قضايا وآراء

انتخابات 8 أيلول/ سبتمبر 2021 في المغرب.. رهانات على المحك

امحمد مالكي
1300x600
1300x600
يتوجه قرابة ثمانية عشر مليون ناخب وناخبة، يوم الأربعاء 8 أيلول/ سبتمبر 2021، للإدلاء بأصواتهم في ثالث اقتراع عام بعد صدور دستور 2011 المغربي، وخامس انتخابات في عهد الملك "محمد السادس".

ويتميز الاقتراع القادم بكونه يشمل ثلاثة مجالات: التصويت على كل من أعضاء الجماعات المحلية، وتسعين مقعدا موزعة على 12 جهة، و305 مقاعد لمجلس النواب، المكون دستوريا من 395 نائبا.

وبحسب الأرقام الرسمية والبيانات الصادرة عن وزارة الداخلية، يمثل الذكور 54 في المئة من مجموع المسجلين بالقوائم الانتخابية، بينما تشكل النساء 46 في المئة من مجموع الكتلة الناخبة. أما من حيث التوزيع الجغرافي، فنصيب الوسط الحضري 54 في المئة، ونظيره القروي 46 في المئة. ومن حيث التركيبة العمرية، شكلت الفئة ما بين 18 و24 عاما 8 في المئة، وما بين 25 و34 سنة 19 في المئة، وما بين 35 و44 سنة 21 في المئة. أما الفئة ما بين 45 و44 عاما فتشكل 24 في المئة، وفئة 55 و59 عاما فمثلت 9 في المئة من الكتلة الناخبة، أما الذين تجاوزت أعمارهم ستين سنة فنصيبهم 23 في المئة.

يُسجل للانتخابات المنتظر تنظيمها بعد يومين؛ احترامها للآجال الدستورية والقانونية، وإعدادها للإجراءات التنظيمية، من حيث إعداد قوائم المسجلين وتحيينها، والنظر في ملفات الترشيح، وتنظيم مكاتب التصويت على صعيد التراب الوطني، وتوضيح شروط ومقتضيات الحملات الانتخابية ومتابعة سيرها، وترتيب قواعد الإشراف على حسن سير عملية التصويت يوم الاقتراع، وما إلى ذلك من الأمور اللوجستية الخاصة بسير الانتخابات.
يُسجل للانتخابات المنتظر تنظيمها بعد يومين؛ احترامها للآجال الدستورية والقانونية، وإعدادها للإجراءات التنظيمية، من حيث إعداد قوائم المسجلين وتحيينها، والنظر في ملفات الترشيح، وتنظيم مكاتب التصويت على صعيد التراب الوطني، وتوضيح شروط ومقتضيات الحملات الانتخابية ومتابعة سيرها، وترتيب قواعد الإشراف على حسن سير عملية التصويت يوم الاقتراع

ومن زاوية المرشحين لخوض غمار الاقتراع، تشارك رسميا 32 حزبا من كل أطياف اللون السياسي، تتراوح أوزانهم بين التنظيمات الصغيرة وحديثة النشأة، والكبيرة، الأكثر قدما من الناحية التاريخية. أما خطاباتها الانتخابية، فتنوعت شعاراتها، وتعددت وعودها، وتشابهت إلى حد التماهي والتداخل في وعودها للمواطنين. وقد أجمعت، بالمقابل، على قيم "النزاهة"، و"خدمة الصالح العام"، والإنصات للمواطن والقرب منه"، و"محاربة الفساد"، و"التفاني في تحقيق المشاريع التنموية المرتبطة بالمواطنين". ومن يستمع لتصريحات مرشحي الأحزاب وقادتهم، أو يطلع على منشوراتهم الانتخابية يعتقد أن المغرب مقبل فعلا على "ثورة حقيقية" في تغيير مجالاته الترابية المحلية والجهوية، ومؤسساته الوطنية (البرلمان).

