بورتريه

شهباز شريف واللعب مع العسكر (بورتريه)

شهباز شريف
شهباز شريف
يواجه تهما بالفساد وغسيل الأموال من مكتب المحاسبة الوطني الباكستاني، بينما يقول هو إن هذه الاتهامات كانت بدوافع سياسية.

يأخذ عليه خصومه عدم تمتعه بالكفاءة المطلوبة، ويعتبره بعض المحللين مديرا ناجحا أكثر منه سياسيا.

ورغم أنه يؤيد الليبرالية علنا، لكنه يميل في الوقت نفسه إلى القيم الإسلامية المحافظة.

ينتسب ميان محمد شهباز شريف (شهباز شريف) المولود عام 1951 في مدينة لاهور بالبنجاب لعائلة أصلها من كشمير، كان والده محمد شريف رجل أعمال وصناعيا من الطبقة المتوسطة، وهو شقيق نواز رئيس وزراء باكستان المنتخب ثلاث مرات.

حصل شهباز شريف على بكالوريوس الآداب من جامعة "الكلية الحكومية" المرموقة في لاهور. وبعد تخرجه التحق للعمل بشركة عائلته "مجموعة اتفاق" وانتخب رئيسا لغرفة تجارة وصناعة لاهور عام 1985.

ركز شهباز اهتمامه على الصناعات، فأصبح من رجال الأعمال البارزين بعد أن امتلك بشكل مشترك "مجموعة اتفاق"، وهي تجمع شركات للصلب بملايين الدولارات، ولم ينس أثناء اندماجه بتطوير أعماله أن ينظر بعين أخرى إلى السياسة، فقد خطا أولى خطواته نحوها حين انتخب عضوا في المجلس الإقليمي للبنجاب بدعم من "الاتحاد الإسلامي الجمهوري" في انتخابات عام 1988. وهزم مرشح حزب "الشعب الباكستاني" القوي، ولم يكمل فترة ولايته ففي عام 1990 حلت الجمعيات.

أعيد انتخابه لعضوية الجمعية الإقليمية في البنجاب في انتخابات عام 1990، بعد أن تغلب على مرشح "التحالف الديمقراطي الباكستاني". كما أنه انتخب عضوا في الجمعية الوطنية الباكستانية، وأعيد انتخابه لاحقا في انتخابات 1993 كمرشح عن "الرابطة الإسلامية الباكستانية".

دخوله في عضوية الجمعية الوطنية أهله لتولي منصب رئيس وزراء البنجاب لأول مرة عام 1997، وبعد الانقلاب العسكري بزعامة برويز مشرف عام 1999 الذي أطاح بالحكومة الاتحادية التي كان يقودها نواز شريف والحكومة الإقليمية التي كان يترأسها شهباز شريف، قضى شهباز مع أسرته سنوات من المنفى الذاتي في المملكة العربية السعودية حتى عام 2007 حين سمح لهم بالعودة إلى باكستان.

انتخب من جديد رئيسا لوزراء البنجاب لولاية ثانية بعد فوز حزب "الرابطة الإسلامية" في مقاطعة البنجاب في انتخابات عام 2008. ثم رئيسا لوزراء البنجاب للمرة الثالثة في عام 2013، وقضى فترة ولايته حتى هزيمة حزبه في الانتخابات العامة الباكستانية عام 2018.

أصبح رئيس "الرابطة الإسلامية" بعد استبعاد شقيقه نواز شريف من تولي المنصب، كما أنه أصبح زعيما للمعارضة لحكومة عمران خان.

وفي العام التالي جمد ديوان المحاسبة الوطني 23 عقارا تعود ملكيتها لشهباز شريف ونجله حمزة، متهما إياهما بغسل الأموال، وفي عام 2020 اعتقل شهباز في محكمة لاهور العليا بتهمة غسل الأموال، وسجن على ذمة المحاكمة لكن أفرج عنه في العام اللاحق بكفالة.

في أعقاب اتهامه بقضيتي فساد انتقل شريف إلى العاصمة البريطانية لندن التي جمدت الحسابات المصرفية للأسرة، لكن تحقيقات وكالة الجريمة البريطانية فشلت في العثور على دليل ضد شهباز شريف، وتم إسقاط القضية عنه في عام 2020.

