كتاب عربي 21

بشهادة رسمية: تراجع معدل زيادة المصريين بنسبة 36% خلال 7 سنوات

ممدوح الولي
1300x600
1300x600
أشارت بيانات الجهاز المركزى للإحصاء التابع لوزارة التخطيط المصرية، إلى تراجع أعداد المواليد بشكل مستمر خلال السنوات السبع الأخيرة، وعلى الجانب الآخر تزايدت معدلات الوفيات خاصة في السنوات الأربعة الأخيرة، وتراجعت معدلات الزواج، ليسفر الأمر عن تراجع معدل الزيادة الطبيعية للسكان للعام السابع على التوالي، كما تراجعت معدلات الإنجاب للسيدات من 3.5 مولود لكل امرأة عام 2014 إلى 2.9 مولود في العام الماضي. أيضا طالت الفترة الزمنية اللازمة لتحقيق زيادة مليون نسمة من 178 يوما قبل أربع سنوات إلى 275 يوما في العام الماضي.

وهكذا يفقد النظام الحاكم الشماعة التي علق عليها إخفاقه في تحسين الأحوال المعيشية للمصريين، حيث تعلل بالزيادة السكانية كمبرر لتدني مستوى الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات، حيث أشارت البيانات الحكومية فيما يخص عدد المواليد الجدد، إلى تراجع العدد السنوي من 2.720 مليون مولود عام 2014، ليصل إلى 2.152 مليون مولود في العام الماضي، بنسبة تراجع للزيادة بلغت 21 في المائة خلال السنوات السبع.
هكذا يفقد النظام الحاكم الشماعة التي علق عليها إخفاقه في تحسين الأحوال المعيشية للمصريين، حيث تعلل بالزيادة السكانية كمبرر لتدني مستوى الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات

وعلى الجانب الآخر زاد عدد الوفيات من 547 ألف وفاة عام 2017 إلى 741 ألف وفاة في العام الماضي، بنسبة نمو 36 في المائة لعدد الوفيات السنوية خلال السنوات الأربع، والنتيجة انخفاض الزيادة الطبيعية للسكان التي تتأتى من خصم عدد الوفيات من عدد المواليد الجدد، لتصل إلى 1.411 مليون شخص في العام الماضي، مقابل 2.188 مليون شخص قبل سبع سنوات، بنسبة تراجع 35.5 في المائة خلال السنوات السبع.

معدل زيادة السكان أقل من معدل النمو

ومن حيث معدلات النمو للمواليد فقد انخفضت من 3.07 في المائة عام 2014 إلى 2.1 في المائة في العام الماضي، في حين زاد معدل الوفيات من 0.57 في المائة عام 2017 إلى 0.73 في المائة في العام الماضي، لتصل معدلات زيادة السكان إلى 1.38 في المائة في العام الماضي مقابل2.47 في المائة قبل سبع سنوات، وهو العام الذي تولى فيه الجنرال مقاليد السلطة.

وببلوغ معدل الزيادة الطبيعية للسكان 1.38 في المائة، فإن هذا الرقم أقل بكثير من معدلات النمو المزعومة، والتي قيل إنها بلغت 9 في المائة بالنصف الثاني من العام الماضي، كما أنه أقل من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للعام المالي 2020/2021 والبالغ 3.3 في المائة، مع الأخذ في الاعتبار أن معدل الزيادة الصافي للسكان بعد خصم صافي الهجرة للخارج، والبالغ سالب 0.31 لكل ألف نسمه، سيكون أقل من النسبة المذكورة. ليظل السؤال: لماذا لم يشعر المصريون بثمار هذا النمو عليهم، بعد سقوط شماعة زيادة السكان؟
غياب التوجه لأولويات احتياجات المجتمع، من تحسين للخدمات والاهتمام بالإنتاج والتشغيل، نظرا للإغداق على مشروعات ليس لها أولوية مثل العاصمة الإدارية الجديدة

