قضايا وآراء

أمريكا في جلباب ترامب

ماهر حجازي
1300x600
1300x600
المتابع للمشهد السياسي الدولي من العدوان الإسرائيلي الوحشي المتواصل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والمسجد الأقصى والقدس وحي الشيخ جراج وأراضي 48، يدرك حقيقة المواقف التي دعت إلى خفض التصعيد ووقف القتال بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية.

مواقف أوروبية ودولية متعددة رفضت إجراءات الاحتلال في مدينة القدس والمسجد الأقصى وسياسة الاحتلال في تهجير أهالي حي الشيخ جراج، ودعت إلى وقف هذه السياسات التي تعتبر مخالفة للقانون الدولي في ما يتعلق بمدينة القدس المحتلة.

لكن الموقف الدولي من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وما رافقه من رد للمقاومة الفلسطينية والدفاع عن الشعب الفلسطيني، بما فيها موقف الاتحاد الأوروبي، كان منحازا للاحتلال الإسرائيلي في تبرير العدوان بأنه دفاع عن النفس ومن حق الاحتلال حماية أمنه ومواطنيه، وبالمقابل تجريم رد المقاومة على عدوان الاحتلال الذي يستهدف المدنيين والبنى التحتية في قطاع غزة المحاصر.

مواقف وتحركات تعكس ازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه وتقرير مصيره أمام وحشية وإجرام الكيان الإسرائيلي.

أركز في مقالي هذا على الموقف الأمريكي من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، موقف يعكس حقيقة النظام الأمريكي الجديد الذي يحكم الولايات المتحدة ويقوده الرئيس جو بايدن.

موقف الإدارة الأمريكية منحاز تماما للاحتلال الإسرائيلي، وكأنه لا يتابع مشاهد الإجرام الإسرائيلية في قطاع غزة من قتل للأطفال والنساء وتدمير للمباني السكنية والمشافي والمراكز الأهلية، وتحركات أمريكية طيلة العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة لإفشال عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الأوضاع في فلسطين، والحيلولة دون إصدار بيان مشترك لمجلس الأمن حول العدوان والأحداث المتسارعة في قطاع غزة والقدس وحي الشيخ جراح والمدن الفلسطينية المحتلة عام 48.

وهذا بالإضافة إلى تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي، والتي يبرر من خلالها للإجرام الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ووصف هذا العدوان بأنه "رد غير مبالغ فيه"، وهذا يعتبر بمثابة ضوء أخضر من الإدارة الأمريكية لاستمرار آلة الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة قتلا وفتكا بالمدنيين.

انحياز إدارة بايدن للكيان الإسرائيلي في عدوانه على الشعب الفلسطيني، يعتبر الوجه الحقيقي للسياسة الأمريكية في عهد بايدن، وينسف كل المؤشرات التي سبقت انتخابه للرئاسة الأمريكية حول وجود تغيير في السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، وتغيير في المسار الذي انتهجه الرئيس السابق ترامب تجاه فلسطين.

من الواضح اليوم أن السياسة الأمريكية لا تزال تدور في إطار صفقة القرن وسياسة ترامب الإرهابية ضد القضية الفلسطينية، ودعم الاحتلال الإسرائيلي على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وهنا نجد أن الخطوات التي أعلنت عنها إدارة بايدن في ما يتعلق بإلغاء بعض القرارات التي اتخذها ترامب بقطع المساعدات عن الأونروا واستهداف قضية حق العودة، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في الولايات المتحدة، لا تنطلق من الحرص الأمريكي على القضية الفلسطينية مثلا أو تعكس أي تغيير في سياسة أمريكا في حقبة بايدن. بالتالي، لا يمكن اعتبار قرار بايدن بإعادة المساعدات الأمريكية لوكالة الأونروا تغييرا في السياسة الأمريكية، بل هي استمرار لعهد الرئيس ترامب الذي يعتبر من أسوأ الأنظمة السياسية الأمريكية والأخطر على القضية الفلسطينية.

وعلى النقيض تماما، ترامب كان مباشرا وواضحا في استهدافه لحقوق الشعب الفلسطيني وصريحا في إعلان دعمه للاحتلال وإصدار قرارات تخالف كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية، خاصة إعلان القدس عاصمة لكيان الاحتلال.

أما سياسات الرئيس بايدن والتي جدد فيها موقف الولايات المتحدة في دعم حل الدولتين؛ ففي الوقت ذاته يمارس سياسة الانحياز للاحتلال الإسرائيلي وعدوانه على الشعب الفلسطيني، ويواصل دور المدافع عن الإجرام الإسرائيلي في المحافل الدولية وتوفير الغطاء لهذه الانتهاكات.

كل ذلك يعتبر أشد خطرا على القضية الفلسطينية من مرحلة ترامب، حيث يقود بايدن حالة سياسية أمريكية تقوم على المراوغة وشعارها أمن وسلامة وحقوق الاحتلال الإسرائيلي.

نستطيع القول بأن الولايات المتحدة الأمريكية في عهد بايدن لا تزال تعيش في جلباب الرئيس السابق ترامب، فإن كان ترامب خرج من باب البيت الأبيض فإنه عاد من النافذة، وهذه حقيقة يجب أن تدركها الجاليات العربية والمسلمة في الولايات المتحدة، فلا تغيير حقيقيا في السياسات الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، فالتغيير في الوجوه لا السياسات.

من هذا المنطلق فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعتبر وسيطا نزيها في أي تفاهمات ربما تجري للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، وعلى الفلسطينيين أن يدركوا حقيقة الموقف الأمريكي في أي وساطة للتهدئة، فهي نابعة من اهتمامها بمصلحة الاحتلال لا بحقوق شعبنا الفلسطيني.
التعليقات (0)