مقابلات

ناشط نوبي لـ"عربي21": السيسي تلاعب بنا ولا أمل فيه (شاهد)

ذكر الناشط النوبي أن انتهاكات السيسي بحقهم طالت بيع أراضيهم في مزادات- عربي21
ذكر الناشط النوبي أن انتهاكات السيسي بحقهم طالت بيع أراضيهم في مزادات- عربي21

قال الناشط النوبي المصري، حمدي سليمان، إن "نظام عبد الفتاح السيسي تلاعب بهم، فرغم أنه أقرّ في الدستور حقهم في العودة لموطنهم الأصلي، وأنشأ وزارة للعدالة الانتقالية، شاركوا فيها بوضع مشاريع قوانين للعودة، إلا أنه سرعان ما خالف مواثيقه نفسها، وانقلب على وعوده، ورفض تفعيل مادته الدستورية، ثم ألغى وزارة العدالة الانتقالية، وألقى بكل مشروعات القوانين التي قدّموها في سلة المهملات".


وأشار سليمان، في مقابلة مع "ضيف عربي21"، إلى أن انتهاكات السيسي بحقهم لم تتوقف عند هذا الحد، بل قام بـ"بيع أراضينا في مزادات، وأصدر قرارات متتالية لنزع الملكية، واعتقل الشباب الذي أراد التعبير عن رأيه بكل سلمية"، مشددا على أنه لا أمل في النظام الحالي، الذي قال إنه يرفض الحوار معهم، أو حتى الاستماع إليهم، ولذلك بدأوا يتجهون نحو التقاضي الدولي لمحاولة الحصول على حقهم. 

 


 

ورأى الناشط النوبي أن فرص نجاح الدعوة القضائية التي قاموا برفعها أمام المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب تُعدّ كبيرة، لأنهم يمتلكون "الكثير من الوقائع والوثائق التي نستند إليها، من بينها الدستور المصري، والمواثيق والعهود والإعلانات الدولية، وهو ما تفتقده الحكومة المصرية التي تخالف كل المواثيق المحلية والدولية".


يُذكر أنه في نهاية شهر كانون الثاني/ يناير الماضي أقام نشطاء نوبيون دعوى قضائية أمام المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، التابعة للاتحاد الأفريقي، ضد "السيسي" وحكومته، للمطالبة بتفعيل المادة 236 في الدستور المصري، التي تقضي بحق عودة النوبيين لأراضيهم.


وتاليا نص المقابلة مع "ضيف عربي21":


لماذا قررتم إقامة دعوى قضائية أمام المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب التابعة للاتحاد الأفريقي ضد الحكومة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسي؟


ربما يرى البعض بأننا لم نستنفد كل مراحل التقاضي بالداخل، والواقع أن النظام قد أغلق كل الطرق لذلك، على سبيل المثال إغلاق الملفات القضائية بحجة أن القرارات السالبة للحقوق النوبية هي قرارات سيادية ولا كلمة فيها للقضاء، وهناك سبب ثان، وهو عدم إصدار أحكام - أو حتى استدعاء - في قضايا إعلامية اتُهمنا فيها بالخيانة والعمالة، واستخدمت ضدنا كل كلمات السب والقذف والتشهير، وبالرغم من ذلك لم يستدعَ صحفي واحد، أو تصدر أيّة أحكام، ويبدو أن هناك تواطؤا.

 

ومن الأسباب أيضا القوانين المحلية التي لا تعترف بالملكية الجماعية أو بالحقوق التاريخية، كما أن هذه القوانين لا تعترف بنا كشعوب أصلية، بالإضافة لمدة التقاضي الطويلة التي لم تسفر عن أي نتائج، بل أسفرت عن المزيد من الحقوق المفقودة، ولذلك توجب علينا اتخاذ خطوة أولى صحيحة، والسبب الآخر هو أن رئيس النظام (السيسي) هو صاحب التوجهات بإنهاء القضية النوبية وضياع حقوقنا، وهو صاحب القرارات الجمهورية السالبة لكل الحقوق، سواء الحق في الأرض أو الثقافة أو الهوية.


كيف كانت ردود فعل الحكومة المصرية والنوبيين على هذه الدعوى القضائية؟


من الجانب الحكومي: لم تصدر من الحكومة أي ردود فعل حتى الآن؛ لأنهم لم يتلقوا - حتى هذه اللحظة - إخطارا بقبول الدعوة. أما من الجانب النوبي فهناك ترحيب شديد عند الأغلبية من النوبيين، لأن هذه الخطوة – وإن تأخرت- فهي أفضل من ألا تأتي، بالطبع هناك كثير من القلق لدى البعض حيث أن الرد المنتظر من جانب الدولة قد يكون عنيفا ضد النوبيين، وضد النشطاء النوبيين على وجه الخصوص.

