قضايا وآراء

الأساطير المؤسسة للخطاب السلفي المعاصر في مصر (1978- 2013)

مصطفى محيي
1300x600
1300x600
في محاولة لرصد ما جرى للسلفية في مصر خلال 35 عاما، وكيف أثرت على جيل كامل؛ من فكر ونمط حياة وطريقة في التفكير وحلم للحياة والمستقبل، وكيف كانت البداية من الانتشار في زمن مبارك حتى السقوط والانهيار المدوي بعد 30 حزيران/ يونيو 2013.

بدأت الدعوة السلفية العلمية في الإسكندرية عام 1978 عقب الانفصال التاريخي عن الجماعة الإسلامية؛ على يد ثلاثة أشخاص هم الشيخ محمد إسماعيل المقدم وياسر برهامي وأحمد فريد. وتأثرت بالسلفية السعودية، واتخذت مرجعية شرعية لها هي هيئة كبار العلماء الممثلة في الشيخ ابن باز وابن جبرين وابن عثيمين وغيرهم. وبدأت ذلك الخطاب في الارتكاز على أساطير مؤسسة لذلك الخطاب، حتى يكون فوق مستوى النقد من قبل معارضيها وحتى تضمن السيطرة الفكرية والعقلية على أتباعها، ويمكن إيجاز تلك الأساطير في خمس نقاط تدول حول أن شيوخ السلفية في مصر:

1- هم الأعلم بالكتاب والسنة وفق فهم سلف الأمة.

2- هم الأعلم بفقه الأولويات.

3- هم الأعلم بفقه الموازنة بين المفاسد والمصالح.

4- هم الأعلم بفقه التمكين.

5- هم الأعلم بفقه النوازل.

على أساس ذلك الخطاب السلفي المعاصر تمت صياغة عقل الشباب المصري على مدار 35 عاما على تلك الأفكار والمفاهيم؛ من خلال المنابر الإعلامية للدعوة السلفية في مصر والممثلة في موقع طريق الإسلام (2004) وقناة الناس (2006) وقناتي الرحمة والحكمة (2007)، ومن قبلها مجلة التوحيد الناطقة باسم جمعية أنصار السنة المحمدية في مصر، ومن خلال أشرطة الكاسيت منذ بداية التسعينات حتى نهاية القرن العشرين كان التمدد طاغيا وقويا على معظم الشباب مواليد من 1980 حتى مواليد 1990.

والتربية الإيمانية للدعوة السلفية تمر بثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: لزوم صلاة الجماعة، وهي تحث الشباب على ضرورة تأدية الصلاة جماعة في المسجد قدر المستطاع وخاصة صلاة الفجر.

المرحلة الثانية: وهي الشعور أن عدم التوفيق في الحياة من عدم الحصول على عمل وصعوبة الزواج مرده إلى الذنوب والمعاصي؛ في صورة تبرج الأم أو سفور الأخت أو عمل الأب في بنوك ربوية أو السياحة أو الاستماع للمعازف والموسيقى.

المرحلة الثالثة: وهي مرحلة الشعور بالغثائية أو الذل والهوان، وذلك مرده ابتغاء العزة في غير ما أنزل الله، وغالباً تلك المرحلة تكون ما قبل الانفجار.

وفي أعقاب غزو العراق 2003 بدأت الدعوة السلفية في الانتشار بقوة كاسحة في مصر والعالم العربي، نتيجة الدفع والشحن المعنوي الهائل بعد سقوط كل أدبيات البعث العربي والناصرية والقومية العربية عقب سقوط العراق 2003.

وأصبحت المناداة بحتمية الحل السلفي لكل مشاكل الأمة حديث الصباح والمساء، وعلى مدار عقد كامل كانت تلك الأفكار تتردد بقوة حتى جاءت ثورات الربيع العربي وما تلاها من أحداث، دون الخوض في التفاصيل، حتى جاءت اللحظة الفارقة بعد 30 حزيران/ يونيو 2013 وبدأ الانهيار الكبير لكل الأساطير المؤسسة لذلك الخطاب الذي ظل يتردد صداه طوال 35 عاما. وإذا أردنا ذكر أسباب الانهيار فيمكن إيجازها في ما يلي:

1- الدعوة السلفية بيئة طاردة لكل أصحاب المواهب والأفكار الرائدة.
2- لا تمتلك مراكز بحثية قادرة على تقديم رؤية للمستقبل.

3- الاعتماد فقط على آراء الشيوخ وعدم مزج الرؤية الدعوية مع الرؤية الاستراتيجية.

