كتاب عربي 21

القوميون والإسلاميون يلتقون ببيروت مجددا: هل من سبيل لمراجعة حقيقية؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600
يعود القوميون العرب والإسلاميون للقاء مجددا في بيروت، بعد انقطاع لعدة سنوات بسبب أزمة كورونا والأوضاع السياسية والاقتصادية التي واجهها لبنان خلال السنوات الأخيرة، والتي أدت إلى توقف المؤتمرات الحضورية للقوميين والإسلاميين، وإن كانوا التقوا عبر المؤتمرات الافتراضية للمؤتمر العربي العام ومن خلال الاجتماعات الدورية للجان المتابعة، ولقاءات المؤتمر القومي العربي الدورية لمناقشة بعض التطورات ومؤتمرات مقاومة التطبيع ودعم المقاومة.

فستشهد بيروت في الأسبوع المقبل انعقاد المؤتمر القومي العربي الحادي والثلاثين، يومي الخميس والجمعة (23-24 حزيران/ يونيو 2022)، ومن ثم يلي ذلك انعقاد الدورة الحادية عشرة للمؤتمر القومي- الإسلامي التي ستعقد في فندق "كومودور" في بيروت يومي السبت والأحد (25-26 حزيران/ يونيو 2022).

ويغيب عن هاتين الدورتين المهمتين للمؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي- الإسلامي شخصيات بارزة شاركت في أعمال التأسيس أو رافقت أعمالهما خلال السنوات الماضية، ومن أبرز هؤلاء المفكر الكبير الدكتور خير الدين حسيب الذي يعتبر أحد أهم مؤسسي المؤتمرين، إلى جانب عدد من الشخصيات الفكرية والسياسية العربية والإسلامية، كذلك العلامة السيد محمد حسن الأمين والذي كان له دور تأسيسي في الحوار القومي- الإسلامي، والصادق المهدي، أحد الشخصيات العربية والإسلامية الإصلاحية والحوارية، كما سيفتقد المؤتمر القومي- الإسلامي القيادي في جماعة الإخوان المسلمين الدكتور عصام العريان، الذي رحل خلال اعتقاله في أحد السجون المصرية، وكذلك رئيس حزب مصر القوية والمرشح السابق لرئاسة مصر، الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح، الذي يقبع حاليا في أحد السجون المصرية بتهمة نشر اخبار ملفقة، فيما يغيب عن أعمال المؤتمر زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، المنشغل اليوم في تونس إلى جانب قيادات تونسية معارضة في مواجهة ما يقوم به الرئيس التونسي الحالي قيس سعيّد؛ من محاولة لتقويض الديمقراطية التونسية التي حققت تطورات مهمة في السنوات الماضية.
أهمية انعقاد هاتين الدورتين للمؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي- الإسلامي؛ نظرا للتطورات الهامة في العالم وعلى الصعيد الإقليمي وما تشهده الدول العربية من تطورات مهمة، إضافة لما يجري في فلسطين المحتلة من أحداث كبيرة، والمخاوف من اندلاع حرب جديدة بين لبنان والكيان الصهيوني

كما تغيب عن أعمال المؤتمرين شخصيات يمنية وسودانية وعربية أخرى بسبب ما تشهده بعض الدول العربية من تطورات سياسية وأمنية خطيرة، بعد سنوات عدة من الصراعات والثورات والحروب المتنوعة، فيما يتراجع الحضور الخليجي العربي عن أعمال المؤتمرين، وذلك إما بسبب انخراط بعض هذه الدول في عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني (البحرين والإمارات العربية المتحدة) وتراجع دور المجموعات القومية والإسلامية، أو بسبب الاعتقالات والظروف السياسية الصعبة والضغوط التي يتعرض لها القوميون والإسلاميون في بعض هذه الدول.

لكن رغم هذا الغياب القسري لبعض الشخصيات ورحيل شخصيات أخرى، فإن ذلك لا يلغي أهمية انعقاد هاتين الدورتين للمؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي- الإسلامي؛ نظرا للتطورات الهامة في العالم وعلى الصعيد الإقليمي وما تشهده الدول العربية من تطورات مهمة، إضافة لما يجري في فلسطين المحتلة من أحداث كبيرة، والمخاوف من اندلاع حرب جديدة بين لبنان والكيان الصهيوني؛ بسبب الصراع على ملف ترسيم الحدود البحرية واستخراج النفط والغاز من المناطق المتنازع عليها في البحر.

ومن الموضوعات المهمة التي ستكون على جدول أعمال المؤتمرين:

أولا: التقرير السياسي الشامل حول الأوضاع في العالم والوطن العربي، والذي أعده الأمين السابق للمؤتمر القومي العربي الدكتور زياد الحافظ.

ثانيا: التحولات في النظام العالمي الجديد، وقد أعد ورقة حول ذلك الدكتور يوسف مكي من السعودية.