هل تتوقع أن تنجح دعوتكم القضائية أمام المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب؟

الحقيقة أننا نمتلك وفرة من الحظوظ، لأننا نمتلك الكثير من الوقائع والوثائق التي نستند إليها، من بينها الدستور المصري، والمواثيق والعهود والإعلانات الدولية، وهو ما تفتقده الحكومة المصرية، بل هي تخالف كل المواثيق الدولية، وتخالف الدستور المصري الذي وضعته من قبل. لذا نرى أن حظوظنا وافرة إن شاء الله، وبعونه وتوفيقه.

ماذا لو فشلت هذه الدعوى القضائية؟ هل لديكم خيارات أو بدائل أخرى؟

لدينا ثقة كبيرة في الله، وثقة في أنفسنا، وفي طاقم الحقوقيين الذين يعملون على قضايانا، كما أن لدينا فرصا وطرقا أخرى سنسلكها بإذن الله، وهناك البديل الأسهل وهو في يد النظام، بأن يصدر قرارا جمهوريا بحق العودة، وأن تُفعل المادة الدستورية التي تشير لذلك، وهي المادة رقم 236 تفعيلا حقيقيا، وليس بمجرد الكلام، لذلك نقول: "الكرة الآن في ملعب النظام".

عقب اندلاع ثورة يناير نظمتم احتجاجات واعتصامات وهددتم باللجوء للعصيان المدني حتى العودة إلى مناطقكم التاريخية القديمة قبل بناء السد العالي.. فهل من المحتمل أن تقوموا بتنظيم احتجاجات واعتصامات جديدة خلال الفترة المقبلة؟

قدمنا أكثر من مرة طلبات للحصول على تصريحات أمنية من أجل ممارسة حق حرية التعبير عن الرأي – وهو حق دستوري- للتعبير عما يحدث لنا من انتهاكات لحقوقنا، أو حتى من أجل إقامة ندوات أو احتفالات ثقافية وغنائية، إلا أنها قوبلت بالرفض من قبل الأمن، بل إنه يرفض إقامة أمسيات التأبين، منها رفض تأبين الشهيد جمال سرور، لذا ليس من الحكمة أن نبعث بخيرة شبابنا للمعتقلات، وطريقنا إن شاء الله سيكون مختلفا، وهو التقاضي، ومن خلال طريق آخر - مهم جدا - وهو الإعلام البديل، عبر قنوات وكتابات نوبية تنشر الوعي بعدالة قضيتنا، ونعري بها النظام أيضا.

كيف تنظر لموقف النظام الحاكم من قضية أهل النوبة؟ وهل فقدتم الأمل في الحلول من قِبل مؤسسات الدولة؟

استهل النظام الحالي فترة حكمه الأولى بدستور أقرّ فيه حق النوبيين في العودة، كما أن المادة رقم 93 من الدستور تمنحنا حق الاستناد للاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدّقت عليها مصر، وقد قامت الحكومة في بداية الأمر بإنشاء وزارة للعدالة الانتقالية، شاركنا نحن فيها بوضع مشاريع قوانين للعودة، وقد استبشرنا خيرا حينئذ، لكن سرعان ما خالف النظام مواثيقه نفسها، وتلاعب بنا، وانقلب على وعوده، ورفض تفعيل مادته الدستورية، ثم ألغى وزارة العدالة الانتقالية، وألقى بكل مشروعات قوانين العودة التي قدمناها في سلة المهملات، بل زاد على ذلك بأن قام ببيع أراضينا في مزادات، وأصدر قرارات متتالية لنزع الملكية، واعتقل الشباب الذي أراد التعبير عن رأيه بكل سلمية، لذا نقول: ليس هناك أمل فيمن يرفض الحوار معنا، أو حتى الاستماع لنا، ولا أمل فيمن يضع ملفات القضايا في أدراجه ويحفظها، ثم يعاقبنا بمزيد من بيع الأراضي، وبحملات إعلامية مشبوهة؛ لتشويه نضال النشطاء النوبيين.

 



قلتم إن السيسي أصدر قرارات لمصادرة العديد من الأراضي النوبية لصالح الجيش ومشروع المليون ونصف المليون فدان.. فما أبعاد هذه القرارات؟ وما هي مساحة تلك الأراضي؟

السيسي أصدر قرارا رقم 444 لسنة 2014 بموجبه تم حظر تواجدنا على 110 كيلومترات بطول بحيرة النوبة، وتحظر تواجدنا في مساحة 25 كيلومترا من حدود أول قرية نوبية في السودان، كما تحظر تواجدنا بالجانب الغربي من بحيرة النوبة. النظام حرم حوالي 16 قرية نوبية من العودة إلى أماكنها الأصلية، واستولى على هذه الأراضي بحجة أنها مناطق عسكرية، ثم أصدر السيسي قرارا يعطي الحق للمؤسسة العسكرية بالبيع والتأجير والاستثمار في كل هذه الأراضي التي استولى عليها.

