صحافة دولية

الغارديان: إقرار صفقة سلاح مع الرياض يتناقض مع تعهدات بايدن

وعد بايدن في السابق بعدم بيع الأسلحة للسعودية - جيتي
وعد بايدن في السابق بعدم بيع الأسلحة للسعودية - جيتي

تساءلت صحيفة "الغارديان" في تقرير مشترك أعدته ستيفاني كيرتشغاسنر وبيثان ماكرنان عن تراجع الرئيس جو بايدن عن تعهداته بعدم بيع الأسلحة للسعودية بعد أن قرر تمرير صفقة أسلحة بقيمة 500 مليون دولار.

وحسب التقرير، اعتبر منتقدو الصفقة أنها تتعارض مع سياسات بايدن بعدم تقديم أسلحة "هجومية" قائلين إن صفقة السلاح ستمكن السعودية من مواصلة الغارات بالمروحيات الهجومية ضد الحوثيين في اليمن. وكان قرار وقف منح كل الأسلحة "الهجومية" إلى السعودية، هو أول القرارات في أهداف السياسة الخارجية للإدارة الجديدة، الأمر الذي وصفه بايدن بأنه التزام بـ "وقف كل الدعم" للحرب التي خلفت "كارثة إنسانية واستراتيجية". ومنحت السعودية ترخيصا من وزارة الخارجية للدخول في العقد لدعم أسطول قيادة القوات البرية الملكية المسلحة من مروحيات أباتشي وبلاكهوك والأسطول في المستقبل من مروحيات شينوك.

ويشتمل العقد على التدريب وخدمات 350 من المتعهدين الأمريكيين في العامين القادمين بالإضافة لموظفين من الحكومة الأمريكية. وأعلن عن الصفقة لأول مرة في أيلول/سبتمبر الماضي.

وقال ستيف بيندر، المدير في برنامج الديمقراطية في الشرق الأوسط: "حسبما أرى فهذا تناقض مباشر مع سياسة الإدارة. فهذه المعدات يمكن استخدامها في عمليات هجومية، ولهذا أجد هذا مثيرا للقلق". وتعلق الصحيفة أن قرار تمرير صفقة الصيانة العسكرية يأتي في وقت خففت فيه الإدارة من نهجها تجاه المملكة وعقدت سلسلة من اللقاءات وعلى مستوى عال بين المسؤولين الأمريكيين ونظرائهم السعوديين.

ويقول الخبراء الذين يدرسون الحرب في اليمن واستخدام السعودية للأسلحة بأن طائرات الأباتشي تستخدم في معظم الأحيان على الحدود السعودية- اليمنية. ويشيرون لصعوبة الإشارة لخروقات واضحة للقانون الدولي الإنساني حدثت بسبب استخدام السعودية لمروحيات الأباتشي نظرا لعدم توفر البيانات وصعوبة التأكد من صحتها.

اقرأ أيضا: مسؤول أمريكي: بايدن لن يلتقي ابن سلمان في قمة العشرين


وبرأت الجهة التي تحقق في الحوادث التابعة للتحالف الذي تقوده السعودية والمعروفة باسم "الفريق المشترك لتقييم الحوادث" أعضاء الحكومات من أية مسؤولية قانونية في معظم الحوادث. فالسعودية والإمارات ومصر هي الدول الوحيدة في التحالف التي تملك طائرات أباتشي.

ويعتبر أكبر خرق للقانون الدولي الإنساني تم توثيقه عن استخدام المروحيات في آذار/مارس 2017 عندما قتل 42 لاجئا صوماليا ومدني يمني، فروا من اليمن باتجاه بورتسودان حيث تعرض قاربهم لضربة من قارب تابع للتحالف وقصف من مروحية أباتشي.

وحسب تقرير نشر في أيلول/سبتمبر 2017 بمجلة "إيرفورس مونثلي" فإن خمس مروحيات سعودية فقدت في اليمن مما يشير إلى استخدامها في عمليات قتالية.

