كتاب عربي 21

ماذا بعد إخفاق "الحكومة الليبية" الدخول للعاصمة بالقوة؟

السنوسي بسيكري
1300x600
1300x600
يدرك رئيس الحكومة الليبية، فتحي باشاغا، أن كل يوم يمر وهو بعيد عن "طريق السكة"، مقر الحكومة في العاصمة طرابلس، يؤخره خطوة إلى الخلف بعيدا عن منصب وسلطة رئيس الوزراء، وهو ما دفعه أن يرسل قوة تابعة له لتأمين دخوله إلى طرابلس، إلا إن المحاولة أخفقت.

حالة الرفض لتمرير حكومة باشاغا تتماسك أكثر، والخيارات لفرض أمر واقع من قبل البرلمان ومن يناصره في تكليف الحكومة الليبية محدودة، خاصة بعد فشل اختبار القوة، وحرص الجميع في الغرب الليبي على أن لا يراق دم بين من كانوا في خندق واحد بالأمس القريب.

العقل والمنطق يحتّمان الحوار لاحتواء الأزمة الجديدة، وقد واجهت مبادرة مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز، رفضا من البرلمان، وانتقلت الجهود لمنع الانزلاق إلى تأزيم أكبر إلى الولايات المتحدة ممثلة في سفيرها، ودخلت تركيا على الخط، بمتابعة مباشرة من الرئيس أردوغان، وهناك أخبار عن وصول أطراف الأزمة إلى أنقرة للبحث عن تسوية.
العقل والمنطق يحتّمان الحوار لاحتواء الأزمة الجديدة، وقد واجهت مبادرة مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز، رفضا من البرلمان، وانتقلت الجهود لمنع الانزلاق إلى تأزيم أكبر إلى الولايات المتحدة ممثلة في سفيرها، ودخلت تركيا على الخط

ولو صدقت ما تناقلته مصادر عدة، وما صرح به رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، من استعداد عبد الحميد الدبيبة لتسليم السلطة إذا تم تحديد موعد قريب للانتخابات وتم التوافق على قاعدة دستورية وقوانين عادلة، فإن موقف الدبيبة يمكن أن يبنى عليه للتوافق على مخرج للنزاع الراهن.

الدبيبة، كأي من الذين اعتلوا كرسي رئاسة الحكومة، يريد البقاء في السلطة، ويتطلع إلى أن يكون الرئيس القادم عبر الانتخابات الرئاسية، وحظوظه وافرة بالقياس بمن ينافسونه على المنصب، إلا أنه يدرك أن هناك احتمالا قويا أن تطول المرحلة الانتقالية الجديدة، التي أقرها البرلمان والتي كلف فيها باشاغا رئيسا للحكومة إلى أجل غير معلوم، وبالتالي تضيع آماله في الحكم.

رفض الحوار لتفكيك الأزمة يضع البرلمان وحكومته الجديدة والجيش أمام خيارات فرض واقع عبر بدائل "عنيفة"، ولأن استخدام القوة يعني تفجر الوضع، وإذا تفجر الوضع فستكون حظوظ باشاغا في الحكم قليلة، فالقوة التي تدعمه في الغرب الليبي لن تمكنه من فرض أمر واقع، والاستعانة بقوات إضافية من قبل حفتر لن يسعفه، وسيضعه في موقف أشد صعوبة من موقفه الراهن، وإذا تطور الوضع إلى الاستعانة بقوات أجنبية، فسيكون ذلك مبررا لتدخل الأتراك وفق المعاهدة الأمنية والعسكرية، والنتيجة ستكون مشابهة لنتيجة العدوان على طرابلس في نيسان/ أبريل 2019م.

خيار غلق حقول وموانئ النفط محتمل، إلا أنه لن يكون مقبولا من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، ليس على الأقل في الوقت الراهن، حيث تواجه الإمدادات العالمية للنفط والغاز نقصا وتشهد أسعارها طفرة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وبالتالي لن يكون الأخذ به راجحا.
اتجاه الأزمة الراهنة، والتي يشكل التفاعل النخبوي والشعبي محركا رئيسيا فيها ويجعل الموقف الحيادي للأطراف الدولية عامل توازن، سيتجه ربما بالأطراف المحلية إلى التوافق على موعد محدد باليوم والشهر للانتخابات العامة، ومعالجة بعض ما ورد في التعديل الدستوري

أمام صعوبة الدخول للعاصمة وفرض الحكومة الليبية سلطتها بالقوة، وفي حال لم يقد التفاوض إلى اتفاق يرضي البرلمان وباشاغا، فسيكون الخيار البديل تفعيل الحكومة الليبية بعيدا عن العاصمة، وهو ما لم يكن يأمله باشاغا ولا يرضي الفاعلين في البرلمان بقيادة عقيلة صالح، ذلك أن هذا الوضع لن يحقق لهم ما أرادوه، كما أنه سيحرمهم سلطة المال ودعم المصرف المركزي، الذي لن يعترف بباشاغا كرئيس حكومة كامل الشرعية في ظل النزاع الداخلي وتحفظ الأطراف الدولية.

لقاء محافظ المصرف المركزي بالأمريكان مؤخرا يشبه لقاءه بهم بعد الانقسام السياسي العام 2014م، والذي انتهى إلى أن يقصر المركزي الإنفاق على المرتبات والتسييري والدعم، ويتوقف الصرف على مشاريع التنمية وبند الطوارئ وغيرها من أوجه الإنفاق.

اتجاه الأزمة الراهنة، والتي يشكل التفاعل النخبوي والشعبي محركا رئيسيا فيها ويجعل الموقف الحيادي للأطراف الدولية عامل توازن، سيتجه ربما بالأطراف المحلية إلى التوافق على موعد محدد باليوم والشهر للانتخابات العامة، ومعالجة بعض ما ورد في التعديل الدستوري الثاني عشر من مسائل خلافية بين الأعلى للدولة والبرلمان.
التعليقات (0)