ملفات وتقارير

ما دلالات نتائج انتخابات نقابة المهندسين بالضفة المحتلة؟

تصدرت المهندسة الفلسطينية نادية حبش الأصوات لتحصل على منصب نقيب المهندسين- فيسبوك
تصدرت المهندسة الفلسطينية نادية حبش الأصوات لتحصل على منصب نقيب المهندسين- فيسبوك

أثارت نتائج انتخابات نقابة المهندسين في الضفة الغربية المحتلة ردود فعل واسعة في الشارع الفلسطيني؛ حيث فازت قائمة العزم المشكلة من اتحاد حركة حماس والجبهة الشعبية بغالبية الأصوات، مقابل خسارة قائمة المهندس الفلسطيني المحسوبة على حركة فتح.


وتصدرت المهندسة الفلسطينية د. نادية حبش الأصوات لتحصل على منصب نقيب المهندسين؛ في نتيجة عكست خيارات الشارع الفلسطيني، في أول انتخابات تتم بعد مقتل الناشط نزار بنات على يد أجهزة الأمن التابعة للسلطة.


ويرى مراقبون أن هذه الانتخابات هي مؤشر حقيقي وواضح على توجهات الشارع بعد مقتل بنات، وما شهدته الساحة الفلسطينية من تطورات في أعقاب ذلك وبعد العدوان الأخير على قطاع غزة.


سياسي ومهني


المحلل السياسي ساري عرابي قال لـ"عربي21" إن جزءا من التصويت كان سياسيا بسبب حالة ضيق كبيرة وعارمة بتوجهات السلطة ومن يمثلها في التجمعات الشعبية؛ سواء حركة فتح أو باقي الكتل السياسية والمنظمات والهيئات المتعددة المحسوبة على حركة فتح بشكل أو بآخر.


وأوضح أن ذلك يُحسب سياسيا طالما أن الجمهور الفلسطيني لم يأخذ فرصته في انتخاب قيادة سياسية وتجديد الشرعيات للسلطة؛ وأنه ثمة ممارسات متراكمة متعددة جعلت شعبية السلطة وحركة فتح تنحسر إلى حد كبير، فلا يمكن أن نجنب الجانب السياسي عن هذا النوع من الانتخابات.


واعتبر أن الأمر كذلك غير منفك عن الجانب النقابي والمهني؛ فالحديث عن إدارات مزمنة في النقابات والعديد من الهيئات دون أي تطوير ودون أي إنجاز لجمهور المستفيدين من هذه الإدارات؛ مع تصورات أيضا غير منفكة عن الجانب السياسي من فساد أو محسوبية أو سوء إدارة.


وتابع: "أعتقد أن كلا الأمرين لا ينفصلان عن بعضهما إطلاقا؛ نتحدث عن سوء سياسات سياسية ونتحدث عن سوء سياسات في الجوانب كلها؛ ثم هناك مؤشر ثابت إذا كانت هناك إرادة في العديد من قطاعات العمل؛ إذا كان المجال السياسي مغلقا والمجال العام مغلقا أمام الفلسطينيين، فمن الواضح أنه إن كانت هناك إرادة لإعادة العمل وتحشيد النفس من جديد لأي كان تحقيق بعض الإنجازات الجزئية، لمواجهة الخط العام للسلطة السياسية في العديد من الهيئات والمنظمات الأخرى".

 

اقرأ أيضا: قراءة في نتائج انتخابات نقابة المهندسين


وحول إمكانية انعكاس نتائج هذه الانتخابات على أي نتائج انتخابات سياسية قادمة؛ أعرب عرابي عن اعتقاده أنه لا يمكن أن تحصل انتخابات سياسية في المجال الجغرافي للسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة؛ وذلك لأن قيادة السلطة وحركة فتح تدرك تماما أن شعبيتها متردية لحد كبير وكانت تدرك ذلك حتى قبل التحولات الأخيرة؛ والتي تمثلت بمقتل نزار بنات أو صفقة اللقاحات الفاسدة أو القمع الذي شهده الشارع على يد أجهزة الأمن أو معركة سيف القدس والعدوان على قطاع غزة؛ فكلها تطورات جاءت بعد إلغاء الانتخابات؛ بمعنى أنها ضاعفت وعززت من انحسار شعبية حركة فتح وشعبية السلطة، حسب تعبيره.


وتابع: "لا أتوقع أن تكون هناك انتخابات قريبة من الممكن أن تُبنى عليها تغييرات سياسية كبيرة؛ لا أعتقد بشكل عام أن أي انتخابات سياسية محكومة للاحتلال الإسرائيلي من الممكن أن تؤدي إلى تغيرات كبيرة؛ ولكن هذا لا يمنع من محاولة العمل وخلق فرص وروافد للعمل في أي إطار آخر".


وفي حال حدثت انتخابات سياسية، رأى عرابي أنه بالتأكيد ستكون نتائجها أفضل من نتائج النقابات؛ لأن انتخابات النقابات لها عوامل أخرى غير سياسية تتعلق بشبكة المصالح والعلاقات الشخصية، لكن الانتخابات السياسية العامة ستكون فيها النتائج لتيار السلطة أقل بكثير، مما هو عليه الحال في انتخابات نقابة المهندسين.


