كتاب عربي 21

الزعيم الركن عبد الفتاح السيسي!

سليم عزوز
1300x600
1300x600
الوضع المأزوم في مصر، جار على الخيال فغيبه، ولم يعد لدى جماعة الانقلاب إلا استدعاء "الاسطوانات المشروخة"، في فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر، من أجل تخليق شرعية لعبد الفتاح السيسي، الكل على جمهوره، فأينما يوله لا يأت بخير. حتى وصل بنا إلى الدعوة للاحتشاد الوطني، وترك الخلاف، لمجابهة القوى الخارجية التي تكيد لمصر، وتعمل على "إفشال" حكم الرئيس!.

لقد كانت وجهة نظر الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، المرشد الروحي لعبد الفتاح السيسي، أنه بمزيد من الدماء والاعتقالات سيتم طي صفحة الإخوان المسلمين، كما حدث في عهد عبد الناصر، ثم كانت النصيحة بتدشين مشروعات قومية يلتف حولها المصريون، كما حدث في عهد الزعيم خالد الذكر. ثم كانت فكرة تخليق أزمة خارجية، تدفع للالتفاف حول "الزعيم الركن"، كما حدث مع عبد الناصر في حربه مع إسرائيل، وقد حاول السيسي الهروب من الفشل إلى معركة خارجية، في ليبيا وغيرها، لكن الظروف الدولية لم تكن مواتية، ولم يكن غريبا مع اعتماد "كتالوج" هذه المرحلة، الذي تحول إلى "اسطوانة مشروخة" بسبب سوء الاستخدام، أن يعتبر أنصار السيسي في قيام بعض الدول الغربية بوقف رحلاتها السياحية لمصر، وسحب بعض هذه الدول لرعاياها من شرم الشيخ، أنها مناسبة طيبة لمخاطبة المشاعر الوطنية، و"إعادة شحن" عواطف المصريين في اتجاه نصرة البلد، الذي جرى اختزاله في السيسي، باعتبار أن مصر تواجه تحديات خارجية، ومحاولات غربية لإضعافها.

هذه الدعوة تأتي في وقت، أعطى المصريون فيه للسيسي ظهورهم، ولم يكترثوا بدعوته لهم بأن يهبوا إلى لجان الانتخابات، وكان هذا العزوف كاشفا وليس منشئا، أن السيسي فقد شعبيته داخل دوائره، فقد قسم الشعب إلى قسمين، بحسب الأغنية الرسمية المعتمدة من نظامه "إحنا شعب وهما شعب". ولأن فشله غير مسبوق، فقد خسر شعبه، وبدأ الناس التخلي عن خوفهم حتى صار طبيعيا أن يُلعن من البسطاء في الشوارع، وفي الحافلات، وأمام الكاميرات، فلم يعد يملك ما يقدمه سوى وعود تخرج من فمه ميتة، عن انخفاض الأسعار بعد شهر، غير عابئ بأن الشهر ليس ببعيد، لكنه العقل المأزوم، الذي يدفعه للتعامل على أنه "رئيس باليومية"، يعمل وفق قاعدة "يوم بيوم"!

لم يعد لأنصاره، ما يدافعوا به عن اختيارهم، بعد سقوط كل الدعاية القديمة، فلهذا عندما تواجه أحدهم بسؤال: ماذا بقي من السيسي من كرامات تدعو لتأييده؟، فإنه يبلع ريقه وهو يقول: يكفي أنه قضى على الإخوان. وكنت أطلب دائما عدم التوقف عند هذه الإجابة، وإنما ينبغي أن تواصل الحوار بطرح سؤال مهم: وهو ماذا فعل لك الإخوان؟! فعندما أفعل هذا مع القوم يكون الرد ارتباكا، من سائل بدا كما لو كان مفاجأ بالسؤال!.

