قضايا وآراء

ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً

محمد ثابت
1300x600
1300x600
فور إعلان عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك عن انقلابه على الرئيس محمد مرسي انتابت المرء موجات من الدهشة.. لم تكن تخص موقف الأخير للحقيقة، فإنه كان شديد الوضوح، ولكن العجب كل العجب كان من موقف داعميّ الانقلاب سواء المصريين أو الخليجيين ..

                                           (1)
من المعروف في "قاموس" تعاملاتنا اليومية، كعرب، فيما يخص مُكوناً معنوياً بالغ الدقة بخاصة في حياتنا المتقلبة، وزماننا هذا، إن "الثقة" لا تُعطى لمن خان أهله و"ناسه" بلغة الإخوة الأقارب الصعايدة في مصر، و"من لم يكن له خير في أهله فلن يكون له خير في أحد" .

في ميدان النهضة يوم 3 من يوليو 2013م كانت الأفكار تعصف بالذهن عصفاً:

لماذا يؤمل بعض المصريين، والبعض في تعدادنا كثير، على عبد الفتاح حسن السيسي إذن؟
خان الأخير الرئيس مرسي، وليس في البشر أحد أنعم على السيسي مثلما أنعم عليه الرئيس مرسي، فك الله أسره، رقاه ترقيتين في آن واحد، فريق، وفريق أول، وولاه وزارة الدفاع، وأسلم رقبته إليه، من آسف شديد، حتى بعدما جاءه تقرير لجنة تقصي الحقائق في أحداث يناير 2011م، الثورة الأولى، بأن المدعو السيسي خان الله ورسوله ثم الثوار، وكلف "زبانيته" بقتلهم بدم بارد، والمعلومة الأخيرة وإن بدت مؤخراً، فإن خاطراً كانت النفس تأباه في ذلك الوقت إن تهواناً ما تم معه فاستغله قائد الانقلاب من باب:"إن أنت أكرمت الكريم ملكته، وإن أنت أكرمت اللئيم....".

لكن لماذا يعولون على السيسي بعد الانقلاب.. وقد "خان" من غفر له خطايا لا يغفرها بشر، وولاه واستأمنه فخانه؟!

كانت هذه الأفكار تعصف بالرأس في رابعة العدوية على مدار شهر يوليو وجزء من أغسطس، وأمام الحرس الجمهوري، وقد شاء الله أن أحضر المذبحة الأولى وزوجي، إذا كان الجيش مستفيدا ومن ثم الداخلية بالمال والامتيازات، فبماذا سيستفيد أناس أعرفهم ليسوا بفاقديّ العقل؟!

كان الغيظ يأكل القلب أكلاً مما يحدث، ورغم خلافي الجزئي في أمور والكلي في أخرى أقل، كطبع البشر، مع سياسة الدكتور مرسي، وللحقيقة فإن صاحب هذه الكلمات يُكن له معزّة خاصة، ويقدر دوره البالغ التهذيب في حكم مصر وبخاصة في معاملة أهلها والحرص على حقن دمائهم، وإن بدرت من صاحب هذه الكلمات "سابقة" بها "شيء" من العتب فإنما الأمر من باب قول المتنبي:
ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص "القادرين" على "التمام"!

تلك كلمة حق في حق الرئيس محمد مرسي، أشهد الله إنها له تعالى، وليست "حتى" لمرضاة الأصدقاء والإخوة في جماعة الإخوان ممن تسوؤهم بعض كلماتي فيعتبون..

                                      (2)

كم يلزم من الوقت لـ"يفهم" فريق المصريين "المعادي" للرئيس مرسي، و"طوفان" العرب أنهم راهنوا على "السيسي" الخطأ .. كان هذا الشعور ثقيلاً جداً على النفس، بخاصة وقد أتت المصائب التي لا يدركها العقل ولا الوجدان بسرعة، ولا يهضمها الخاطر، وتشعر الروح حيالها بالميوعة  وكأن "فتقاً" فيها ..صعب "احتواؤه"..

كنتُ أرى الدم يسيل من مصريين فيزداد عجبي، وارى أصدقاء يلزمون الحياد فيتمادى "الألم"..
وكنتً أظن كمتعجليّ البشر إن الحل ينبغي أن يكون الآن، لا "الآن .. الآن" الخاصة بالمدعو "أوباما"، وبتقدير البشر كان الانتظار بالغ المرارة..

ولكن تقدير رب البشر كان له "أبجديات" أخرى أكثر دقة، ومناسبة لتأديب الكثير من الناس الذين لم يذكرهم الله تعالى في كتابه الكريم بخير أبدا، كان لرب العزة تدبير آخر أكثر مناسبة لمن لم يفهم:
لماذا يفعلون هذا .. ويتمادون فيه في الحرس الجمهوري "1"، "2"، و"المنصة"، و"رمسيس"، و"رابعة" و"النهضة"، و"الفتح" وكل مدن مصر الكبرى بل الصغرى فور فض رابعة والنهضة، ومن بعد في "دلجا"، و"سيناء" ..والعدد يستعصي على الحصر.. يكفي إن الأمر يكاد يطاول كل بيت "شريف" في مصر..

