مقابلات

مؤلف "النفط والدم" لـ"عربي21": ابن سلمان يتحكم بكل شيء

برادلي هوب- عربي21
برادلي هوب- عربي21

- مقتل خاشقجي ساهم في تغيير نظرة الغرب لمحمد بن سلمان بشكل جذري ودائم


- تقرير الاستخبارات الأمريكية عن خاشقجي لم يضف شيئا جديدا سوى أنه جعل التسريبات أمرا موثقا


- ابن سلمان قام بتعزيز قوته داخل المملكة والسلطة أصبحت الآن في قبضته بالفعل


- المجتمع الدولي ليست لديه المقدرة على تحديد الملك السعودي القادم


- السيناريو الأكثر احتمالا هو صعود ابن سلمان إلى عرش المملكة لأنه لا يوجد أي منافسين حقيقيين له


قال الكاتب الأمريكي وأحد مؤلفي كتاب "الدم والنفط"، برادلي هوب، إن تقرير الاستخبارات الأمريكية الخاص بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي لم يضف شيئا جديدا سوى أنه جعل التسريبات بشأن دور ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في تلك الجريمة أمرا موثقا بشكل رسمي وعلني، مؤكدا أن هذا التقرير وضع ابن سلمان ومؤيديه في موقف دفاعي بعدما كانوا ينكرون هذا الدور في السابق.

وأكد، في مقابلة خاصة مع "ضيف عربي21"، أن "مقتل خاشقجي ساهم في تغيير نظرة الغرب لمحمد بن سلمان بشكل دائم وجذري؛ فبعدما كان يتمتع بمكانة خارجية مرموقة تحوّل في نظرهم من مُصلح إلى شخص يتسم بصفات الحاكم الديكتاتوري، وشخص على استعداد لإعطاء الإذن بارتكاب جرائم القتل التقليدية أو الاختطاف للأشخاص المعارضين لحكومته".

وأضاف هوب أن "ابن سلمان قام بتعزيز قوته داخل المملكة؛ فهو يدير الآن شؤون والده، وشؤونه الخاصة، والمخابرات العسكرية، والإمبراطورية الاقتصادية، وأصبحت السلطة الآن في قبضته بالفعل"، منوها إلى أن "السيناريو الأكثر احتمالا هو صعود ابن سلمان إلى عرش المملكة، خاصة أنه لا يوجد أي منافسين حقيقيين له".

يُشار إلى أن كتاب "الدم والنفط: قصة القوة الصاعدة لمحمد بن سلمان" صدر يوم 1 أيلول/ سبتمبر 2020 في الولايات المتحدة، وهو من تأليف الكاتبين الأمريكيين برادلي هوب وجاستن شيك، اللذين استندا إلى سجلات رسمية لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI).

 

 

 

ويروي الكتاب كيفية صعود ابن سلمان إلى حكم المملكة، متطرقا إلى مصادر قوته وضعفه، إضافة إلى جوانب في شخصيته، ومبرزا أساليبه في مواجهة خصومه، ومشيرا إلى بعض التفاصيل الخاصة ببعض القضايا مثل "حصار قطر"، وأحداث فندق "الريتز كارلتون"، وغيرهما.

وتاليا نص المقابلة مع "ضيف عربي21":

كيف تنظر إلى تقرير الاستخبارات الأمريكية الخاص بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي؟

 
لم يضف تقرير المخابرات الأمريكية شيئا جديدا للأشخاص الذين كانوا يتابعون هذه القضية لفترة طويلة بشكل أساسي، لقد لخص بعض المعلومات نفسها التي تم تسريبها بعد وقت قصير من مقتل خاشقجي. بشكل أساسي، يلخص التقرير حقيقة أن الولايات المتحدة تعتقد أن محمد بن سلمان كان على دراية بعملية قتل خاشقجي أو ربما أمر بها، ولا يعطي أي تفاصيل حول كيفية التوصل إلى هذا الاستنتاج. من الواضح أن بعض المصادر والأساليب التي وقع اعتمادها سرية. وأعتقد أن أهم شيء في الأمر هو أن التقرير أصبح علنيا، ولم يغير وجهة نظرنا حقا.

لذا، فقد تحوّل من شيء تم تسريبه إلى عدد قليل من الصحف المختارة إلى وثيقة عامة يمكن للجميع الرجوع إليها، وهو أمر قوي للغاية. التوقيت مثير للاهتمام أيضا، لأنه من الواضح أن الرئيس الجديد جو بايدن أذن بإصدار التقرير. وبالتالي فقد حددت هذه الخطوة طبيعة العلاقة بين هذه الحكومة الأمريكية وحكومة ولي العهد السعودي.