ونجله الأكبر ووريثه السياسي حمزة هو زعيم للمعارضة في جمعية البنجاب، ومرشح لمنصب رئيس وزراء الإقليم.

كان طموح شهباز أن يجلس في مقر رئيس الحكومة في إسلام أباد، وتحقق له ذلك في 10 نيسان/ أبريل الحالي بعد أن أسقط البرلمان رئيس الوزراء عمران، وانتخب شهباز شريف لمنصب رئيس الوزراء من قبل أحزاب المعارضة بعد تصويت بحجب الثقة عن خان بعد الأزمة الدستورية الباكستانية.

واتهم خان الولايات المتحدة بإسقاط حكومته بدعم المعارضة للانقلاب عليه وتنحيته عن رئاسة الوزراء، وذلك لمواقفه المناهضة للسياسة الأمريكية، وهو ما أغضب واشنطن، الأمر الذي نفته واشنطن.

شريف ينفي نظرية المؤامرة الأجنبية قائلا إن بيان لجنة الأمن القومي في هذا الخصوص واضح ولم يشر لأي مؤامرات أجنبية، مؤكدا أن بلاده لا تستطيع تحمل أعباء معاداة الولايات المتحدة.

وحتى يخفف من رد فعل خصمه خان ومؤيديه وهم كثر، أعلن شهباز، أنه يعتزم التفكير في تشكيل لجنة قضائية للتحقيق في مزاعم المؤامرات الأجنبية المتعلقة بإسقاط حكومة عمران خان.

ومن المفترض أن يستمر شريف في منصبه حتى تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023 موعد الانتخابات المقبلة.

ويقول محللون إن شهباز يتمتع بعلاقات ودية مع الجيش الباكستاني، الذي يسيطر تقليديا على السياسة الخارجية والدفاعية في باكستان، والذي أطاح بعدد من الحكومات المدنية المنتخبة، منها حكومات لشقيقه نواز شريف بسبب خلافات داخلية بينه وبين الجيش.

وسيكون عليه مواجهة المشاكل نفسها التي أدت إلى خسارة خان منصبه، وأهمها الوضع الاقتصادي المتردي وارتفاع معدل التضخم وتراجع العملة المحلية وتراكم الديون، إلى جانب تزايد الخطر الأمني من قبل بعض الجماعات بعد عودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان المجاورة.

وطوال مسيرته السياسية كان شهباز في ظل شقيقه الأكبر، نواز شريف، الذي أزيح من رئاسة الوزراء عام 2017 ووضع في السجن عشر سنوات بتهم تتعلق بالفساد، وأفرج عنه بعدها، وهو موجود حاليا في بريطانيا.

كانت علاقة الشقيق شريف بالمؤسسة العسكرية والأمنية سيئة ومتوترة فعملت على إسقاطه. لكن شقيقه شهباز يفضل المصالحة مع "المؤسسة" القوية، التي حكمت الدولة نحو نصف تاريخها الممتد 75 عاما.

"شريف الأصغر"، كما يعرف، بدأ عهده بالتودد للمملكة العربية السعودية التي كانت على خلاف مع خان، وأرسل رسائل مطمئنة للمؤسسة العسكرية، ولم ينس أن يغازل الإدارة الأمريكية والصين وحتى الهند وكأنه يعيد بناء "التحالفات القديمة".

على الرغم من أن شهباز شريف انتقد الجيش سابقا، بعد الإطاحة بحكومة شقيقه نواز، وسجنهما ونفيهما إثر الانقلاب العسكري إلا أنه اتخذ نبرة أكثر تصالحية خلال السنوات الأخيرة.

فهل يكون رجل المؤسسة العسكرية لكن بملابس مدنية؟ لكن عليه أولا أن يتجاوز إرث عمران خان الذي لا يبدو أنه قد رفع الراية البيضاء، وربما لن تتمكن باكستان من الدخول في مسار جديد في عهد شهباز، فالانتخابات على الأبواب.

0
التعليقات (0)