ويشمل الاستثمار مع شركات أجنبية أو محلية، بالرغم من كون هذه الأراضي "مناطق حدودية عسكرية، ويحظر التواجد فيها على المدنيين بشكل عام، أو أهل النوبة بشكل خاص" على حد قولهم. كما أصدر السيسي قرارا بنزع الملكية في الشريط الساحلي لغرب أسوان، وهو القرار رقم 498 لسنة 2016.

أيضا تم نزع ملكية 138 فدانا من الأراضي الزراعية، ثم أقام على هذه الأراضي فيلات، يقدر ثمن الفيلا الواحدة بحوالي 6 ملايين جنيه، علما بأن مبلغ التعويض المقدم لأصحاب هذه الأراضي يعادل 175 جنيها فقط للمتر الواحد، أيضا هناك القرار رقم 355 لسنة 2016 بإعادة تخصيص مساحة تبلغ 922 فدانا (حوالي 4 ملايين متر مربع) لصالح ما يسمى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لاستخدامها في إقامة مجتمع عمراني جديد، وهو امتداد لمدينة توشكى، المقرر بيعها لغير النوبيين.

لماذا لديكم إصرار على العودة إلى موطنكم الأصلي في حين يقول البعض إن عليكم الاندماج مع الواقع الجديد؟

الحقيقة أن أرضنا، وتاريخنا، وتراثنا هناك، والنوبة هناك، فلماذا نحن النوبيون هنا؟ النوبي إنسان نيلي، وحيث يكون النيل سنكون هناك، والاندماج لا يعني مطلقا نزع الجذور من أرضها، بل بتثبيت تلك الجذور من خلال القيام بأعمال التنمية والتعمير في الموطن الأصلي، وليس قبول أمر واقع مرير يفرض علينا.

هل في حال حصولكم على تعويضات مناسبة سيكون أمرا مُرضيا بالنسبة لكم وتنتهي القضية برمتها؟

التعويضات عن الأضرار النفسية والمعنوية والمادية لم توفِ بعد، وهي أيضا ليست بديلا عن حق العودة، بل مبدأ جبر الضرر لا يكون إلا بالعودة، عودة الشيء لأصله.

طالبتم بإعادة فتح التحقيق في ملابسات وفاة الناشط النوبي جمال سرور، والذي توفي أثناء اعتقاله في السجن.. فما هي ملابسات وفاته؟


جمال سرور كان يعاني من أمراض مزمنة وخطيرة جدا، وقد تم تقديم ما يثبت ذلك، حيث كان قد خضع لعمليات جراحية في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وكان يتلقى علاجا بشكل منتظم، كما طلب تسديد كفالة - أيا كان رقمها - كي يتلقى العلاج في خارج السجن، لكنهم مع الأسف رفضوا، بل كانوا يتعمدون تأخير الدواء عنه، ثم طالب بالعلاج داخل مستشفى السجن، لكن طلبه قوبل بالرفض أيضا، وهنا تقع المسؤولية على عاتق وزير الداخلية؛ لأن المعتقل أو «سجن الشلال» يقع تحت سلطته.

وقد ظل جمال سرور – رحمه الله – يحتضر ساعتين كاملتين، وظل الشباب المعتقلون معه يطرقون على أبواب الزنازين حتى يسمح لهم بإنقاذه من الموت، فما كان من المسؤولين عن السجن إلا أن توعدوهم بالعقاب حتى لفظ جمال أنفاسه الأخيرة.

ولما حضرت سيارة الإسعاف حملوه إليها ميتا، وأصدروا شهادة تفيد بوفاته داخل محبسه، ثم قاموا باستبدال هذه الشهادة بعد ذلك وزعموا كذبا أنهم حملوه إلى المستشفى حيّا وحاولوا إسعافه، وهو خلاف الواقع.

ما موقفكم من "تدويل" قضية النوبة؟

التدويل هو التقاضي الدولي، ويعني تداول القضية أمام قضاة أو جهة قضائية أو شبه قضائية دولية، ومصر عضو في المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والدستور المصري يُقرّ في المادة 93 بتوجه أفراد أو جماعات لرحاب الساحات الدولية، بالإضافة إلى أن عبد الفتاح السيسي نفسه كان رئيسا للاتحاد الأفريقي سنة 2017. والمفوضية الأفريقية هي إحدى الهيئات التي تقع تحت ولاية الاتحاد، إذن مصر عضو في الاتحاد، ومصر كانت تقود هذا الاتحاد، والسيسي كان رئيسا لهذا الاتحاد، إذن هذا التقاضي مسموح به إنسانيا وقانونيا على المستوى الدولي، ومسموح به قانونيا ودستوريا في مصر، بموجب المادة 93 من الدستور المصري.

التعليقات (1)
عيد فهمي
الأربعاء، 10-02-2021 06:22 م
هؤلاء من الكلاب الذين ساندوا الانقلاب و المجازر . فلا بواكي لهم.