سياسة دولية

أوباما يخلف وعده ويبقي سجن غوانتانامو سيء السمعة مفتوحا

سجن غوانتانامو
سجن غوانتانامو
نشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن بعض الوعود التي أطلقها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وساهمت في نجاحه في دورتين انتخابيتين متواليتين، من ضمنهما قضية غلق سجن غوانتانامو، التي عجز أوباما عن الإيفاء بوعده إزاءها وإتمامها إلى حد الآن.
 
وقالت الصحيفة في هذا التقرير، الذي ترجمته "عربي 21"، إنه من مصلحة أوباما إعداد خطة جديدة للعمل على إغلاق القاعدة العسكرية بغوانتانامو، على الرغم من أن إمكانية تعطيله من قبل الكونغرس تبقى واردة جدا.

وصرحت بأن بداية صيف هذه السنة كانت واعدة بالنسبة لأوباما، على الصعيد السياسي والديبلوماسي على حد سواء؛ حيث صادقت المحكمة العليا على أحد أهم أركان إصلاح المنظومة الصحية، التي تعتبر من أهم وعوده الرئاسية.

ديبلوماسيا، اعتبرت الصحيفة أن نجاح الولايات المتحدة وشركائها في إبرام الاتفاق النووي الدولي مع إيران، مثل انتصارا باهرا للسياسة الخارجية الأمريكية، عززه النجاح في استعادة العلاقات مع كوبا وإعادة فتح السفارتين في كل من هافانا وواشنطن.

وأفادت "ليبراسيون"، نقلا عن بعض المراقبين، بأن هذه النجاحات الديبلوماسية أثبتت جدارة الرئيس الأمريكي بجائزة نوبل للسلام، التي نالها قبل ست سنوات؛ فقد رسخ اتفاق فيينا بشأن الملف النووي الإيراني، مبادئ سياسة خارجية جديدة لأوباما، تقوم عليها أمريكا منفتحة و "متواضعة"، خلافا لاستراتيجية الانغلاق والعدائية التي كرسها جورج بوش.

غير أن معضلة السجن العسكري بغوانتانامو، وفشل أوباما في الوفاء بوعده، تبقى ماثلة في ذهن المجتمع الدولي؛ فقد تعهد أوباما بإغلاقه في إحدى الاجتماعات الجماهيرية في حزيران/ يونيو 2007، وهو ما كان من المفترض القيام به سنة 2010، وفقا لمرسوم وقعه في 22 من كانون الثاني/ يناير 2009، أي بعد يوم واحد من توليه كرسي الرئاسة.

لكن معسكر الاعتقال هذا لا يزال مفتوحا على مصراعيه، مثيرا موجة من الاستهجان لدى بعض المنظمات الحقوقية الدولية، ويوجد فيه 116 "مقاتلا أجنبيا ممن تعتبرهم واشنطن الأعداء"، يقبع معظمهم خلف أسواره منذ سنة 2002 من دون محاكمة، ويعتبر 68 معتقلا آخر خطيرين جدا، ولا يمكن أن يتم الإفراج عنهم.

 وأكدت الصحيفة على أنه لن يتم بتاتا تقديم أي من المعتقلين للمحاكمة، باستثناء 12 معتقلا سبق عرضهم على المحكمة العسكرية، والذين اتهم 5 منهم بالضلوع في أحداث 11 من أيلول/سبتمبر 2001.

ولفتت ليبراسيون، نقلا عن المستشار التشريعي للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، إلى أن "الحكومة الأمريكية تحصلت على ما تعتبره أدلة إدانة باستعمال التعذيب"، ما يعني أن هذه الأدلة والأحكام الصادرة على ضوئها لا يمكن أن يتم الاعتراف بها في محاكم أي دولة تحترم نفسها، حسب تعبيره.

وذكرت أن ما تبقى من السجناء "الذين يمكن تحريرهم"، لا يزالون في انتظار الإجراءات البطيئة والمعقدة، التي تشتغل عليها ست وكالات فيديرالية، بالإضافة إلى البنتاغون، وهو ما يفرض عليهم الانتظار لسنوات طويلة، على اعتبار ما يتعرضون له من مماطلة، وما ينجر عن الخلافات الإدارية الأمريكية من عرقلة، إضافة إلى الاعتبارات الجيوسياسية، كتلك المتعلقة بالمعتقلين اليمنيين.

كما أشارت إلى ما يتطلبه نقل كل معتقل، من مراقبة وإعادة تأهيل، مخافة "انتكاسه وعودته للنشاط الإرهابي"، وهو ما أدى إلى الاكتفاء بإخراج 11 سجين منذ بداية هذه السنة، مقابل 28 العام الماضي، تم نقل معظمهم للأورغواي وكازاخستان وسلوفاكيا.

وقالت الصحيفة إن الرئيس الأمريكي يعي جيدا ما يمكن أن ينجر عن فشله في غلق سجن غوانتانامو، من إساءة إلى سجله السياسي، الأمر الذي دفعه إلى تبني خطة جديدة بهذا الصدد، بدأت معالمها تتجلى مؤخرا من خلال تصريحات مسؤولين في إدارته. وتقوم هذه الخطة على ثلاث أهداف كبرى:
الرفع من عدد المعتقلين "القابلين للتحرير"، تيسير عملية نقلهم لأوطانهم، وتأمين سجون أمريكية ذات إجراء ات أمنية مشددة "للعناصر الخطيرة".

كما أكدت ليبراسيون على أهمية وحساسية المعركة، التي يستعد باراك أوباما لخوضها مع منافسيه الجمهوريين من الرافضين لغلق سجن غوانتانامو؛ حيث عقّب السيناتور ليندسي غراهام، المرشح للسباق الرئاسي المقبل عن الشق الجمهوري، على تبني الكونغرس لمجموعة من القرارات التي تقضي بنقل عدد من السجناء للأراضي الأمريكية، بقوله "الشعب الأمريكي لا يرغب في عودة هؤلاء الأوغاد الذين يريدون قتلنا جميعا".

وهو ما أثبتته عمليات سبر آراء صحة أقوال السيناتور؛ حيث أن غالبية الأمريكيين يرفضون إغلاق معتقل غوانتانامو. تفاعلا مع هذه المؤشرات، سعت الحكومة الأمريكية، إلى إقناع شعبها بضرورة هذا الإجراء، متعللة بكون بقاء المعتقلين في غوانتانامو يمثل أداة دعاية تعتمدها التنظيمات المسلحة لاستقطاب وتجنيد المسلحين، ومؤكدة على أن ظهور ضحايا تنظيم الدولة ببدلات برتقالية ليس اعتباطيا بالمرة.

وأكدت ليبراسيون، نقلا عن دراسة نشرتها مدونة "لاوفار"، على أن تأثير الخطاب التحريضي بالسجن لا يعد عميقا، وهو ما أكدته نشريات مجلة "إنسباير" التابعة لتنظيم القاعدة؛ حيث ركزت على ذكر الغارات الأمريكية والوضع في فلسطين، مقابل إشارة طفيفة إلى سجن غوانتانامو. وفي الختام، قالت الصحيفة إن السيناتور جون ماكين، الذي أمضى أكثر من خمس سنوات كمعتقل في فييتنام، يعد من الجمهوريين القلائل المؤيدين لقرار إغلاق المعتقل؛ إذ يرجوا أن تتمكن الإدارة الأمريكية من تقديم خطة محكمة تمكنه من إقناع زملائه، كما يشير مرارا وتكرارا إلى المصاريف المجحفة التي تنفقها الولايات المتحدة على هذا المعتقل.
التعليقات (0)