 ويقول توني ويلسون، مؤسس ومدير مشروع "رصد قوات الأمن" بجامعة كولومبيا إنه من الصعب رؤية أن اتفاقية صيانة المروحيات لن تدعم العمليات العسكرية السعودية في اليمن. وعبر مايكل نايتس الزميل في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى عن اعتقاده باستخدام مروحيات الأباتشي في مهام وصفها "بالدفاعية" على الحدود مع اليمن. وعليه، فعقد الصيانة لا يتناقض مع الموقف المعلن من البيت الأبيض. ويرى الباحث أن التحرك الأمريكي يعكس اعترافا من إدارة بايدن أن هزيمة السعودية على يد الحوثيين الذين تدعمهم إيران سيرسل "رسالة سلبية".

وفي رد على سؤال حول مراجعة استخدام السعودية للمروحيات قبل تمرير عقد صيانة الأباتشي، قال المتحدث باسم الخارجية إن الوزارة "راجعت بتفصيل كل الاتهامات حول انتهاكات حقوق الإنسان أو خرق القانون الدولي الإنساني"، بما فيها تلك المرتبطة بالتحالف الذي تقوده السعودية. وقالت الوزارة إنها توصلت إلى أن "غالبية" الحوادث تسببت بها ذخيرة جو- أرض من مقاتلات، وهو ما قاد الإدارة لتعليق شحنتين سابقتين لذخيرة جو- أرض.

وقال المتحدث باسم الخارجية إن إدارة بايدن أكدت ومنذ أيامها الأولى أنها ستعمل مع السعوديين لمساعدتهم على تقوية دفاعاتهم ضد الهجمات المتكررة من الحوثيين على أراضيها. وعليه "فمواصلة صيانة خدمات الدعم المقترحة ستساعد السعوديين للحفاظ على قدرات الدفاع عن النفس ومواجهة التهديدات الحالية وفي المستقبل".

وتتقاطع هذه السياسات مع أهداف الرئيس بايدن لإنعاش الدبلوماسية الأمريكية ودعم العملية التي تقودها الأمم المتحدة من أجل تسوية سياسية ووقف الحرب في اليمن.

اقرأ أيضا: بايدن: هبوط أسعار النفط يتوقف على إجراءات السعودية

لكن خبراء آخرين يرون أن عقد الـ 500 مليون دولار يمثل تحولا مهما من جانب البيت الأبيض، ويعبر عن تخل من بايدن عن حملته لتحويل السعودية إلى "منبوذة" كما تعهد في حملته الانتخابية. وقالت ياسمين فاروق، الباحثة في وقفية كارنيغي للسلام العالمي: "يخبرك الكثير من الخبراء بعدم وجود فرق بين السلاح الدفاعي والهجومي. وأعتقد أن الحديث عن الفرق كان منذ البداية محاولة لخلق فجوة تسمح باستمرار التعاون العسكري" و"عندما وصلوا أول مرة إلى البيت الأبيض تمسكوا بحديثه عن ضرورة مراجعة صفقات الأسلحة، حتى انتهت عملية البيع".

ورغم مشاركة الولايات المتحدة في المفاوضات لحل الأزمة اليمنية إلا أن جهودها لم تكن ناجحة كما يقول بيندر و"لم تكن قادرة على تغيير الديناميات على الأرض ولا حسابات اللاعبين الكبار فيها".

وعبر الخبراء عن قلقهم من غياب المحاسبة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان بعدما صوتت روسيا والبحرين وبقية أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لوقف تحقيق جرائم الحرب في اليمن. وقال المحققون في السابق إن جرائم الحرب ارتكبتها أطراف الحرب.

وقال شخص على معرفة بالأمر إنه بات من الواضح وقبل أسبوع من التصويت على القرار لتجديد عمل ما عرفت بلجنة الخبراء البارزين، أن عملهم يواجه معوقات. وقال إن البحرين قادت الجهود ضد تمديد عمل الخبراء وكان قرار اليابان الامتناع عن التصويت بمثابة الضربة القاضية.

وأضاف هذا الشخص: "ما فعله هذا هو إرسال رسالة ومرة أخرى في سياق اليمن من أن السعودية ودول الخليج محصنة من المحاسبة الجماعية عما حدث في اليمن خلال السنوات السبع الماضية". و"كانت مهمتنا هي تذكير أطراف الحرب أنكم لن ترتكبوا هذه الأفعال دونما توقع تداعيات، وقد اختفى هذا الصوت الآن".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إن الولايات المتحدة تشعر بخيبة الأمل لإغلاق مجلس حقوق الإنسان عمل لجنة الخبراء عن اليمن.

 

التعليقات (0)