ثالثا: مخاطر التطبيع مع العدو الصهيوني وكيفية مواجهته، وقد أعد الورقة عضو المؤتمر القومي العربي ومدير عام مؤسسة القدس الدولية في سوريا، الدكتور خلف المفتاح.
تشكل العلاقة بين التيارين القومي والإسلامي إحدى أهم القضايا التي ستتناولها هذه الدورة، في ظل استمرار الخلافات بين التيارين وتباين وجهات النظر حول العديد من القضايا والموضوع

رابعا: مراجعة أعمال وأوضاع المشروع النهضوي العربي: الوحدة العربية (الدكتور أحمد يوسف احمد من مصر)، الديمقراطية (الدكتورة خديجة صبار من المغرب)، التنمية المستقلة (الأستاذ فهمي كتكوت من الأردن)، العدالة الاجتماعية (الأستاذ إبراهيم الشريف من البحرين)، التجدد الحضاري (الدكتور إسماعيل الشطي من الكويت).

كما يناقش المؤتمر القومي العربي قضايا أخرى لها علاقة بالجانب التنظيمي، وانتخاب أمين عام جديد، وأوضاع المقاومة في لبنان وفلسطين. وسيكون لحضور القيادات المقاومة دور مهم في أعمال المؤتمرين.

وأما على الصعيد القومي- الإسلامي فستشكل العلاقة بين التيارين القومي والإسلامي إحدى أهم القضايا التي ستتناولها هذه الدورة، في ظل استمرار الخلافات بين التيارين وتباين وجهات النظر حول العديد من القضايا والموضوعات.

ورغم أن القضية الفلسطينية ومواجهة التطبيع مع العدو الصهيوني ودعم المقاومة في لبنان وفلسطين ومواجهة المشروع الأمريكي- الاسرائيلي في العالم العربي؛ ستكون من القضايا المشتركة والمتفق عليها، فإن ملف الديمقراطية في العالم العربي سيكون من أبرز القضايا الإشكالية في هذين المؤتمرين، بسبب التباين بين المشاركين في كيفية مقاربة المسألة الديمقراطية في العالم العربي منذ الانقلاب الشهير في مصر ضد الإخوان المسلمين ودعم بعض القيادات القومية لهذا الانقلاب، وصولا لما يجري اليوم في تونس من تطورات خطيرة، إضافة للأحداث في السودان والعديد من الدول العربية.

فمن الواضح أن المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي- الإسلامي لم ينجحا في اتخاذ مواقف حاسمة من المسألة الديمقراطية في الوطن العربي، وما يتعرض له القوميون والإسلاميون من ضغوطات وانقلابات واعتقالات. وكانت هناك مقاربات مختلفة لما يجري في كل دولة عربية على حدة، بين السكوت عن القمع من جهة، وبين عدم مقاربة واضحة للتحديات الخارجية وكيفية التوفيق بين حماية الديمقراطية ودعم الاستقرار وحماية الدولة من جهة أخرى.
المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي- الإسلامي لم ينجحا في اتخاذ مواقف حاسمة من المسألة الديمقراطية في الوطن العربي، وما يتعرض له القوميون والإسلاميون من ضغوطات وانقلابات واعتقالات

والمشهد الأخطر الذي يواجهه القوميون والإسلاميون اليوم هو التطورات الخطيرة التي يشهدها الوطن العربي والواقع الإقليمي عامة، وعلى الصعيد الدولي من حروب وصراعات كبرى قد تطيح بالسلم العالمي، ومنها الحرب في أوكرانيا واحتمال اندلاع الحرب بين الصين وتايوان، وتحول ذلك إلى حرب عالمية نووية كما حذر مؤخرا معهد استوكهولم للسلم العالمي، ويضاف إلى ذلك أزمات الغذاء والنفط والغاز والصراعات الإقليمية في المنطقة.

طبعا قد لا يكون من الواقعية تحميل المؤتمرين القومي والإسلامي مسؤولية معالجة كل هذه الملفات اليوم، لكن الأهم أن يكون هناك وضوح في الرؤية وتحديد مواقف واضحة من مختلف التطورات، والسعي لإطلاق مبادرات عملية لدعم المقاومة وحماية الديمقراطية ووقف الصراعات العربية وداخل كل الدول.

فهل سنشهد رؤية جديدة قومية- إسلامية لمواجهة المتغيرات الإقليمية والدولية؟ وهل سنشهد مراجعة حقيقية وصادقة لتجربة القوميين العرب والإسلاميين خلال السنوات الماضية؟ أم أن غياب القيادات التاريخية القومية والإسلامية سيترك أثره السلبي على قدرة المؤتمرين لتطوير رؤيتهم والغرق في الخلافات والأزمات الداخلية؟

twitter.com/kassirkassem
التعليقات (0)