الآن، لم تعد هذه الإجابة مناسبة، فالسيسي لم يقض على الإخوان، فالإخوان صاروا أكثر حضورا منه، ولو بالتلفيق الذي يقوم به حكم السيسي ولا يدري ماذا يفعل، فانهيار الاقتصادي المصري، وهزيمة الجنيه أمام الدولار، قالوا إن وراءها الإخواني "حسن مالك"، وتحول محافظة الإسكندرية إلى بحر متلاطم الأمواج، قالت وزارة الداخلية إن المسؤول عن هذا هم الإخوان، وأعلنت القبض على خلية "البلاعات الإخوانية"، التي قامت بسد الصرف الصحي للمحافظة بقطع إسمنتية. وبهذا فإنه تم سحب الإنجاز الوحيد للسيسي لدى أنصاره، وهو الخاص بأنه قضى على الإخوان، وقد تحول الإخوان إلى عفريت يخشى أن يفتح أحدهم الصنبور في منزله فينزل منه المرشد العام.

وقد استمعت لأحدهم يتحدث في إحدى الفضائيات عن فشل زيارة السيسي إلى لندن، ويرجع هذا الفشل إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي حركت الإعلام البريطاني والإنجليز لنقد الزيارة، وتفجير قضية الطائرة البريطانية التي أُطلق عليها صاروخ، لكن الطيار تمكن من النجاة بأعجوبة. بل وصل الحال إلى حد أن إعلام السيسي الآن يروج بأن القرار البريطاني بسحب السائحين البريطانيين من شرم الشيخ يقف الإخوان خلفه.

وقد بدا السيسي – والحال كذلك – شخصا فاقدا لمبرر الاستمرار في السلطة التي اغتصبها، ولهذا احتشد الذين من شيعته، لدعوة الشعب المصري لنسيان الخلافات، والاحتشاد خلف "الزعيم الركن" وهو يواجه التحديات، ومحاولة إسقاط مصر على يد الغرب، بعد قيام سبع دول غربية بوقف السياحة لمصر، من بينها موسكو التي كانوا يتعاملون معها على أنها تقف في ظهر السيسي، وأن اتجاهه شرقا يعني تحرير القرار المصري من التبعية الأمريكية.

وهذه الدعاية تأتي استلهاما من دعوة الاحتشاد خلف جمال عبد الناصر عقب هزيمة 1967، إذ تم الترويج الإعلامي لها على أنها محاولة إسرائيلية لإسقاط الزعيم، فكانت "لعبة التنحي"، وبالمناسبة فقد نصح "هيكل" السيسي منذ فترة باستخدام لعبة التنحي، لكن السيسي ليس مغامرا، فإذا كانت الجماهير خرجت تطالب عبد الناصر بالعدول عن قراره، فما الذي يمنع من أن تخرج الجماهير في حالة السيسي لتحتفي بالقرار؟!

موقف أنصار السيسي من الغرب يعاني من الاضطراب، فإن بدا عدم اكتراث الغرب به، أعلنوا أن هذا دليل وطنيته، وليس أدل على هذا من وصفهم لأوباما، بأنه إخوان، وأن شقيقه عضو بالتنظيم الدولي للجماعة، ثم عندما يسافر السيسي إلى أي بلد، أو يأتي إليه ضيف غربي، أو تتم الموافقة على منح أسلحة للجيش المصري يجري التهليل لذلك، فهذا دليل على أنه الرئيس الشعبي المقدر دوليا، يوشكون أن يستدعوا العبارة الشعبية التي تقول من باب "كيد النساء": "يا عوازل فلفلوا".. راجع أغنية "يا عوازل فلفلوا" لفريد الأطرش. ومن قبل صرح وزير خارجية الانقلاب بأن العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية علاقة زواج كاثوليكي!

فعندما أوقفت الولايات المتحدة الأمريكية صفقة الطائرات الـ "اف 16" في بداية الانقلاب جرى التعامل مع الوقف باعتباره دليل استقلال القرار المصري في عهد السيسي، وعندما تم تسليمها، تعامل أنصار السيسي على أن هذا دليل على شرعيته، وقدره في المجتمع الدولي.