4- ومنها ما هو مرتبط بأسباب خارجية، مثل الارتباط الوثيق بالسلفية السعودية وعدم بيان مدى الانحراف الذي طرأ على السلفية السعودية بتحولها من "سلفية شرك القبور" إلى "سلفية شرك القصور".

5- المغالاة في سلفية شرك القبور تنتج لنا داعش وأخواتها.

6- المغالاة في سلفية شرك القصور تنتج لنا الجامية وأخواتها؛ من أمثال سعيد رسلان وأسامة القوصي ومحمود الرضواني.

خلاصة الأمر، فك الارتباط بالسلفية السعودية من حيث التمويل والمرجعية الشرعية هو بداية الإصلاح، ومع التبيان للناس ما وصلت إليه السلفية السعودية وخطورتها، فأصبح توجيه رؤية نقدية للخطاب السلفي المعاصر بكل مدارسه (العلمية- الجهادية- الجامية) أمرا ضروريا وحيويا حتى نجنب الأجيال القادمة تكرار نفس الأخطاء السابقة.
التعليقات (1)
الكاتب المقدام
الثلاثاء، 30-11-2021 01:46 م
*** من المعلوم لكل متابع أن هناك مئات من العلماء اصحاب الرأي المعروفين في السعودية وغيرها، ممن يطلق عليهم أمثال الكاتب لقب السلفيين، قد زج بهم في السجون لجهرهم بآراء لم ترق لأصحاب الحكم والسلطة، كما أن آلاف غيرهم تم عزلهم أو محددة إقامتهم وممنوعين من أي ظهور أو حضور علني، وحظر اتصالهم بأي وسيلة إعلامية، لأنهم لا يقولون ما يرضي الحكام عنهم، وآخرين تنقل عنهم تصريحات التأييد تحت ضغعوط السلطة المعروفة، وسواء رضي عنهم كاتب المقال أم لم يرض، فهم في ذلك لا يختلفون عن أمثالهم في مصر من اصحاب العمم الأزهرية وغيرهم أو في الدول العربية الأخرى، و إدانة الكاتب لمن يسميهم السلفيين ممن اضطروا لممالئة سلطة الانقلاب، والتعامي المقصود عن إدانة غيرهم من التيارات العلمانية الفكرية الأخرى، فيه تدليس على الناس، فإن من أعضاء الأحزاب والتيارات السياسية الليبرالية والاشتراكية والقومية والناصرية ممن كانوا يقدمون أنفسهم باعتبارهم من المفكرين والمعارضين السياسيين من التيار المدني المدافعين عن حقوق الشعب وحرياته، من طبلوا وزمروا لعسكر الانقلاب، ولحسوا مبادئهم وشعاراتهم وانبطحوا تحت أقدام بيادة العسكر لنيل رضى الانقلابيين ومن يقفون ورائهم عنهم، وتم تجنيدهم ليكونوا أبواق لهم في قنوات فضائية وصحف ومواقع إعلامية علمانية مصرية وسعودية وإماراتية ينفق عليها المليارات من أموال الشعب ومن أباطرة الخليج لغسل أدمغة الشعوب وصبغهم بصبغة علمانية ترضي الغرب والمحور الصليبي الصهيوني الجديد عنهم، وندعوا الكاتب أن لا يردد كالببغاء أقوال منقولة بجهل، وأن يوسع من دائرة مطالعاته بنفسه عن الإسلام والمسلمين من مصادر محايدة، قبل أن ينصب نفسه باعتباره خبيراُ في الشئون الإسلامية، ولا يحصر نفسه في دائرة أمثال سيد القمني الذي كانت مجلات وإعلام وزارة الثقافة تقدمه بلقب المفكر الإسلامي، الذي جهر علناُ أخيراُ بأنه ملحد لا يؤمن بإسلام ولا غيره، أو أمثال نوال السعداوي التي كانت تقدم باعتبارها مصلحة اجتماعية وخبيرة في الأديان، التي صرحت بأنها قد درست كل نصوص كتب الأديان المقدسة لعشرات السنوات، فلم تجد فيها إلا التناقض والانحراف الذكورية، وإلا فإن شئت فلتنضم إلى الطوابير السائرة نياماُ خلف جنرالهم الانقلابي المسخ الدجال الذي يريد أن يجدد لنا ديننا ويستبدله بدين آخر (كيوت)، ولترقص معهم وراءه في طريق الكباش وتردد خلفه أهازيج عبادة إلاله المعبود آمون.