والإجابة معروفة للجميع وتتعلق بغياب التوجه لأولويات احتياجات المجتمع، من تحسين للخدمات والاهتمام بالإنتاج والتشغيل، نظرا للإغداق على مشروعات ليس لها أولوية مثل العاصمة الإدارية الجديدة، التي تم إنشاء مطار لها قبل افتتاحها بعدة سنوات، وإنشاء العديد من الكباري على الطرق المؤدية إليها، والعمل لتسيير قطار إليها بالإضافة إلى المونوريل، رغم حاجتها لسنوات حتى تكون بها كثافة سكانية، نظرا للطابع الأرستقراطي للوحدات السكنية فيها والتي لا يقدر عليها سوى الطبقة الغنية.

كذلك الغرق في الديون الداخلية والخارجية حتى استحوذت تكلفة الدين من فوائد وأقساط على نصف الإنفاق في الموازنة الحكومية، مما قلل من الاعتمادات المتجهة إلى الاستثمارات الحكومية عما تم إعلانه بالموازنات طوال السنوات المالية الثماني الأخيرة.

تحويلات المصريين بالخارج أكبر مورد دولاري

والغريب أن الدول الغربية تواصل تقديم المنح لتحفيز سكانها على زيادة الإنجاب، باعتبار الثروة البشرية هي أهم الثروات، بينما تتواصل الجهود الحكومية المصرية لخفض السكان رغم انخفاض معدلات زيادتهم في السنوات الأخيرة. وتظهر تهديدات بالحرمان من الإعانات الاجتماعية في حال عدم الالتزام بخفض النسل، رغم أن جانبا من العمالة المصرية التي تسود الأمية وضعف التدريب بينها، ترسل تحويلات مالية إلى البلاد تمثل الرافد الأكبر بموارد العملات الأجنبية.

ففي العام الماضي وحسب بيانات البنك المركزي المصري بلغت تحويلات المصريين في الخارج المالية عبر المسالك الرسمية 32.3 مليار دولار، بخلاف ما يرسلونه مع أصدقائهم ومعارفهم أو يحضرونه معهم لدى عودتهم من الخارج، وبخلاف ما يرسلونه من هدايا عينية لأقاربهم. وكان المورد الثاني للعملات الأجنبية متمثلا في القروض بقيمة 27.9 مليار دولار، والمورد الثالث الصادرات السلعية غير البترولية 23.5 مليار، دولار ثم الصادرات من الغاز الطبيعي والبترول بقيمة 12.9 مليار دولار.

وعندما يتعلل البعض بضعف المستوى الصحي للمواليد الجدد نتيجة لضعف صحة الأمهات، فإن هذا الأمر مرتبط بغلاء الأسعار وقلة فرص العمل، وها هي البيانات الرسمية تشير إلى أن عدد الإناث المشتغلات في مصر، والذي بلغ عام 2010 نحو 4.595 مليون أنثى، كان أعلى منه في العام الماضي حين بلغ 4.251 مليون أنثى، رغم زيادة السكان خلال الأحد عشر عاما التي تمثل الفرق بين عامي المقارنة.

فقد شهد العهد الحالي تراجع عدد المشتغلات من 5.131 مليون مشتغلة عام 2017، ليستمر العدد بالتراجع خلال السنوات التالية حتى بلغ 4.251 مليون مشتغلة في العام الماضي، ومع قلة الدخل وارتفاع الأسعار من الطبيعي أن تزداد معدلات سوء التغذية سواء بين الأمهات أو بين المواليد، خاصة مع تراجع مستوى الخدمات الصحية الحكومية.

