سياسة تركية

تعرف على مشروع لأردوغان أثار احتجاجا شهيرا لإسقاط حكومته

شهدت منطقة تقسيم احتجاجات واسعة قبل سنوات ضد الحكومة بسبب المركز الثقافي- جيتي
شهدت منطقة تقسيم احتجاجات واسعة قبل سنوات ضد الحكومة بسبب المركز الثقافي- جيتي

بالتزامن مع احتفالات ذكرى تأسيس الجمهورية الـ98، افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "مركز أتاتورك الثقافي" بمدينة إسطنبول، قبل أيام، والذي يعد ضمن المشاريع الذي سعى لتحقيقها، وبسببه اشتعلت الاحتجاجات في ما يعرف بـ"أحداث غيزي بارك" عام 2013.

وفي عام 2013، شهدت تركيا احتجاجات واسعة عرفت بـ"غيزي بارك" حيث قاد ناشطون مظاهرات ضد قرار إزالة الأشجار في ميدان تقسيم ليقام محلها مبنى على شكل ثكنة عسكرية قديمة على الطراز العثماني يضم مركزا ثقافيا.
 
وتطورت الاحتجاجات إلى أعمال شغب، واتسع الأمر ليشمل مدنا أخرى، مطالبة بإسقاط الحكومة التركية.

وشنت حركة "أنونيموس" هجمات إلكترونية على مواقع الحكومة التركية، إذ اخترقت موقع رئاسة الوزراء، وشارك في الهجمات أيضا جيش النظام السوري الإلكتروني الذي اخترق الموقع الرسمي لوزارة الداخلية التركية، ووضع عليه عبارة "التصعيد ضد ظلم واستبداد أردوغان".

وأشار الرئيس التركي خلال مراسم الافتتاح الجمعة الماضي، إلى أن حكومته عملت منذ سنوات على إعادة بناء مركز أتاتورك الثقافي الذي يعد واحدا من رموز مدينة إسطنبول، إلا أنها واجهت العراقيل في كل خطوة تتخذها.

ولفت في هذا الإطار إلى الحملات التي أطلقتها (المعارضة) قبل سنوات من أجل عدم هدم المبنى القديم المهترئ، رغم إعلان الحكومة أنها ستبني مركزا ثقافيا جديدا أجمل وأحدث.

وقال إن حكومته تخطت "العراقيل المصطنعة" كافة، ووضعت حجر الأساس لمركز أتاتورك الثقافي الجديد في نهاية المطاف عام 2019.

وأوضح أنه "رغم أننا قلنا منذ البداية إننا سنجعل هذا المكان أكثر جمالاـ وأكثر فائدة، تحولت القضية إلى هوس أيديولوجي وحسابات سياسية، ومناسبة لإحداث الفوضى من بعض الدوائر". 

وتابع: "لم ننس كيف تحول ذلك المبنى إلى استعراض للقوة للمنظمات الإرهابية خلال أحداث غيزي".

وقال: "أنشأنا عملا ضخما سيوفر خدمات ثقافية وفنية لا تنسى لإسطنبول والعالم، آمل أن يشعر أولئك الذين عارضوا مشروع تجديد البناء لسنوات طويلة ولجأوا فيها إلى اختلاق الأكاذيب والافتراءات، بالحرج أمام هذا العمل".

وتبلغ المساحة الإجمالية للمركز 95 ألف متر مربع، وتم تشييده خلال فترة قياسية تبلغ عامين ونصف فقط، ويطل على ميدان تقسيم.

ويتكون المركز الجديد من 5 أجزاء، أهمها وأكبرها قاعة الأوبرا التي تبلغ مساحتها الإجمالية نحو 48 ألف و705 أمتار مربعة والمكونة من 4 أقبية وطابق أرضي إضافة إلى 9 طوابق، وتتسع لألفين و40 شخصاً.

ويعتلي قاعة الأوبرا قبة ضخمة استخدم في بنائها حوالي 15 ألف قطعة سيراميك حمراء صنعت يدويا خصيصاً لهذا الغرض، والتي يمكن رؤيتها من خارج المبنى بفضل استخدام الزجاج الشفاف في الواجهة الأمامية للمبنى.

ويضم المركز مسرحاً تبلغ مساحته 16 ألفاً و228 متراً مربعاً، ويتكون من 4 أقبية وطابق أرضي إضافة إلى 5 طوابق، ويتسع لـ805 أشخاص.

وإلى جانب قاعة الأوبرا والمسرح الكبير، يضم المركز بين جدرانه قاعة مؤتمرات تتسع لـ1000 شخص، ومسرحا سينمائيا يتسع لـ285 شخصاً، ومسرح تدريب صغيراً يتسع لـ250 شخصا، بالإضافة إلى قاعة عرض ومكتبة وموقف سيارات يتسع لـ885 سيارة.

ويحوي المركز بين جنباته "زقاق الثقافة" الذي سيحتضن صالة عرض فنية ومطعماً ومقهى ومركزاً فنياً للأطفال ومنصة موسيقية.