                                    (3)

أما "أخطاء" الشرفاء ممن كانوا في الحكم فقد تولتها تلك الفترة، وما  تزال بثمن باهظ، لا داعي لذكره، ويكفي ما في النفس من حسرة.. وذلك للسير في سياق "سنن" إلهية لم تكن لتسمح إلا لنسق محدد لدى رب العزة للحكم باسم "الإسلام"، ومن بعد من أجل السير في "سياق إلهي" بعد اندحار الانقلاب، سياق  متمايز مرتقٍ فوق الأخطاء .. سواء أكانوا خارج الحكم أم بداخله..
   
أما "خطايا" العسكر فإن الله تعالى أراد لقائدهم أن تتم فضيحته قليلاً فقليلاً، أو أن يتم وضعه على "السفود" أو "سيخ الشواء" فيسيل "دهنه" قطرة قطرة، هو وكرامة ومعنويات مؤيديه، كما يُنقى التيار الإسلامي في المقابل من قليل الخطأ..
   
وكانت "قطعة" الدهن السائلة في تسريب قناة "مكملين" مساء السبت الماضي هائلة في الحقيقة.. ولم تثبت مقدار حقارة السيسي وحده، وإنما الذين أعانوه من خارج مصر، وقبّلوا على أنفسهم أن يتعاملوا مع رجل بهذا "الانحطاط" في مقابل الرئيس محمد مرسي..
     
أما المصريون الذين على عهدهم مع الانقلاب حتى الآن .. فهؤلاء آيات الله تعالى باقية لهم ..لم تنته ولم "يصبهم" الدور بعد..

                                          (4)
   
وبحساب من علمته التجربة تعليماً مُرّاً انتظرتُ رد فعل "دولة الخيانة" أو العسكر يوم الأحد، فكبيرهم الذي علمهم الخيانة "ممسوك" من لسانه يقول بأن الأمريكان ليسوا بأكثر نذالة من عسكر مصر، وإن مليارات الدولارات الخليجية "تؤكل" على كل حال من أمريكا، فليس من ضير أن يأكلها هو، وإنه لا شرف عسكري ولا مدني في حكم مصر في ظل العسكر، والأمر كله منفعة، وسرقة علنية وضمنية، وإنه لا تعليم ولا ثقافة كما إنه لا عهد ولا ذمة ولا أمانة لهم، وكله "بتاع" كقول السيسي .. وهي كلمة بالغة القبح في "العرف" المصري المبتذل..
     
ولكن يبدو إن الأحداث الجسام لها ردة فعل لا تخطر على بال، قال السيسي إن أموال الخليج كما الأرز، وهو بالتالي متعهد شحاذة منهم في العلن، سبّ في الخفاء، ولكن إذا ظهر الخفاء إلى العلن فلابد من رد فعل ينسي الخفاء والعلن..وكانت مذبحة أكثر من واحد وأربعين من مشجعي النادي الزمالك على أبواب إستاد عسكري مروعة..اللهم اجعلهم أقل من هذا الرقم، وهو على أكثر تقدير حتى الآن..

أراد السيسي أن ينسي الخليج الأرز الذي قاله عنهم فخلطه بالدم القاني بديلاً عن "الصلصة".. 
كذلك صار الدم المصري بالغ الرخص..   
   
وكذلك ما كان للشياطين من مؤيدي السيسي أن تصحو إلا على "بلاياه" التي يعجز الشيطان عن توقعها..

                                         (5)
   
في عرف الفتوات ممن كانوا ينوبون عن وزارة الداخلية في حكم حواري مصر، منذ سنوات ليست بعيدة، فإن من كان يتجرأ على قول الحق في عين كبيرهم.. يُقتل، فإن كان الفتوة أكثر "قذارة" قرر أن "يغتال" أسرته ليعيش بحسرتهم..
   
أما في عرف رب العباد فإن فرجاً كبيراً لينتظر مصر.. لكن بحسابات رب العباد التي ليست كحساباتنا، وبمآلات لا تخطر على بال لنا، وصولاً لدروس تعلمنا بعضها .. والبعض الآخر قادم مع نهاية الظلمة..

 "ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً" سورة الإسراء الآية 51..
التعليقات (1)
رابح
الثلاثاء، 10-02-2015 10:20 م
بارك الله فيك اخي الكريم قناعتي الشخصية و الله اعلم بالاضافة الى ما قلته ان الاخوان و مرسي كانوا على دراية بما كان يخطط و بالتفصيل و خاصة حجم المؤامرة العالمية عليهم خاصة و الامة عامة لماذا لم يتحركوا ولم يطلعوا المصريين و الامة بالمكيدة اظن و الله اعلم ان التجييش الاعلامي او كما سماهم مورسي السحرة لم يترك لهم المجال بالاضافة الى الدليل القطعي الذي لا يستطيع عاقل ان ينكره الا من صم اذنيه و التى كشفتها التسريبات و لله الحمد بالاضافة الى حرص الاخوان على دماء المصريين و على تماسك مؤسسة الجيش خاصة و من ثم وضع خطة محكمة لافشال المؤامرة العالمية متكلين على الحي القيوم ثم على المخلصين من المصريين على كافة المستويات من المسؤولية و لله الحمد و المنة بدات تؤتي اكلها انا على يقين ان الايام القدمة باذن الله تعالى حبلى بمفاجات تسر النفوس و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله و يقولون متى قل عسى ان يكون قريبا فابشروا