رسالة للسلطة


المحلل السياسي جهاد حرب قال لـ"عربي21" إن المهندسة نادية حبش لم تفز برئاسة نقابة المهندسين لأنها امرأة أو لأنها تنتمي للجبهة الشعبية؛ بل فوزها الحقيقي كان لأن الناس تعاطفوا معها وأوضحوا أنهم ضد القمع.


وبين أنه لو كانت النتائج هي خسارة لفتح لكانت خسرت الحركة جميع المواقع في النقابة أو في غالبيتها، حيث أن تحالف حزب الشعب وفتح حصل على 11 مقعدا؛ وهذا ليس خسارة لفتح بقدر ما كان قرار مواجهة للقمع الذي جرى خلال الشهرين الماضيين.


وأشار إلى أن حبش هي جزء من الأشخاص الذين تم قمعهم أمام مركز شرطة البالوع في مدينة البيرة؛ فالجمهور يرفض الأشكال السلطوية للقمع في الوقت الذي يحافظ فيه على مكانة حركة فتح فيما يتعلق بالمراكز أو في المحافظات.


وأكد أن حركة فتح فازت في منصب أمين السر وفازت بعشر دوائر في عشر محافظات؛ وبالتالي لم تخسر بقدر ما خسرت السلطة لاستخدامها الأدوات السلطوية ضد المواطنين الفلسطينيين.
وتابع: "لا أعتقد أن الجانب المهني كان له تأثير كبير على طبيعة النتائج؛ رغم أن حبش وشهاداتها وعلمها ودورها المهني وجوائزها هامة؛ لكن في هذه المرحلة فوزها كان بشكل رئيسي رسالة للسلطة بسبب استخدامها لأشكال تعبر عن سلطويتها".

 

اقرأ أيضا: عائلة نزار بنات تتجه لبريطانيا لفتح تحقيق رسمي باغتياله


واعتبر أن ذلك يؤدي إلى خسارة السلطة لجمهورها الفلسطيني وجمهور المهنيين الفلسطينيين؛ وهي رسالة للنقابات الأخرى كذلك أن السلطة إذا استمرت بذلك؛ فسوف تتسبب في خسارة حركة فتح للمراكز الرئيسية فيما يتعلق بمراكز النقابات المهنية.


المنافسة القوية


المهندس عمر الدهمان الذي فاز بانتخابات النقابة في محافظة الخليل عن قائمة المهندس الفلسطيني المدعومة من حركة فتح؛ أكد أن فوزه يدل على ثقة المهندسين كافة بهذه القائمة.


وقال لـ"عربي21" إن وجود عدد كبير من المهندسين الذين شاركوا في الانتخابات، يدلل على أن المنافسة كانت قوية؛ مقدما شكره لجميع من أعطاه الثقة وزملاءه في القائمة الذين عملوا بجهد للوصول إلى هذه المرحلة.


وحول البعد السياسي لانتخابات نقابة المهندسين؛ رأى الدهمان أنه من الممكن أن تكون القوائم المشكلة لها علاقة بانتماءات سياسية؛ ولكن في النهاية فإن الذين فازوا من أكثر من قائمة يعكسون التوجهات المهنية للمهندسين.


وأكد على أن المهندسين الفائزين بثقة الناخبين يجب أن يعملوا بشكل موحد وطني ومهني لخدمة المهنة والمهندسين كافة، مشددا على أن النقابة هي جزء من مؤسسات الوطن لدعم دولة فلسطين حتى يكون الكل قادراً على محاربة الاحتلال بنفس واحد.


المهنية أولا


المهندس يزن جبر الذي فاز برئاسة فرع مدينة نابلس في انتخابات نقابة المهندسين؛ قال إن النتائج لم تكن مفاجئة خاصة في نابلس التي فازت فيها قائمة العزم بكل المقاعد؛ وذلك لأن القائمة ما يميزها هو المهنية بامتياز.


وأكد لـ"عربي21" إن تغليب المهنية على الحزبية كان دافعا لفوز القائمة؛ إضافة إلى كونها قائمة شبابية بامتياز؛ حيث أن معدل الأعمار فيها 38 عاما وكلهم ناجحون ولهم علاقات في العمل الهندسي العام والعمل التطوعي بعيدا عن المناصب؛ ومعروفون بنظافة اليد والأمانة والاستقامة ومجربون بالعمل العام والخاص وناجحون في أشغالهم.


وأوضح أن هذه التوليفة والتآلف كانت عاملا من عوامل النجاح؛ إضافة إلى حسن إعداد القائمة وملامسة هموم الناس والمهندسين ما كان له أثر ايجابي، كما أن الناس يحبون التغيير والتجربة والبديل في دور مجتمعي ووطني ومسؤولية مجتمعية نحو التغيير والنهوض بالمدينة للأفضل.


وحول التأثير السياسي لهذه الانتخابات، قال جبر إن الشعب الفلسطيني المحتل معظمه مؤطر ولديه خلفية حزبية وأيدلوجية؛ ولكن في نقابة المهندسين ما يجمعهم أكثر هو المهنية؛ فمن يجدون فيه الكفاءة والقدرة على التقديم يتم التحالف معه بغض النظر عن خلفيته السياسية.


وأضاف: "المنهج والمهنية والكفاءة ونظافة اليد والأمانة والسمعة الطيبة هي المعيار ونعمل معا بهذا النفس، نحن مع أن نغلب المهنية على الحزبية ولكن هذا لا يعني إنكار الخلفية الحزبية والتنظيمية".

التعليقات (0)