وتشير البيانات الرسمية إلى انخفاض عدد المستشفيات الحكومية من 691 مستشفى عام 2018 إلى 662 مستشفى في عام 2020، وهو ما يزيد عما كان الوضع عليه عام 2010 بنحو مستشفيين فقط حين بلغ العدد 660 مستشفى حينذاك، كما انخفض عدد الأسِرّة داخل المستشفيات الحكومية من أكثر من 99 ألف سرير عام 2010، إلى أقل من 89 ألف سرير عام 2020.
معيشة المصريين على نسبة 6.8 في المائة من مساحة البلاد، يشير إلى إمكانية التوسع الأفقي ونشر السكان في المساحات الخالية لتعميرها

المعيشة على أقل من 7 في المائة من المساحة

ومن ناحية أخرى فإن معيشة المصريين على نسبة 6.8 في المائة من مساحة البلاد، يشير إلى إمكانية التوسع الأفقي ونشر السكان في المساحات الخالية لتعميرها، حيث تنخفض نسبة المساحة المأهولة إلى المساحة الكلية بمحافظة البحر الأحمر إلى نسبة واحد بالألف، وإلى نسبة 2 في الألف بمحافظة الوادي الجديد و1.6 في المائة بمحافظة أسوان، حتى القاهرة العاصمة المكتظة بالسكان تصل نسبة المساحة المأهولة بها إلى 6.2 في المائة من مساحتها.

والنتيجة انخفاض الكثافة السكانية حتى في المناطق المأهولة بالسكان في العديد من المحافظات، لتصل إلى أقل من سبعة أفراد في الكيلومتر المربع بمحافظة جنوب سيناء السياحية والعامرة بالثروات الطبيعية والشواطئ، كما تصل الكثافة السكانية في المناطق المأهولة لأقل من 250 شخصا في الكيلومتر بمحافظتي شمال سيناء والوادي الجديد، وأقل من 300 شخص بمحافظتي الإسماعيلية ومرسى مطروح.

ويتضح أن الأمر مرتبط بغياب التخطيط وضعف الإدارة، فحين تبلغ أطوال المياه الساحلية 2730 كيلومتر موزعة على البحر المتوسط والبحر الأحمر وخليج السويس وخليج العقبة، بخلاف مياه نهر النيل البالغة 1532 كيلومتر داخل البلاد، والبحيرات الداخلية العشر مثل المنزلة والبرلس ومريوط وناصر، وكذلك المزارع السمكية، ثم تستورد البلاد أسماكا بنحو 816 مليون دولار خلال العام الماضي، فإن هذا يعني وجود خلل إداري.
عندما لا تتحقق العدالة الاجتماعية وتقل معدلات التنمية بجنوب البلاد والمسمى بمنطقة الصعيد، فمن الطبيعي أن تصل نسبة الفقر بريف الوجه القبلي إلى 42.8 في المائة حسب البيانات الرسمية السابقة لظهور فيروس كورونا، كما زادت معدلات الأمية في تلك المحافظات

وعند الحديث عن نقص الغذاء الكاف لتلك الزيادات السكانية، فقد أشارت البيانات الرسمية لبلوغ حجم الفاقد من القمح عام 2020 نحو 2.467 مليون طن، أي ما يكفي استهلاك أكثر من عشرة ملايين من السكان، وهو الفاقد المتكرر في العديد من المحاصيل وأنواع الخضر والفاكهة.

وعندما لا تتحقق العدالة الاجتماعية وتقل معدلات التنمية بجنوب البلاد والمسمى بمنطقة الصعيد، فمن الطبيعي أن تصل نسبة الفقر بريف الوجه القبلي إلى 42.8 في المائة حسب البيانات الرسمية السابقة لظهور فيروس كورونا، كما زادت معدلات الأمية في تلك المحافظات، ولهذا ترتفع معدلات الإنجاب بمحافظات الجنوب عن باقي المحافظات، سعيا نحو إنجاب أشخاص يساعدون في الإنفاق على تلك الأسر الفقيرة.

ولو كان هؤلاء متعلمين وذوي مهارات مطلوبة بسوق العمل، لكانت زيادة أعدادهم مصدرا لزيادة الموارد، فليس صحيحا أن الزيادة السكانية هي المصدر الرئيسى للمشاكل التي تعاني منها البلاد، ولكن غياب السياسة الرشيدة للاستفادة من الثروة البشرية هو السبب الرئيسي.

twitter.com/mamdouh_alwaly
التعليقات (0)