الموضوع وما فيه، أن الغرب الذي جامل الانقلاب بما فيه الكفاية، لم يستطع أن يغامر بشعبه منحة لانقلاب فاشل، جرى الاتفاق على تفاصيله في السفارة الأمريكية بالقاهرة، وحصل على موافقة الاتحاد الأوروبي، وإذ صمت البريطانيون لشهرين على محاولة إصابة طائرة بريطانية بصاروخ طائش، فلأن إعلان هذا في حينه سيجعل زيارة السيسي غير مرحب بها بريطانيا، وهناك ضغوط بذلت على رئيس وزراء بريطانيا من الإماراتيين، لإتمام هذه الزيارة، لكن بعد سقوط الطائرة الروسية، تعامل الرجل على أن الضغوط تقدر بقدرها فهي تستهدف إتمام الزيارة وقد تمت، فلا تثريب عليه الآن من إجلاء السائحين البريطانيين من شرم الشيخ، في ظل هذه الفوضى التي تحكم مصر في ظل حكم العسكر، فيقتل الجيش سياحا مكسيكيين، وينطلق منه في مناورات عسكرية صاروخ كاد أن يصيب طائرة بريطانية، ويبدو أن الإهمال سبب في تفجير الطائرة الروسية، ورئيس الحكومة ليس مستعدا لتدمير مستقبله السياسي حبا في السيسي، فنساء بريطانيا لسن كنساء شعب السيسي "حبلى بنجمه" كما جاء في قصيدة شاعر الغبراء التي نشرتها صحيفة "المصري اليوم"!

ما علينا، فالدعوة للاحتشاد خلف الرئيس السيسي الذي يواجه التحديات الغربية، تأتي بينما السيسي نفسه غائب عن المشهد، وقد ارتاح لهذا النوع من الدعاية غير مدفوع الثمن، فمن قبل وصفوه بأنه عبد الناصر، دون أن يقول هو ماذا يمثل له الزعيم الراحل، فكسب دعاية مجانية داخليا، ودون أن يتحمل تبعات ذلك، فلن تساعد السعودية، أو تناصر إسرائيل، أو تنحاز الولايات المتحدة الأمريكية، لجمال عبد الناصر، أو من يقتدي به.

لا بأس فأنا على أتم استعداد، لأن أنسى مرسي وشرعيته، والديمقراطية والحرية، والمعتقلين والانتهاكات، بل وأنسى الثورة ذاتها، إذا أطل السيسي برأسه وأعلن أنه في مواجهة مع الغرب، وأنه يدعو لنصرته، لكنه لن يفعل، لأن شرعية انقلابه يستمدها من هناك، ولأنه ليس أكثر من أداة لتدمير الثورة وحق الشعب المصري في اختيار من يحكمه، لاستمرار التبعية والفقر بواسطة العسكر في المستعمرات القديمة.

عندما يدعون للاحتشاد خلف السيسي لمجابهة المخطط الغربي، الذي يسعى لتدمير مصر، فإنهم يضحكون على الذفون، لأن السيسي هو أداة هذا المخطط الغربي واستمراره في الحكم هو استمرار عملية التدمير.