ننتظر إذن ما ستسفر عنه انتخابات 8 أيلول/ سبتمبر 2021، ونتساءل عن الرهانات المنتظرة التي سيشكل الاقتراع القادم محكها الحقيقي، والتي نقدر ارتباطها العميق بثلاث إشكاليات من طبيعة مركبة بالنسبة للمجال السياسي والحزبي المغربي، وهي تباعا:

1- يتعلق الرهان الأول بقضية المشاركة السياسية، التي يشكل يوم الاقتراع أحد لحظاتها القوية. فالحياة السياسية المغربية تعاني منذ عقود من ظاهرة العزوف، والاستنكاف عن المشاركة في عمليات التصويت، وفي آخر اقتراع تشريعي لعام 2016 لم تتجاوز نسبة المشاركين في التصويت 29.42 في المئة، بنسبة تناقص عن اقتراع 2011 وصلت 85.6 في المئة، ولا توجد اليوم مؤشرات واضحة وقطعية عن تزايد الإقبال على المشاركة، لا سيما وأن الحملات الانتخابية التي انطلقت منذ أيام، طبعتها الحالة الوبائية وإجراءاتها الاحترازية، وعقدت من إمكانيات سيرها العادي ظروف اتساع المجال الجغرافي خصوصا في الوسط القروي، وضعف التواصل الانتخابي وبؤس لغته، وعمومية شعاراته. فالعالم القروي، على وجه التحديد، يحتاج إلى جهود من قبل المرشحين لإقناع سكانه، وزرع الثقة في نفوسهم، كما يتطلب إرادات صادقة لربط الوعود بالإنجازات، وهو ما يبدو بعيدا في مجمل الدوائر الترابية، الجماعية والجهوية.
يتعلق الرهان الأول بقضية المشاركة السياسية، التي يشكل يوم الاقتراع أحد لحظاتها القوية. فالحياة السياسية المغربية تعاني منذ عقود من ظاهرة العزوف، والاستنكاف عن المشاركة في عمليات التصويت


2- يرتبط الرهان الثاني بمدى استعداد الأحزاب المشاركة وقدرتها على تجديد نخبها المرشحة، بفتح المجال للشباب والنساء، والتركيز على ذوي الخلفيات المؤهلة لخوض تجربة التمثيلية في المجالس الجماعية والجهوية والمؤسسة التشريعية. ومرة أخرى، شكلت مسألة تجديد النخب تحديا بالغ التأثير في التجارب الانتخابية المغربية. وعلى الرغم من كل الإصلاحات الدستورية والقانونية والمؤسساتية التي أولت مكانة لفئات الشباب والنساء، ما زالت قضية تجديد النخب وانتقاء أفضلها؛ من المعوقات البنيوية في العمل الحزبي والسياسي المغربي. ويبدو من خلال إطلالة أولية على أسماء المرشحين أن هناك أعدادا من الشباب، ذكورا وإناثا، واضحة في اقتراع الثامن من هذا الشهر، لكن تبقى مطروحة مشكلة الكفاءة والقدرة على إنجاز مهمة التمثيلية، والحرص على تحكيم قيم النزاهة وخدمة الصالح العام.

3- يمثل رهان فصل "المال" عن "السلطة"، وعدم استعمال المال لإفساد العملية الانتخابية؛ إحدى القضايا الشائكة في تجارب المغرب الانتخابية. والواقع أنه على الرغم من وعي الجميع بخطورة استعمال المال لإفساد إرادات الناخبين، وإفساد المؤسسات عامة، وعلى الرغم من الإصلاحات القانونية والمؤسساتية، التي وصلت حد تجريم استعمال المال بكل أنواعه في التأثير السلبي على إرادات الناخبين، ما زال الفساد ينخر العملية السياسية، وما زال مستغلو المال يضغطون على أحزابهم، ويؤثرون سلبا على نزاهة العملية الانتخابية.

ليس لدي اليقين، ونحن على مسافة يومين من اقتراع 8 أيلول/ سبتمبر 2021، بأن المغرب سينجح في توجيه هذه الرهانات الثلاثة في الاتجاه الذي يعزز الدمقرطة في البلاد، ويقطع الطريق على من يريد من المغرب أن يبقى في منتصف الطريق، أو يعمل على إرجاعه إلى الخلف. فمن أجل تمكين البلاد من تحقيق إنجازاتها الكبرى، ورفع التحديات الداخلية والإقليمية والدولية، يحتاج المغرب القطع مع العزوف السياسي، واستعمال المال الفاسد، وتكور النخب ودورانها حول نفسها.. إذا حققنا ستين في المائة من رفع هذه الرهانات سنوطد طريق الدمقرطة في بلادنا، أما إذا لم نقدر على كسب هذه الرهانات، وكانت نتائج اقتراعنا المقبل مكرسة لبقاء هذه التحديات فإننا سنضيع، مرة أخرى، موعدنا مع التاريخ.

 


التعليقات (0)