 




ما قصة مركز أتاتورك الثقافي؟


تم وضع حجر الأساس لمبنى الأوبرا في عام 1946، كأول دار أوبرا في تركيا، وتمت إحالة أعمال بنائها لوزارة الأشغال العامة بعد سبع سنوات لأسباب مالية، وعينت الوزارة حياتي تبان أوغلو مسؤولا عن هندسة المشروع واستمرت أعمال البناء في عام 1956.

وفي عام 1969، تم الانتهاء من عملية البناء، وتم تسليمه إلى مديريتي الأوبرا والباليه، ومسرح إسطنبول الحكومي للبدء بتشغيله، وتم افتتاح المبنى باسم "قصر إسطنبول الثقافي".

ونشب في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1970 حريق في المبنى خلال عرض مسرحية "مرجل الساحرة"، وألحق أضرارا كبيرة في المبنى، واحترق قفطان تابع للسلطان تم جلبه من قصر "طوب قابي" لاستخدامه في مسرحة "السلطان مراد الرابع"، ونسخة من القرآن الكريم ولوحة رسم.

وتم افتتاح المبنى الذي تم إصلاحه من المهندس المعماري تبانلي أوغلو، لتشغيله مرة ثانية بعد ثماني سنوات في 6 تشرين الثاني/ أكتوبر 1978، ولكن تحت مسمى "مركز أتاتورك الثقافي في إسطنبول".

وفي عام 2005، اقترح وزير الثقافة التركي الأسبق أتيلا كوتش، أن يتم هدم البناء وبناء آحر مكانه، لكن المقترح قوبل بردود فعل غاضبة ليتراجع الوزير عن الفكرة.

 

يشار إلى أن مركز أتاتورك الثقافي بني على مساحة 14 ألفا و616 مترا مربعا، على أرض مساحتها 31 ألف و702 متر مربع، وكان المبنى يحتوي على قاعة كبيرة تتسع لـ 1307 أشخاص، وقاعة حفلات بسعة 502 شخص، ومسرح بسعة 296 شخصا، ومسرح سينمائي بسعة 206 أشخاص، بالإضافة إلى مسرح "عزيز نسين" بسعة 190 شخصا، والذي تمت إضافته في عام 1993، بالإضافة إلى قاعة عرض كبيرة في الطابق العلوي.


في عام 2008، بعد مهرجان المسرح الدولي، تم إغلاقه من أجل التجديدات، وبقي مغلقا منذ ذلك الوقت، حيث تم تسليم مشروع التجديد إلى تبانلي أوغلو، ولكن تم إيقافه بحكم قضائي نتيجة دعوى قدمت من اتحاد عمال الثقافة والفنون ولسياحة.

وفي عام 2009، تم توقيع بروتوكول بين كافة الأطراف المعنية من أجل الحفاظ على المبنى وتقويته، وكلف مراد نجل حياتي تبانلي أوغلو لأعمال الترميم.


وفي شباط/ فبراير بدأت عملية الترميم بمساهمة وقف "سبانجي" بمبلغ 30 مليون ليرة تركية، وكان من المخطط أن يرجى الافتتاح في 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2013 (ذكرى تأسيس الجمهورية)، ولكن أوقفت وزارة الثقافة العمل فيه في 15 أيار/ مايو 2013.

واندلعت الاحتجاجات في ذلك الوقت في ما يعرف بأحداث "غيزي بارك" وتم وضع شعارات وأعلام العديد من الأحزاب والجماعات المختلفة، وشعارات مهينة للرئيس أردوغان، على الواجهة الأمامية لمركز أتاتورك الثقافي الذي أصبح أحد المعالم لاندلاع تلك الاحتجاجات.

 



 
واستُخدم مركزا للشرطة لأكثر من عام بعد أحداث "غيزي بارك"، وسط اعتراضات حادة من المعارضة التركية.

وفي آذار/ مارس 2015 ظهرت مبادرة جديدة من أجل البدء بأعمال التجديد والترميم في المبنى، قوبلت باعتراضات واتهامات للحكومة بأنها "محتلة للمبنى المسلوب"، وشكوى جنائية، ومطالبات من الفنانين اليساريين للبناء بعد مزاعم أنه سيتم تحويله إلى مركز تجاري.

وفي عام 2018، بدأت أعمال هدم المبنى القديم، وبناء آخر حديث، وقال أردوغان: "أعرب متظاهرو غيزي بارك، عن سخطهم حيال مشروع هدم مركز أتاتورك للثقاقة، وصرخوا كثيرا، وقمنا بهدمه رغم صراخكم".

وبعد الانتقال للنظام الرئاسي في البلاد في حزيران/ يونيو 2018، وإرساء أردوغان لقواعد الحكم قال في شباط/ فبراير 2019 مع وضع حجر الأساس: "سيكون مركز أتاتورك للثقافة نصبا تذكاريا للنصر ضد الذهنية اليعقوبية التي تحارب قيم الشعب ومعتقادته وتاريخ وثقافة مواطنينا".

وتم الانتهاء من البناء الجديد لمركز أتاتورك الثقافي بعد نحو 32 شهرا، وبلغت تكلفته نحو ملياري ليرة تركية.

 






 

التعليقات (0)