كيف تأثر الأمير محمد بن سلمان بالكشف عن تقرير الاستخبارات الأمريكية؟ وما مدى سيطرته على مقاليد الحكم الآن؟

 
أعتقد أن التقرير وضعه في موقف دفاعي. قبل ذلك كان بإمكان ابن سلمان أو جماعته أن يقولوا: (اسمعوا، إن مصدر هذه التسريبات غير واضح، فهي ليست رسمية). الآن أصبحت رسمية تماما، وبناء على تقرير المخابرات، أصبحت وجهة نظر الولايات المتحدة تعتبر محمد بن سلمان هو المسؤول.

في حين ما يحدث حاليا أن نفس الأشخاص الذين انتقدوا تلك الملاحظات من قبل يقولون الآن إنه لا يوجد شيء جديد في هذا التقرير، ولا يشرح شيئا حقا.

بالطبع، ينكر محمد بن سلمان نفسه أنه كان على دراية بالعملية أو أنه أمر بها، لكنه قال إنه يمكن أن يتحمل المسؤولية، لأنه على رأس الحكومة السعودية، وهؤلاء الأشخاص يعملون لصالحه في النهاية. وأعتقد أن أهم شيء في هذا الأمر هو أنه حدث في عهد ابن سلمان.

ما تقييمكم لطبيعة ومستقبل العلاقات (الأمريكية- السعودية) خلال فترة حكم إدارة الرئيس جو بايدن؟

 
من الواضح أن علاقة الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية في عهد جو بايدن ستتغير، وعلى الأرجح ستظل متورطة معها، وقد يكون من السابق لأوانه تحديد كيف سيكون مستقبل العلاقة بين البلدين.

إن ما يشير إليه جو بايدن نوعا ما حتى الآن هو أن الولايات المتحدة ستستمر في التعامل مع محمد بن سلمان، ومع حكومته. لقد تجاهلوه نوعا ما قائلين إن الشخص المناسب الذي سيتحدث إليه الرئيس بايدن هو الملك سلمان، ولكن من الواضح أن هذه ليست الطريقة التي تعاملت بها الإدارات السابقة مع محمد بن سلمان.

الآن أعتقد أنه مع إصدار هذا التقرير الاستخباراتي فإن الطابع العام لفحوى السياسة الخارجية والمؤسسة الاستخباراتية الأمريكية قد أوضح أن ابن سلمان لن يكون مرحبا به في الولايات المتحدة على المدى القصير.


ومن المنظور العام، أرى أن الحكومة الأمريكية تساند نوعا ما الفكرة التي تقول إنه قد تكون لدينا مشاكل مع محمد بن سلمان، لكن العلاقة بين البلدين مهمة للغاية لدرجة أننا لا نستطيع إهمالها بطريقة مضنية. لذلك فهو في الأساس نوع من الخداع البصري، مما يؤثر على صورة ابن سلمان العامة ولا يساعده حقا في تلميع تلك الصورة، ولكنه في الوقت نفسه لا يغير حقا الوضع الراهن.

كيف ينظر الغرب إلى صورة الأمير محمد بن سلمان اليوم؟

 
أعتقد أن مقتل خاشقجي قد ساهم في تغيير نظرة الغرب لمحمد بن سلمان بشكل دائم. قبل ذلك كان يتمتع بمكانة مرموقة جدا لدرجة أنه كان قادرا على زيارة الولايات المتحدة. كان يُنظر له من خلال منظور الرجل الذي يقوم بإحداث إصلاحات في السعودية، وعلى الرغم من أنه اتخذ خلال خمس سنوات الكثير من الإجراءات المهمة، إلا أن الناس كانوا ينتقدونها. فيما تمكن من تجاوز هذا النقد بالطريقة التي يمكن بها لأي رئيس أن يتقبل نوعا ما النقد، لكن قتل خاشقجي أحدث تغييرا جذريا، خاصة من الجمهور الغربي، لأنه تحوّل في نظرهم من مُصلح إلى شخص يتسم بصفات الحاكم الديكتاتوري، وشخص على استعداد لإعطاء الإذن بارتكاب جرائم القتل التقليدية أو الاختطاف للأشخاص المعارضين لحكومته، وهذه هي صورته السائدة الآن في الغرب.