فضوها سيرة فقد هرمنا

[email protected]
التعليقات (5)
محمد غزال
الجمعة، 04-12-2015 09:06 ص
تسلم وربنا يكرمك سليم عزوز فأنا من أشد المعجبين بمقالاتك
معتصم حامد
الإثنين، 09-11-2015 04:23 م
ان الله لا ولن يصلح عمل المفسدين فالرجل فقد مصداقيته وشعبيته واصبح طعمه أكثر حموضة فكل فوارات الصيدليات العالمية تستطيع معالجة حموضته التي طفحت مثل بلاعات الإسكندرية وسائر المحافظات المصرية فهو الآن يعاني سكرات الفشل الذريع فأصبح حاله لايسر عدو ولا حبيب فلو استمر هكذا الفشل يلاحقه ولو تركها حبل المشنقة في انتظاره وعلى نفسها جنت براغش ..
الم
الإثنين، 09-11-2015 10:48 ص
مبدع استاذ عزوز
نصير حق شاهد
الإثنين، 09-11-2015 10:47 ص
اخى الحبيب ، ارفق لكم مقال مهم يجب الحذر من نفس المصير الذى يتحدث عنه ، مع العلم باننى و الله الذى لا إله إلا هو ، لا اتوانى فى الوقوف معكم مادمتم جميعا تضعون نصب اعينكم الا نصل لما وصلوا اليه هؤلاء الذين يحصيهم المقال، دمتم جميعا اهل حق و عمل على بصيرة. مصائر عرّابي احتلال العراق... يتامى ومناديل قديمة عثمان المختار 9 نوفمبر 2015 وفاة السياسي العراقي أحمد الجلبي إثر أزمة قلبية ، أحمد الجلبي... عراب الاحتلال الأميركي والتحالفات العراقية مصائر عرّابي احتلال العراق... يتامى ومناديل قديمة مع مرور ثلاثة عشر عاماً على الاحتلال الأميركي للعراق، وما رافقها من فصول موت وفوضى وفساد وتخلف لا تنتهي، سواء أثناء الاحتلال أو بعد انسحابه، تطمس الأحداث المتسارعة في بلاد الرافدين أسماء شخصيات عراقية بارزة دخلت البلاد من منفاها مع أولى الدبابات الأميركية التي عبرت أسوار بغداد، وصولاً إلى ساحة الفردوس في قلب العاصمة؛ فمنهم من عاد إلى منفاه، لكن بصورة اختيارية. ومنهم من مات وحيداً في منزله. ومنهم من آثر القبول بتراجع أسهمه السياسية والشعبية واكتفى بمنصب استشاري أو مقعد بالبرلمان بلا صلاحيات. في المقابل، احتلت شخصيات ثانوية إبان احتلال العراق مناصب مهمة ورفيعة في دولة عراق اليوم. " من بين 25 شخصية دخلت العراق واختيرت من قبل واشنطن لتشكيل مجلس الحكم الانتقالي، تستمر سبع شخصيات في تولي مناصب مهمة "من سيكون الشخص التالي الذي نمشي في جنازته؟" تُثير هذه العبارة التي أطلقها أحد كوادر حزب "الدعوة" الإسلامية في العراق، ويدعى عبد الزهرة محمد، في تعليقه على لقطات مصورة تُظهر رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، وهو يضحك مع آخرين أثناء جنازة السياسي الراحل أحمد الجلبي، والذي شُيّع من مبنى البرلمان إلى مثواه الأخير، علامات استفهام حول حقيقة وضع الشخصيات العراقية التي ساعدت الولايات المتحدة على احتلال بلادها وأعطت الشرعية لاحتلال تسبب بمقتل وفقدان وإصابة أكثر من مليون عراقي، وخلق خمسة ملايين يتيم وأرملة، وشرّد تسعة ملايين آخرين ونشر الإرهاب والتخلف والفساد. وسلّط موت الجلبي الأضواء على تلك الشخصيات، والتي تحوّلت إلى مصدر جدل في الشارع العراقي؛ فمنهم من رأى فيهم خونة، ساعدوا في تدمير العراق، ومنهم من رأى فيهم أبطالاً ساهموا في تخليصهم من نظام شمولي. فيما ذهب فريق ثالث إلى اعتبار تلك الشخصيات مجرد أدوات أو غطاء تم استخدامهم كمناديل سرعان ما انتفت الحاجة إليهم وتساقطوا الواحد تلو الآخر. ولم يبق الكثير من أولئك الذين قدموا مع الدبابة الأميركية، داخل السلطة الفعلية في العراق؛ فمن بين 25 شخصية سياسية دخلت العراق واختيرت من قبل واشنطن لتشكيل ما عرف حينها بمجلس