سياسة عربية

مبارك تحفظ على جثة نجيب محفوظ.. وشيّعه عسكريا دون رضاه

سر متعلق بنجيب محفوظ يكشفه رئيس اتحاد الكتاب العرب محمد سلماوي - أرشيفية
سر متعلق بنجيب محفوظ يكشفه رئيس اتحاد الكتاب العرب محمد سلماوي - أرشيفية
فجَّر رئيس اتحاد الكتاب العرب، محمد سلماوي، مفاجأة خطيرة تتعلق بوفاة الأديب المصري الراحل نجيب محفوظ، قبل نحو تسع سنوات، تتمثل في تحفظ رئاسة الجمهورية، إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، على جثته في مستشفى الشرطة، وإرجاء إعلان وفاته، لمدة يومين، حتى عن أسرته، لحين ترتيب جنازة عسكرية لتشييع جثمانه، على الرغم من أن محفوظ لم يطلب تشييعه في جنازة عسكرية، وإنما أوصى بتشييعه من مسجد "الحسين" في قلب القاهرة.

ونجيب محفوظ أديب مصر الأشهر، وهو روائي عالمي حاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1988، وتمر تسع سنوات على رحيله، الأحد المقبل، وكانت آخر كلماته: "أنا عايز أروّح بقى".

وفي حوار مع صحيفة "الأهرام" الجمعة، كشف سلماوي، للمرة الأولى، تفاصيل رحيل محفوظ، فقال: "بعد ظهر يوم 30 آب/ أغسطس 2006 غادرت الغرفة 216 في مستشفى الشرطة، الذي كان يرقد فيه أديبنا الأكبر، بعد أن حضرت أسرته لزيارته، وفي السابعة مساء أصيب بأزمة طارئة نتيجة محاولة الأطباء رفع جهاز التنفس الصناعي، ومحاولة إعادته إلى التنفس الطبيعي، لكنه تخطى الأزمة بعد أن أعادوا الجهاز من جديد، وفي الثامنة والنصف غادرت أسرته المستشفى بعد الاطمئنان على استقرار حالته".

وأضاف: "بعد مغادرتهم بنحو ساعة تدهورت حالة الأستاذ مرة أخرى، وشهدت غرفته -بحسب ما روى لي أفراد حرسه الشخصي- حالة هرج ومرج، وكان الأطباء يتدافعون إلى الغرفة بمختلف الأجهزة".

وتابع سلماوي: "في العاشرة مساء تلقيت مكالمة من أحدهم، وقال لي، وهو يبكي: البقية في حياتك! فكاد التليفون يسقط من يدي، وقلت: أنا قادم على الفور. لكن محدثي رجاني ألا أفعل إلى أن يخطروني رسميا بالوفاة، وإلا ستتعرض للأذى. وانتظرت هذا الإخطار لكنه لم يجئ، وحاولت الاتصال بأطبائه، لكن أحدا منهم لم يشأ أن يجيب على مكالمتي. والسبب في ذلك قلادة النيل التي حصل عليها محفوظ!".

"قلادة النيل" السبب

وأوضح سلماوي علاقة القلادة بالوفاة فقال: "كانت رئاسة الجمهورية تعرف أن الأديب الكبير قد يرحل في أي وقت، وأنه بسبب حصوله على قلادة النيل، فإن جنازته تكون عسكرية، والجنازة العسكرية لها ترتيبات خاصة من بينها أن يقودها رئيس الجمهورية، لذلك أبلغت رئاسة الجمهورية مستشفى الشرطة أن يتم إبلاغها بوفاة الكاتب الكبير بمجرد وقوعها، وهو ما حدث بالفعل في العاشرة مساء يوم 30 آب/ أغسطس 2006".

واستدرك سلماوي: "لكن الرئاسة طلبت عدم إذاعة الخبر قبل صباح اليوم التالي نظرا لأن الوقت متأخر، وأنه لا يمكن إبلاغ رئيس الجمهورية بذلك قبل الصباح، وبناء على تأجيل إعلان الوفاة صدرت الأوامر للحرس الشخصي المرابط على باب غرفته، الذي كان قد حل موعد تبديل ورديته، بعدم مغادرة موقعه، والبقاء حتى الصباح، حتى لا يتسرب خبر الوفاة خارج المستشفى، خلال الساعات الفاصلة ما بين الليل والصباح".

وأضاف سلماوي: "أمضيت ليلتي بلا نوم، وفي التاسعة صباحا تلقيت مكالمة من الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق، الذي قال لي: "البقية في حياتك.. الأستاذ نجيب محفوظ توفي".

فقلت له على الفور: "عارف، فصمت قليلا، وقد فوجئ بمعرفتي الخبر، ثم قال: "ستكون له جنازة عسكرية، والرئيس سيحضرها غدا بمسجد آل رشدان"، فقلت: يجب أن نصلي عليه أولا في الحسين، بحسب وصيته، ثم بعد ذلك تكون الجنازة العسكرية، فسألني فجأة، وكأنه يريد أن يتحقق من معلوماتي: متى توفي؟ قلت: مبارح بالليل، فلم يعلق، وانتهت المكالمة"، على حد قوله.

وأضاف رئيس اتحاد الكتاب العرب: "في اليوم ذاته توجهت إلى المستشفى، فوجدت الدكتور حسام موافي في انتظاري لإعلان الخبر في مؤتمر صحفي في المستشفى، وقد كنت أنا الذي أعلنت الخبر في المؤتمر باسم اتحاد كتاب مصر الذي كان محفوظ رئيسه الفخري، وحين انتهيت من إلقاء بياني بدأت أسئلة الزملاء الصحفيين حول ساعة وفاته، وأسبابها، فقلت: أترككم مع طبيبه المعالج ليجيب عن هذه الأسئلة".

يذكر أن روايات محفوظ ما زالت تتربع فوق عرش الرواية العربية، وقد ترجمت إلى معظم اللغات الحية والرئيسية، نظرا لما تتمتع به من الصدق، والواقعية، والغوص في أعماق النفس البشرية، كما أنه رصد فيها الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للمجتمع المصري، ومزج فيها بين التاريخ والحاضر، بحسب النقاد.
التعليقات (0)