوائر بأربع محافظات مخصص لكل منها أربعة مقاعد، منها دائرتا المنتزه والعامرية بالإسكندرية، والزقازيق بالشرقية، ومغاغة بالمنيا، وديروط بأسيوط، ومن الطبيعي أن يزيد عدد المرشحين في تلك الدوائر الرباعية، وهو ما تكرر في 31 دائرة في 15 محافظة مخصصا لكل منها ثلاثة مقاعد، ومنها دائرة مدينة نصر ومصر الجديدة بالقاهرة التي تقدم لها 54 مرشحا.

وعلى الجانب الآخر نجد انخفاضا لأعداد المرشحين في الدوائر المخصص لها مقعد واحد، حيث بلغ المرشحين أربعة مرشحين بدائرة الشلاتين بمحافظة البحر الأحمر، ونفس العدد بدائرة شرم الشيخ بجنوب سيناء، وسبعة مرشحين بدائرة الطور بجنوب سيناء، وثمانية بكلا من دائرة الخارجة بالوادى الجديد ودائرة الخليفة بالقاهرة، كما بلغ عدد المرشحين عشرة مرشحين بدوائر شهيرة بالقاهرة العاصمة منها دوائر السيدة زينب ومصر القديمة وروض الفرج.

مزايا مادية متعددة لعضوية البرلمان

رغم أنه من المعتاد إقبال بعض الفئات على الترشح في أية انتخابات لأغراض دعائية لأنشطتهم المهنية مثل المحامين والمحاسبين والتجار، حيث أن الأمر لا يكلفهم سوى دفع عشرة آلاف جنيه للترشح للمقاعد الفردية للبرلمان الجديد، وألف جنيه للمشاركة في القائمة، يمكن استردادها سواء العشرة آلاف أو الألف جنيه في حالة عدم الفوز.

وفي حالة الفوز وبخلاف مزايا الحصانة البرلمانية، هناك ضمان للمكافأة الشهرية للعضو والبالغة خمسة آلاف جنيه، بالإضافة إلى بدلات حضور الجلسات العامة وجلسات لجان البرلمان بحد أقصى 20 ألف جنيه شهريا للمكافأة والبدلات معا. وإذا كان العضو موظفا بجهة حكومية فإنه يجمع بين ما يتقاضاه من البرلمان، بالإضافة إلى راتبه من جهة عمله الحكومية، وكل ما كان يحصل عليه من بدلات وغيرها طوال مدة عضويته في البرلمان، إضافة إلى حصول كل عضو في البرلمان على اشتراك مجاني للسفر بالدرجة الأولى الممتازة بالسكة الحديد، أو بإحدى وسائل المواصلات العاملة الأخرى أو الطائرات، من الجهة التي يختارها في دائرته الانتخابية إلى القاهرة. ولا تُحسب هذه المبالغ ضمن ما يتقاضاه العضو من البرلمان.

كما تتضمن لائحة البرلمان تسهيلات أخرى يقدمها البرلمان لأعضائه لتمكينهم من مباشرة مسؤولياتهم، منها ما يتعلق بالإقامة والإعاشة، ما أدى لبلوغ مخصصات البرلمان في موازنة الحكومة للعام المالي الحالي (2020/2021) نحو مليار و655 مليون جنيه مصري.

twitter.com/mamdouh_alwaly
التعليقات (2)
Dr. Walid Khier
الثلاثاء، 27-10-2020 12:23 م
دون قراءة التفاصيل: أين هي الانتخابات البرلمانيه؟ بل هل كان هناك انتخابات في هذا البلد أصلاً منذ 1952, بإستثناء العام اليتيم إياه الذي قامت فيه قائمة العصابات الحاكمة ولم تقعد؟
الكاتب المقدام
الإثنين، 26-10-2020 02:52 ص
... تأتي الانتخابات البرلمانية الجارية حالياُ، في ظل تجاهل شبه كامل لا تخطئه العين من غالبية أبناء الشعب المصري، والمرشحون المشاركون في تلك الانتخابات يثيرون السخرية والاستهزاء، ولم يعد أحد يصدق وعودهم الكاذبة، بعد أن انكشفت حقيقة انتهازيتهم، واستهدافهم اكتساب الحصانة لتأمين أعمالهم غير المشروعة وانشطتهم المريبة، ولتغطية خرقهم للقوانين، ولتوطيد علاقاتهم الشخصية بذوي الحظوة والنفوذ، ليشاركوا الانقلابيون في نهب ثروات البلاد، فلم يحدث في تاريخ مصر القديم أوالحديث أن تم تجاهل وإهمال مصالح أبناء الشعب المصري الحقيقية من جانب من يُعتبرون ممثليهم أمام السلطة التنفيذية، وظهرت حقيقة تهافت أولئك النواب وانبطاحهم أمام السلطة التنفيذية، كما أن الأحزاب القائمة المصطنعة لا يعرفها أحد، ولا يوجد من بين قياداتها من يكتسب تقدير الشعب أو احترامه، بعد أن تحولوا إلى أبواق وببغاوات تردد نفس الأكاذيب والهراء الذي يذيعه إعلام دولة الفساد العميقة، وأراجوزات مطبلون ومزمرون وراقصون على إيقاعات الجنرال الانقلابي ومشاركون له ومبررون لجرائمه، وليس لأي منها برامج أو أهداف وطنية معلنة أو معروفة، تماهياُ مع نهج سيدهم ومعبودهم ورب نعمتهم، الذي صرح بأنه ليس له أي برنامج سياسي انتخابي، وقد تزايد الانقسام والتباعد بين أبناء الطبقة المستغلة المتماهية مع الانقلاب المدعوم من القوى الأجنبية الخارجية، وبين أبناء الشعب الذين نهبوهم وأفقروهم واستذلوهم، والأمور تتدهور بسرعة وتنحدر في اتجاه واحد خلال أشهر إلى صدام قريب، ستتضاءل بجانبه صدامات ثورة 2011 وما تلاها، بل وستكون أكثر عنفاً ودموية من كثير من الصدامات الشعبية التي تدور من حولنا، وستقلب الأمور رأساً على عقب، والله أعلم.