الحكم الانتقالي، تستمر سبع شخصيات فقط في تولي مناصب مهمة في الدولة، ولو بشكل يوصف بالمترنح. الموت وغيّب الموت ستة من أبرز تلك الشخصيات، سواء عبر الاغتيال أو المرض أو الوفاة بشكل مثير للجدل. وهؤلاء هم أحمد عبد الهادي الجلبي المعروف باسم عرّاب الاحتلال، والذي توفي في منزله بأطراف بلدة الكاظمية شمالي بغداد ليلة الثلاثاء الماضي. وبحسب صديقه المقرّب عزة الشابندر، فقد وجد ميتاً على كرسيه الهزاز حاملاً هاتفه بيده. أنهى الجلبي حياته في العامين الأخيرين ضمن دائرة تهميش واضحة، بعدما بات ورقة محترقة بالنسبة لواشنطن، ومرفوضاً بالنسبة لطهران، يكتفي بمقعد في البرلمان وصفحة على موقع "فيسبوك"، غلبت عليها انتقاداته الحادة لما آل إليه الوضع في العراق، ومواضيع حول ملفات فساد السياسيين وأبرزهم نوري المالكي الذي كان يناصبه العداء بشكل علني. " أنهى الجلبي حياته في العامين الأخيرين ضمن دائرة تهميش واضحة، بعدما بات ورقة محترقة بالنسبة لواشنطن، ومرفوضاً بالنسبة لطهران محمد بحر العلوم، وهو الرئيس الدوري الثاني لمجلس الحكم في العراق عقب الاحتلال بعد الجلبي. عُرف عن الرجل طرحه الوطني ومحاولة تضييق الهوة الطائفية التي خلقتها السياسة الأميركية بالبلاد. توفي في مدينة النجف بسبب فشل كلوي عن عمر ناهز الخمسة والسبعين عاماً بعد فشله في نيل أي مكسب سياسي خلال انتخابات عام 2008 و2010 و2014. عقيلة علي حسين الهاشمي. توفيت متأثرة بجراح أصيبت بها أثر عملية اغتيال تعرضت لها ببغداد في سبتمبر/أيلول 2003. عز الدين سليم أو عبد الزهرة عثمان محمد، الرئيس الدوري الرابع لمجلس الحكم الانتقالي في العراق. واحد ممن شاركوا في مؤتمر واشنطن قبيل احتلال العراق، وساهم في برنامج إقناع قادة الجيش العراقي السابق بعدم القتال، غير أنه فشل في ذلك حينها. اغتيل في 17 مايو/أيار 2004 بتفجير سيارة مفخخة تزامنت مع مرور موكبه في حي الحارثية قرب أحد مداخل المنطقة الخضراء. عبد العزيز الحكيم، أحد مؤسسي مليشيا "بدر" بالعراق، وزعيم التحالف الوطني العراقي منذ تأسيسه. توفي في أغسطس/آب 2009 بمستشفى في العاصمة الإيرانية طهران، بسبب السرطان. محمد باقر الحكيم، اغتيل في محافظة النجف بعد دخوله العراق قادماً من إيران منتصف عام 2003 بعملية إرهابية نفذها تنظيم "القاعدة" في حينها. إلى المنفى.. الاختياري وبالنسبة للذين اختاروا العودة إلى المنفى، فإن أبرزهم السياسي المخضرم عدنان الباججي ومحسن عبد الحميد وغازي عجيل الياور ونصير الجادرجي وسمير الصميدعي وحميد مجيد موسى. يقضي هؤلاء أيامهم في دول المنفى التي اختاروها سابقاً إبان حكم الرئيس الراحل صدام حسين. وتتناول وسائل الإعلام أخبار وصولهم لبغداد بين الحين والآخر، في زيارات يمكن وصفها بالثانوية بسبب فشلهم في الحصول على مناصب أو عدم رضاهم عما آلت إليه الأمور. طريح فراش الموت كذلك يقعد المرض قيادات بارزة أخرى كالرئيس السابق جلال الطالباني، ومستشار الأمن الوطني السابق إبان الاحتلال موفق الربيعي، وعلي ابن الشريف الحسين، وريث العرش الملكي السابق بالعراق، والذي أطاح به الجمهوريون منتصف القرن الماضي. غالبية الشخصيات التي ساهمت في هذا الاحتلال بدأت بكتابة مذكراتها خوفاً من أن تظلم من قبل المؤرخين مهمّشون وهناك آخرون، أُطيح بهم سياسياً. أمثال أحمد شياع البراك، عضو مجلس الحكم، والرئيس الدوري الثامن له. وجلال الدين الصغير وعبد الكريم المحمداوي، المعروف باسم أمير الأهوار، وسلامة الخفاجي ومحمود عثمان