تقارير

سلوان.. القرية الأكثر التصاقا بأسوار القدس وبـ"مياه زمزم"

صورة جوية للقدس والمسجد الأقصى تظهر منها سلوان وغيرها
صورة جوية للقدس والمسجد الأقصى تظهر منها سلوان وغيرها

شرارة مصادرة الاحتلال منازل في حي الشيخ جراح بالقدس التي أدت إلى مواجهات ومقاومة في جميع أنحاء فلسطين لم تنطفئ، مهددة باشتعال المنطقة من جديد، بعد استهداف الاحتلال بلدة سلوان المجاورة للأقصى بهدم المنازل ومصادرة بعضها. 

سلوان القرية الأكثر التصاقا بأسوار وأبواب القدس القديمة، من الناحية الجنوبية الشرقية المحاذية للمسجِد الأقصى وحائطه الخارجي، وهي من القرى الكبيرة بفلسطين، وأكثرها سكانا في التاريخ المعاصر.  

 

                              مشهد عام لبلدة سلوان

يحاذي سلوان من الشمال المسجد الأقصى المبارك وسور البلدة القديمة من القدس الشريف وحي المغاربة الذي دمره الاحتلال بعد حرب 1967، ومن الغرب حي النبي داود وحي الثوري، ومن الجنوب أراضي بيت صفافا والتي أقيم عليها معسكر الجيش البريطاني وجبل المكبر، وعرب السواحرة الغربية، ومن الشرق قرى أبو ديس والعيزرية والطور. 

اتخذ النساك والعباد موقع قرية سلوان صوامع لنساكهم ومعابد لعبادتهم ففيها عيون شهيرة تجري مياهها في هدوء وسكون، يستعملها الأهالي؛ لسقاية البساتين والشرب، ويشبه الناس مياهها بماء زمزم في الطعم، وذكر عن أبي العلاء المعري قوله: 

وبعين سلوان التي في قدسها    طعم يوهم أنه من زمزم 

وهذه القنوات بناها اليبوسيون وما زالت آثارها قائمة حتى يومنا هذا. 

ويعتقد المؤرخون أن نشوء بيت المقدس يرتبط ارتباطا وثيقا بسلوان، وقد تطرق المؤرخون والجغرافيون إلى بلدة سلوان عند بحثهم لبيت المقدس، ومن هؤلاء، ياقوت الحموي والإدريسي والمقدسي. 

وقد أتبعت سلوان لمحافظة القدس وبلديتها منذ نهايات العصر العثماني، وكانت من بؤر الثورة الفلسطينية في زمن الانتداب البريطاني وشارك أهالي القرية في ثورة عام 1936، والإضراب العام الذي شهدته الأراضي الفلسطينية احتجاجا على الهجرة اليهودية والقمع البريطاني للنزعة الاستقلالية عند عرب فلسطين. 

وعند اندلاع حرب عام 1948، شارك أهالي القرية في المعارك وتحملوا حصارا خانقا من قبل القوات الصهيونية؛ لوقوع سلوان على مدخل باب المغاربة، ولكنها لم تسقط وأصبحت جزءا من الضفة الغربية للأردن بين عامي 1948 و1967، في عام 1967 وقعت كما بقية أراضي الضفة الغربية في قبضة الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب الأيام الستة. 

وتملك سلوان جزءا كبيرا من الأراضي المشاع الواقعة بين القدس والبحر الميت، وأهمها منطقة السهل الأحمر الواقعة اليوم على طريق القدس-أريحا، والتي عرفت تاريخياً بخان السلاونة أو الخان الأحمر. 

صودرت أراضي خان السلاونة بعد حرب 1967 وأقيمت عليها مستعمرة "معالي أدوميم"، وتقوم مجموعة من المؤسسات الاستيطانية الإسرائيلية ذات الأجندة السياسية اليمينية المتطرفة باستثمار القانون الإسرائيلي واستغلاله لمحاولة الاستيلاء على مساحات أخرى من مساحة البلدة وأهم هذه القوانين العنصرية "قانون العودة" اليهودي، بالإضافة إلى "قانون حرس أملاك الغائبين" الذي ينص على فقدان ممتلكات كل فلسطيني اضطر إلى الخروج من فلسطين أو السفر أثناء احتلال القدس في عام 1967. 

