حقوق وحريات

حقوقيون: الإخفاء القسري بمصر جريمة لا تتوقف.. "أرقام مخيفة"

منظمات حقوقية: أعداد المختفين قسريا منذ الإنقلاب العسكري وصل إلى 11.224 منهم 3.045 خلال عام 2020- أ ف ب/أرشيفية
منظمات حقوقية: أعداد المختفين قسريا منذ الإنقلاب العسكري وصل إلى 11.224 منهم 3.045 خلال عام 2020- أ ف ب/أرشيفية

تتجدد آلام آلاف الأسر المصرية كلما حل اليوم العالمي للإخفاء القسري، بسبب استمرار إخفاء ذويهم قسريا دون معرفة أي معلومات عنهم، سواء كانوا أحياء أو أمواتا، وهو ما يجعلهم في حيرة دائمة ومعلقين بين الأمل تارة واليأس تارة أخرى.

 

ومما يزيد آلام أسر المختفين قسريا، هو طول مدة الإخفاء التي بدأت منذ انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013، الذي قاده وزير الدفاع حينها عبد الفتاح السيسي ضد أول رئيس مدني منتخب في مصر، محمد مرسي، وإن كان هناك آخرون مختفين منذ ثورة كانون الثاني/يناير 2011.


ووثقت منظمات حقوقية أعداد المختفين قسريا منذ الانقلاب العسكري وحتى الآن، التي وصلت إلى 11.224، منهم 3.045 خلال عام 2020.

 

أما منظمة العفو الدولية فقد تحدثت في تقاريرها عن مئات الأشخاص ونقلت عن منظمات أخرى لم تسمها أن "ثلاثة أو أربعة أشخاص في المتوسط يختفون قسرا يوميا منذ بداية 2015". وقالت المنظمة إن معظم الضحايا من أنصار الرئيس الراحل محمد مرسي إلى جانب نشطاء علمانيين وحالات فردية أخرى بسبب صلات قرابة.


كما أصدرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان مؤخرا تقريرا ترصد فيه استمرار السلطات المصرية في إخفاء عدد من الأطفال قسرا، منذ اعتقالهم بواسطة قوات الأمن، ورغم وجود شهود عيان على وقائع الاعتقال، إلا أن السلطات المصرية تنكر علاقاتها ومعرفتها بمصيرهم. وهو ما يعد مأساة لعدد من الأسر المصرية، أيضا رصدت أكثر من 100 حالة اختفاء قسري لمواطنين مصريين بمختلف أعمارهم، أغلبهم من فئة الشباب بمحافظات مصر المختلفة.


ويعرّف القانون جريمة الاختفاء القسري بأنها "اختطاف شخص ما، أو سجنه سرًا، على يد دولة أو منظمة سياسية أو طرف ثالث لديه تفويض أو دعم أو إقرار من دولة أو منظمة سياسية، مع رفض الجهة المختطفة الاعتراف بمصير الشخص ومكان وجوده، وذلك بغرض وضع الضحية خارج حماية القانون".

محاولات للترويع 

يقول مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان هيثم أبو خليل: "أزمة الاختفاء القسري ستظل موجودة بمصر طالما أن السيسي موجود بالسلطة، وهو من أتى بوزير الداخلية السابق مجدي عبد الغفار في مارس 2015 من أجل تحقيق هدفين، التصفية الجسدية والاختفاء القسري كوسيلة للترويع، وهو ما يجري حتى الآن بسيناء طبقا لتقرير لرويترز الذي وثق 465 حالة قتل خارج إطار القانون".