ما تفسيرك لطبيعة شخصية ولي العهد السعودي؟ وهل تراه شخصا ذكيا؟

 
أنا شخصيا أرى محمد بن سلمان شخصية أكثر تعقيدا من الصورة الشائعة عنه. أعتقد أنه شخص استراتيجي للغاية، ولا أعتبره كشخص يتخذ القرارات على نحو عشوائي أو بشكل عاطفي. لكنه في تلك السنوات القليلة الأولى قام باتخاذ قرارات متهورة، وقرارات لا شك أن الكثيرين قد حذروا من اتخاذها، وأنا هنا أشير للحرب في اليمن، والنهج المستخدم في قمع الفساد، حيث تم وضع شخصيات في فندق الريتز كارلتون دون اللجوء لأي من الإجراءات القضائية المناسبة. كانت هذه الأمور تميل إلى العودة عليه بالضرر كقائم بأعمال رئاسة الدولة.

كما أنني أرى أنه شخص حساس جدا تجاه صورته الإعلامية وطريقة تصويره في جميع أنحاء العالم، لذلك قد يكون منزعجا جدا من الطريقة التي يصفه الناس بها، وذلك قد يكون في الواقع أمرا مرغوبا فيه فيما يتعلق بالسياسة الدولية التي تقول إنه من الأفضل وجود شخص يهتم بكيفية نظرة الناس إليه، إلا أنه كما تعلمون يفعل ما يريد دون الاهتمام بالعواقب.

وأعتقد أننا شهدنا خلال العامين الماضيين، وبالأخص منذ مقتل خاشقجي، أن السعودية قد خففت بعض الشيء من بعض نشاطها كدولة. إذ لم نعد نسمع عن ذلك النوع من عمليات الاختطاف الخارجة عن نطاق القانون، وبالطبع لم يكن هناك أي تحركات مثل اغتيال خاشقجي، وقد انتقلت السعودية بتركيزها نحو الشؤون الداخلية بشكل أكبر قليلا، وبالتحديد على التنمية الاقتصادية الداخلية.

في الواقع، فإن هذه الإصلاحات التي جلبها محمد بن سلمان أصبحت محور التركيز الرئيسي الآن، لأنه من المرجح أن النشاطات الدولية لم تجلب له الفوائد التي كان يتطلع لها عند اتخاذ تلك القرارات. إنني أشير إلى الحرب في اليمن التي بدلا من أن تصبح نصرا استراتيجيا سريعا أصبحت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ولم تخف حدتها على الإطلاق، بل لا تزال تُشكّل حالة محفوفة بالمخاطر على حدودها الجنوبية المباشرة.

ما مستقبل محمد بن سلمان في حكم المملكة العربية السعودية؟ وهل ربما يصبح ملكا للبلاد؟


من الواضح أن ابن سلمان قام بتعزيز قوته داخل المملكة؛ فهو يدير الآن شؤون والده، وشؤونه الخاصة، والمخابرات العسكرية، والأباطرة الاقتصاديين مثل شركة أرامكو. تقليديا كانت شؤون السعودية تُدار بين أشخاص مختلفين كانوا يسيطرون على هذه الكيانات المختلفة، وكان هناك نوع من الحكم بالإجماع على الرغم من وجود ملك واحد، والآن أصبحت السلطة حقا بقبضة محمد بن سلمان، ومن الواضح أن الملك لا يزال هو صاحب القرار النهائي.

وإذا كان يجب عليه أن يتخلى أو يتنازل عن العرش فهذا يعني أن محمد بن سلمان هو حقا ملك المملكة العربية السعودية بلا منازع، وأنا أعتقد أن هذا هو السيناريو الأكثر احتمالا الذي سيحصل الآن. وأعتقد أنه سيتم قبوله بشكل عام داخل المملكة، وأعني بذلك أن شعبيته لم تتأثر بشكل كبير على الرغم من الانتقادات الغربية التي وجهت إليه.

أما في الخارج، فمن المحتمل أن تتمنى العديد من الدول أن يتولى حكم السعودية شخص أكثر اعتدالا، لكن في النهاية ليس لديهم القدرة لتحديد مَن سيكون الملك القادم، فضلا عن أنهم لا يمتلكون نفس درجة التأثير في المملكة كما كان في السابق. لذلك أعتقد أن محمد بن سلمان سيظل هو ولي العهد الوحيد بدون أي منافسين حقيقيين له.

وبطريقة ما، فإن السؤال الأكبر اليوم ليس كيف سيصبح ملكا، لأن ذلك يبدو واضحا تماما، بل كيف سيتقاسم السلطة في المستقبل؟ ومَن سيكون ولي العهد؟ وهل سيكون فردا آخر من أبناء الملك سلمان أم سيكون شخصا آخر؟ وأي نوع من مخططات الخلافة التي سوف يفكر فيها محمد بن سلمان لاتخاذ قرارات بشأن هذا الموضوع؟

التعليقات (0)