ووائل عبد اللطيف ويونادم كنا ورجاء الخزاعي وسنغول جابوك، وصلاح الدين بهاء الدين، وسعدون الدليمي وحاجم الحسني وحازم الشعلان وعزة الشابندر. فشل جميع هؤلاء خلال الدورات الانتخابية الثلاث الماضية في تحقيق أي إنجاز باستثناء حصول بعضهم على مقعد داخل البرلمان. ويتولون حالياً مناصب استشارية في وزارات مختلفة، أو مقاعد برلمانية. فيما اكتفى بعضهم بالاستفادة من قانون "الخدمة الجهادية"، والذي صنف جميع المعارضين لحكم صدام حسين به، وصُرفت لهم مرتبات تقاعدية شهرية ساعدتهم على العيش خارج العراق. مترنّحون في المقابل، يترنح كل من إياد علاوي ونوري المالكي، نائبي رئيس الجمهورية الحالي، ورئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البرزاني، إذ أدت الإصلاحات السياسية الأخيرة لرئيس الحكومة حيدر العبادي إلى إزاحتهم. بينما تستمر أزمة الرئاسة بكردستان بسبب إصرار كتل سياسية كردية على تسليم البارزاني كرسي الرئاسة بعد انتهاء مدتها الدستورية. يترنح كل من علاوي والمالكي والبارزاني، إذ أدت إصلاحات العبادي إلى إزاحتهم ويقول المستشار الإعلامي لمجلس الحكم الانتقالي السابق الذي أسسه الأميركيون في بغداد عام 2003 أحمد الصباغ، في حديث هاتفي لـ"العربي الجديد"، من مقر إقامته في العاصمة التشيكية براغ، إنه "لم يخطط أحد لتلك النهاية. ولم نتخيلها أصلاً، إنها مخيبة فعلاً. العراق الآن سيئ جداً. والناس الذين كانوا يؤيدوننا، باتوا غاضبين علينا". ويضيف "(الرئيس العراقي الراحل) صدام (حسين) كان مجرماً والتخلص منه كان ضرورة. لكن نحن من دفعنا العراقيين الآن، سنة وشيعة، إلى الترحم عليه وعلى أيامه". ويتابع "اتصل كل شهر أو شهرين بعدد من الذين شاركوا في مؤتمر لندن قبيل الاحتلال أو مؤتمر واشنطن بعده بأيام، وأعلنوا خلالها مباركتهم لاحتلال الولايات المتحدة للعراق. بعضهم نادم جداً. بل إن أحدهم (لم يسمّه)، اشتكت لي زوجته في حفل زفاف ابن صديق مشترك لنا، أنّه لا يخرج من بيته ويخشى من نظرات الناس إليه". ويضيف "كانوا يتوقعون شيئاً أفضل للعراق، وأنهم سيكونون مُحررين للشعب، لكن لم تتحقق طموحاتهم". وفي الإطار، يقول أحد أبرز قيادات مجلس الحكم الانتقالي في اتصال مع "العربي الجديد"، مفضلاً عدم نشر اسمه: "لست آسفاً على المساهمة في تأييد أو مباركة احتلال بلدي، لأنه كان قراراً محسوماً من الغرب. وكان يجب التخلص من صدام. لكنني آسف لسوء تصرفنا. نعم لقد تمزّقت البلاد، وتخلفت وسادت الفوضى فيها". ويبيّن أنّ غالبية الشخصيات التي ساهمت بهذا الاحتلال بدأت بكتابة مذكراتها الشخصية خوفاً من أن تظلم من قبل المؤرخين عن هذه الحقبة"، على حدّ وصفه. ويؤكّد أن الكثير من الشخصيات "وقعت ضحية تنافر العلاقة والمصالح الأميركية والإيرانية بالعراق فسقطت سريعاً"، وفقاً لقوله. في الفترة الأخيرة، رفعت يافطة عريضة من قبل متظاهرين في ساحة التحرير وسط بغداد ينددون بالفساد والبطالة ويطالبون بإصلاح منظومة الحكم وإدارة الدولة العراقية بعد 13 عاماً من الاحتلال. يقول عنها الناشط المدني حسين الموسوي إنها الأكثر تنكيلاً بالسياسيين العراقيين الحاليين، إذ كتب أحدهم في اليافطة (يقول غسان كنفاني: من يخون وطنه وأهله يشعر بالبرد دوماً وهو حي. وعندما يموت يستمر شعوره بالبرد تحت التراب).
رؤيه
الإثنين، 09-11-2015 07:54 ص
أعتقد أن الغرب سيتخلصون حتى من أداتهم ( سيسي) كما تخلصوا من قبل من كنزهم الاستراتيجي (مبارك) فالمرحلة القادمة هي مرحلة اللادولة.

خبر عاجل