حقوق وحريات

"ذا أتلانتيك": 3 تشريعات فرنسية ستقيد الحقوق الديمقراطية

شهدت مختلف مدن فرنسا السبت مظاهرات غاضبة احتجاجا على قانون جديد للأمن- جيتي
شهدت مختلف مدن فرنسا السبت مظاهرات غاضبة احتجاجا على قانون جديد للأمن- جيتي

قالت مجلة أمريكية، إن الحكومة الفرنسية أدخلت مؤخرا تشريعات جديدة، تهدد الحريات ذاتها التي تتعهد بالدفاع عنها، مشيرة إلى أن حادثة مقتل مدرس التاريخ بعد إظهاره رسوما مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، دفعت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون وأعضاء حزبه إلى إدخال تشريعات جديدة تقيد الحريات.


وذكرت مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية في تقرير ترجمته "عربي21"، أنه "ما لم يتم تعديل القوانين المقترحة أو إلغاؤها، فستصبح فرنسا قريبا دولة أقل حرية مما هي عليه الآن"، موضحة أن التشريعات الثلاثة الجديدة تهدف إلى جعل "الفرنسيين أكثر أمنا، من خلال تقييد الحقوق الديمقراطية".


وبيّنت المجلة أن "أحد التشريعات يحدد ميزانية البحث للجامعات الفرنسية للعقد القادم، والذي تبناه مجلس الشيوخ الفرنسي في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري"، مضيفة أن "مشروع القانون يتبنى بندا يجرم التجمعات داخل الحرم الجامعي، والتي تزعج الهدوء والنظام داخل المؤسسة".


ولفتت إلى أن عقوبة المخالفين لهذا القانون ستصل إلى غرامة قدرها 54 ألف يورو، إلى جانب السجن لمدة قد تصل إلى ثلاث سنوات، منوهة إلى أنه تم إلغاء تعديل يتطلب أن يلتزم البحث الأكاديمي بقيم الجمهورية في اللحظة الأخيرة، وذلك بعد رد فعل قوي من قبل العلماء الذين يخشون أن يكون هدف القانون تقييد حريتهم.

 

مصطلح متطرف


واستدركت المجلة: "رغم أن هذا التغيير يعد أخبارا جيدة للحرية الأكاديمية، إلا أن الدولة تولي قدرا خطيرا من الاهتمام للميل الأيديولوجي للبحوث التي يتم إجراؤها في فرنسا"، موضحة أن وزير التعليم جان ميشيل بلانكير أعرب عن أسفه لتأثير نظرية العرق النقدي الأمريكية على العلوم الاجتماعية الفرنسية.


وتابعت: "الوزير الفرنسي ألقى باللوم عليها في تقويض الشمولية العمياء، ومنحها الراحلة لما أسماه اليسار الإسلامي"، مؤكدة أن "هذا المصطلح صاغه اليمين الفرنسي المتطرف، ويلقي باللوم على المثقفين التقدميين، في تغذية الإسلام السياسي الراديكالي، من خلال عملهم على العنصرية الهيكلية وكراهية الإسلام.

 

اقرأ أيضا: غضب في فرنسا رفضا لـ"قانون الأمن" المقيد للحريات (شاهد)


وتطرقت المجلة الأمريكية إلى التشريع الفرنسي الثاني، وهو مشروع قانون للأمن العالمي، تم تقديمه في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، ويمنح الشرطة حرية أوسع، ويحظى المشروع بتأييد وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين، الذي جادل الأسبوع الماضي بأن "سرطان المجتمع هو عدم احترام السلطة".


وأكدت المجلة أن "هذه الملاحظة مذهلة إلى حد ما، بالنظر إلى أن أكثر من 49 ألف فرنسي، قد لقوا حتفهم بسبب COVID-19 هذا العام، وأن أكثر من 10 ملايين سيقعون في براثن الفقر بحلول نهاية ديسمبر"، معتبرة أن "اثنين من أحكام مشروع القانون مثيرة للقلق".


وأوضحت أن "أحد الأحكام يجرم نشر صور الشرطة أو مشاركتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما لم تكن جميع ميزات التعريف غير واضحة، ما يحظر في الواقع البث المباشر والتقارير الاستقصائية ومساءلة المواطنين عن انتهاكات الشرطة".

 

قمع الصحفيين


وأشارت إلى أن الحكم الثاني يصرّح باستخدام الطائرات دون طيار، لتصوير المواطنين في الأماكن العامة، ويسمح ببث لقطات من كاميرات الجسد التي ترتديها الشرطة إلى السلطات، مشددة على أن مشروع القانون أثار غضب وقلق الصحافة الفرنسية، كما أنه أثار إدانة من الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية.


ولفتت إلى أن الشرطة الفرنسية احتجزت الأربعاء الماضي، اثنين من الصحفيين، الذين كانوا يغطون احتجاجات منددة بمشروع القانون، ونصح وزير الداخلية الفرنسي الصحفيين الذين يريدون تجنب هذا المصير، بتقديم أنفسهم إلى المحافظة المحلية قبل التوجه إلى أي مظاهرة.


وأكدت المجلة أن مناقشة المشروع انتهت في وقت متأخر من يوم الجمعة، وهو يتحرك الآن للتصويت في الجمعية الوطنية، مشددة على أن "المشروع يخاطر بالكثير من شعارات الحرية الفرنسية، مثل الحرية والمساواة والأخوة، ويخاطر بتحويل البلد إلى دولة مراقبة، في انتهاك مباشر لحقوق المواطنين بالخصوصية".


وأفادت بأن الحكومة الفرنسية ستنظر في مشروع قانون ثالث في 9 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، ويهدف إلى تحقيق رؤية ماكرون في التصدي لما أسماها "الراديكالية الإسلامية"، والتي تم تحديدها في خطاب له الشهر الماضي حول "الانفصالية".


وبيّنت أن القانون سيخصص لجميع الأطفال الفرنسيين رقم تتبع، لفرض الحضور الإجباري في المدارس العامة أو المعترف بها من قبل الحكومة، وسيضع حدا للتعليم المنزلي والمدارس الدينية غير المعتمدة، لضمان التزام جميع الأطفال بقيم الجمهورية الفرنسية.


ويجرّم مشروع القانون أيضا مشاركة معلومات تعريفية عن موظف عمومي، يمكن استخدامها لإلحاق الأذى، ويعاقب على الجريمة الجديدة بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات وغرامة قدرها 45 ألف يورو، إلى جانب حكم آخر يجرم ويعاقب بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات، ويتعلق بـ"التهديدات أو العنف أو التخويف من موظف عام، لدوافع مستمدة من قناعات أو معتقدات".


وذكرت المجلة أن "القانونيين يخشون أن تكون هذه الصياغة غامضة للغاية، بحيث يمكن استخدامها، لإدانة الناس لما يرقى إلى حد النقد المبرر لموظف عام".


وشهدت مختلف مدن فرنسا، السبت، مظاهرات غاضبة، تخلل بعضها صدامات مع الشرطة وأعمال عنف، احتجاجا على قانون جديد للأمن، يتضمن بندا مثيرا للجدل.


ويمنع القانون تصوير رجال الأمن "أثناء أداء مهامهم" سواء من قبل المواطنين العاديين أو الصحفيين، وهو ما يقول معارضوه إنه تقييد للحرية والشفافية وتمهيد لممارسات قمعية.

التعليقات (0)