ويبلغ عدد سكان سلوان التاريخية اليوم حوالي 59 ألف نسمة، بالإضافة إلى 2800 مستوطن أقاموا 78 بؤرة استيطانية بالبلدة بقوة جنود وسلطات الاحتلال. 

 

                                        واجهة سلوان

قسمت بلدية القدس الغربية البلدة إلى عدة أحياء، منها " وادي حلوة" والذي يعتبر أكثر أحياء سلوان استهدافا من قبل المستوطنين، و"حي البستان" الذي ينوي الاحتلال إزالته لإقامة حديقة توراتية مكانه، وحي "بطن الهوى"، وحي "وادي الربابة"، وحي "وادي ياصول"، وحي "عين اللوزة". 

ويحيط خطر التهجير القسري بنحو 7 آلاف و500 فرد يعيشون في 6 أحياء بسلوان، وهؤلاء مهددون إما بهدم منازلهم بحجة البناء دون ترخيص أو بإخلائها وطردهم لصالح الجمعيات الاستيطانية الإسرائيلية. 

وتفرض بلدية الاحتلال قيودا مشددة على البناء في سلوان ما يبقي السكان أمام خيارين: إما البناء بدون رخصة أو العيش في أحياء مكتظة جدا. ويؤدي الخيار الأول إلى هدم المنزل من قبل بلدية الاحتلال بحجة عدم الترخيص أو في أفضل الحالات إلى تحرير مخالفات باهظة بحق أصحاب المنزل. 

ويعتدي أفراد شرطة الاحتلال والمستوطنون بشكل منتظم على أهالي سلوان وممتلكاتهم حتى باتت الاعتقالات التعسفية وأوامر الإقامة الجبرية، واعتداءات الشرطة جزءا من حياة أطفال سلوان اليومية.  

وعادة ما تقتحم قوات إسرائيلية مدججة بالسلاح يرافقها ضباط مخابرات البيوت في سلوان، في ساعات ما بعد منتصف الليل وتقوم باعتقال الأطفال والتحقيق معهم وتوقيفهم واعتقالهم. 

ويواجه الاحتلال المظاهرات السلمية التي ينظمها أهالي القرية بقمع شديد. ويضاف إلى اعتداءات الشرطة الاعتداءات والاستفزازات التي يقوم بها المستوطنون يوميا والذين يشكلون خطرا وتهديدا آخر على حياة الفلسطينيين في سلوان. ولا يمكن قراءة كل هذه الاعتداءات المتواصلة بمعزل عن الرغبة الإسرائيلية العميقة في ترحيل الفلسطينيين من سلوان وإضعاف الوجود العربي فيها، وفي غيرها من أحياء وقرى القدس. 

المراجع 

ـ أسيل الجندي، الجزيرة نت، ماذا تعرف عن سلوان وأحيائها؟ البلدة الأكثر تهديدا بالهدم والطرد في القدس، 27-6-2021. 

ـ بيروت حمود، ريهام عثاملة تسارع الاستيطان في القدس: التهويد "ينهش" سلوان، صحيفة الأخبار اللبنانية،  11-7-2019. 

ـ أحمد جعفر، قضية سلوان.. عربيا وإسرائيليا، قناة الحرة، 02-6-2021. 

ـ مونت كارلو الدولية، اشتباكات بين الشرطة وفلسطينيين مع بدء إسرائيل أعمال هدم في حي سلوان، 29-06-2021. 

ـ عبد الرؤوف أرناؤوط، الأناضول، "سلوان" المقدسية.. بيوت مهددة بالإخلاء أو الهدم، 10-6-2012. 


التعليقات (0)