وحول ما الذي يجب فعله قال أبو خليل في حديثه لـ"عربي٢١": "لا بد من إرادة دولية تجاه هذا الملف وكذلك التصفية خارج القانون، وكان يجب أن يكون لأمريكا دور جاد بعد وصول بايدن للسلطة، ولكن يبدو أن هناك تفاهمات بين السيسي وأمريكا مفادها، عدم الضغط في ملف حقوق الإنسان، مقابل الضغط لغلق الأنفاق لمنع وصول السلاح لفلسطين حماية للكيان الصهيوني، مؤكدا أن الحل لدى الشعب المصري، هو إذا أراد سوف تحل مشكلة المختفين وكذلك المعتقلين في 24 ساعة فالشعب هو الحل". -حسب قوله-.


دور القضاء


من جانبه قال المستشار محمد سليمان إن أزمة المختفين قسريا ستظل قائمة طالما بقي الحكم البوليسي الديكتاتوري، الذي لا يأبه بحقوق الإنسان ولا يكترث إلا بتأمين سلطانه وقمع المحكومين، وتعنته في حلها.

 

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "لا يوجد أي اهتمام بالشعب ولا حقوقه، فالحاكم الذي يصل للحكم على ظهر الدبابة لا يعنيه الإخفاء القسري أو القتل خارج إطار القانون ولا سفك الدماء بغير حق، ويكون المهم عنده هو تثبيت أركان نظامه فقط، بعكس الحكم الديمقراطي الذي يقول فيه الشعب كلمته ويكون للشعب الدور الأساسي في اختيار من يحكمه".

وطالب بضرورة تسليط الضوء على حالات الاختفاء القسري وممارسة الضغوط عن طريق المنظمات الحقوقية الدولية للكشف عن مصير هؤلاء المختفين.


وفيما يتعلق بدور القضاء تجاه هذه القضية أكد أن للقضاء دورا أصيلا في كشف تلك الجرائم ومعاقبة مرتكبيها، والنيابة العامة يجب أن تحقق في بلاغات الإخفاء وتفتيش أماكن الاحتجاز في الجهات الشرطية، ولكن عندما تخلت النيابة عن دورها وأصيب القضاء بالتسيس، ضاعت هيبة القضاء وسيطرت عليه السلطة التنفيذية، فلم يعد يمارس القضاء أو النيابة الدور المنوط بهما لكشف تلك الجرائم ومعاقبة مرتكبيها.


"جريمة لا تتوقف"


أما المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد العطار، فقال إن جريمة الإخفاء القسري التي ترتكبها السلطات الأمنية المصرية بمنهجية، هي الجريمة الأكثر بشاعة، بل إنها تقوم بذلك بارتياحية كبيرة جدا لعدم تفعيل دور النيابة العامة في رقابة ومحاسبة الأجهزة التنفيذية، مما يتسبب في استمرارية هذه الجريمة من قبل الأجهزة الأمنية واستمرارية معاناة المختفين قسرا، ولم يقف الأمر عند البالغين بل شمل الأطفال أيضا، حيث وثقت الشبكة المصرية استمرار الاختفاء القسري لسنوات لـ 6 أطفال أعمارهم وقت الاعتقال أقل من 18 عاما.


وحول أعداد المختفين قسريا قال العطار في حديثه لـ" عربي٢١": "الحقيقة لا يوجود رقم دقيق لأعداد المختفين قسرا ضحايا جريمة الاختفاء القسري في مصر لأسباب عديدة، بعضها يتعلق بالتضييق الأمني وخوف الأهالي من الإبلاغ عن اعتقال ذويهم واختفائهم قسرا، وكذلك لصعوبة التواصل مع بعض الأهالي، وكلها أسباب تجعل الحصول على أرقام دقيقة لأعداد المختفين قسرا أمرا صعبا.


وحذر من خطورة ما يتردد بشأن بعض المختفين قسريا من تصفية جسدية، لافتا إلى تصريحات سابقة لجورج إسحاق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان عندما ظهر على إحدى القنوات الفضائية وذكر أن الشرطة المصرية قد قامت بتصفية 10 من أبناء سيناء كانوا معتقلين ومختفين قسرا.

 

التعليقات (0)