صحافة إسرائيلية

دراسة إسرائيلية عن واقع سوريا بعد 11 عاما من الحرب

من المناسب لإسرائيل أن تدير سياستها في سوريا المنقسمة- الأناضول
من المناسب لإسرائيل أن تدير سياستها في سوريا المنقسمة- الأناضول

ترصد الأوساط السياسة والأمنية الإسرائيلية مرور أحد عشر عاما من الحرب الدائرة في سوريا، التي أصبحت منقسمة تحت تأثير القوات الأجنبية، وتعاني من أزمة اقتصادية وإنسانية حادة.

وتعتبر هذه الأوساط أن هذه الفترة الانتقالية تشكل فرصة لإسرائيل للتأثير على تشكيلها واستقرارها، رغم أن نظام الأسد لا يزال ملتزما تجاه إيران، ولا ينوي فك الارتباط بها، حتى مقابل العودة إلى الوطن العربي، وتلقي مساعدات اقتصادية حيوية.

ذات المحافل الإسرائيلية ترى أنه بعد مرور هذه الأعوام الأحد عشر، فمن المتوقع أن تزيد إيران نفوذها في سوريا في مواجهة تراجع التدخل الروسي، بسبب حرب أوكرانيا، ومع ذلك، فإن تل أبيب ترى أن الأسد قد يحاول تقليص الوجود العسكري الإيراني، لتجنب دفع ثمن الهجمات الإسرائيلية المتواصلة، ما قد يستدعي منها الاستمرار في العمل لوقف التمركز الإيراني في سوريا، والتهديد العسكري الذي تشكله، وتزويد الأسد بذريعة ونفوذ لعدم إبقاء إيران خارج البلاد.

عيدان كادوري الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، قالت في مقال ترجمته "عربي21" إن "استمرار الضربات الجوية الإسرائيلية في عمق الأراضي السورية، مع الحفاظ على آلية التنسيق مع روسيا، هو أمر تسعى إسرائيل لأن يكون جهدا ذا تأثير أكثر أهمية وطويل المدى".

 

وأضافت: "في هذا السياق، من المناسب لإسرائيل أن تدير سياستها في سوريا المنقسمة، من خلال محاولة إقامة علاقات خاصة مع حلفائها المحليين، لا سيما الأكراد في شمال شرق البلاد والدروز في الجنوب".

ورأت أن "القراءة الإسرائيلية للواقع الجغرافي والديموغرافي لسوريا، ترى أن الحرب غيرت وجهها، لأنها باتت مقسمة إلى أربع مناطق، كل واحدة تحت تأثير القوات الأجنبية، وهناك أزمة اقتصادية، ولا حلول تلوح في الأفق".

 

وأشارت إلى أن الوضع الإنساني في سوريا خطير، بسبب اللاجئين والنازحين الذين تركوها، أو بقوا في أراضيها؛ مع وجود لاعبين أجانب على المدى الطويل؛ فيما يعيش النظام حالة من الاستقطاب بين مساعي نظام الأسد لتطبيع العلاقات العربية، واستمرار علاقاته بإيران، ما سيترك تأثيره على استقرار الدولة السورية".

 

اقرأ أيضا: مخاوف من وقوع مجاعة بمناطق النظام السوري.. "أرقام مخيفة"

ووفق الكاتبة فإن مرور أحد عشر عاما على اندلاع الأزمة السورية، تراها إسرائيل من الناحية الإجمالية أن سوريا باتت دولة منقسمة، ورغم أن الحرب انتهت ببقاء نظام الأسد، وانتصار التحالف الموالي له بمساعدة روسيا وإيران، لكنه استعاد فقط السيطرة على 60% من سوريا، ونصف سكانها، وفي المناطق الخارجة عن سيطرته، تم إنشاء كيانات سياسية شبه مستقلة، وبقيت سوريا مقسمة لأربعة مناطق: النظام، الحكم الذاتي الكردي، النفوذ التركي، وإدلب التي يسيطر عليها المسلحون.

وتشير المعطيات الإسرائيلية إلى أن هذا الانقسام في سوريا سيستمر طالما لا توجد قوة أو حل سياسي يعيد توحيدها، دون حكم فعلي، خاصة أن أكثر من عقد من الحرب أدت لأزمة اقتصادية حادة وغير مسبوقة، ويقدر الانكماش الاقتصادي بـ300 مليار دولار، مع انخفاض بنسبة 40% في الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع كبير في التضخم، ما أدى لتآكل القوة الشرائية للسوريين، وخلال الحرب، ركزت السياسة الاقتصادية على حماية النظام، والحفاظ على القدرة القتالية للجيش.

في الوقت ذاته، أصبحت عائدات النفط والضرائب هامشية، وتسببت الإدارة الاقتصادية الفاشلة في انهيار شبه كامل للاقتصاد السوري، بسبب عدم وجود حل سياسي، واتفاق بين مختلف الجماعات في ما يتعلق بمستقبل سوريا، وصولا إلى قانون قيصر الذي سنته الإدارة الأمريكية لفرض العقوبات على سوريا وحلفائها، بما فيها روسيا وإيران، ووصول 90% من الإسرائيليين تحت خط الفقر؛ و11 مليون سوري بحاجة لمساعدات إنسانية بسبب النقص الحاد في الغذاء والمياه، وانهيار نظام الرعاية الصحية، ولا يلبي برنامج المساعدة التابع للأمم المتحدة سوى 46% من الاحتياجات الإنسانية.

مع العلم أن المتابعة الإسرائيلية لجهود إعادة تأهيل الجيش السوري أكدت لها أن المسألة تتم بدعم روسي وإيراني، خاصة من خلال منظومات الدفاع الجوي، لزيادة قدراته على تنفيذ الضربات الجوية، ويمكن الافتراض أن الجيش السوري سيستمر بتحسين قدراته العسكرية لخلق معادلة ردع جديدة تجاه إسرائيل، لكن رياح التغيير التي تهب في الآونة الأخيرة من الإمارات والأردن ومصر والبحرين، زادت من مساعي إعادة سوريا للجامعة العربية لمعادلة النفوذ الإيراني في دمشق وتقليصه.

وتتحدث محافل إسرائيلية عن أن تعزز المحور الإيراني في سوريا، يقوض رغبة نظام الأسد باستعادة سيادته الكاملة على البلاد، ويعزز استمرار إسرائيل بتنفيذ الضربات الجوية، رغم أن الأسد مدين للإيرانيين بالدعم والمساعدات التي قدموها له خلال سنوات الحرب، وهو غير قادر على سداد هذه الديون البالغة 17 مليار دولار، صحيح أن الإيرانيين قلصوا في السنوات الأخيرة من حجم وجودهم العسكري في سوريا، لكنهم يعتمدون على المليشيات المحلية الخاضعة لسيطرتهم، ويوسعون أنشطتهم في حلب وشرق دمشق والحدود الشرقية مع العراق.

التعليقات (0)