قضايا وآراء

ترامب والإعلام الأمريكي.. من يكسب المعركة؟

محمد المختار دي
1300x600
1300x600
الرئيس الأمريكي المثير للجدل دونالد ترامب، يعرض في تغريدة له؛ شراء صحيفة نيويورك تايمز، لتصحيح خط تحريرها وترشيده بما يتناسب مع السياسة الأمريكية الجديدة ومع مصالح أمريكا ترامب.. التي يضيق صدرها بالنقد وبالإعلام المعارض.

ليست مزحة أو نكتة، إنها الحقيقة. أمريكا سيدة العالم وأم الديمقراطيات، وراعية الحقوق والمتحدث الأول باسم الحريات والإعلام الحر، لم تعد كما كانت. تغير وجهها وتبدلت ملامحها منذ صعود الرجل الديمقراطي المتعجرف.. أصبحت تضيق بالإعلام وبالنقد وبمن يخالف ترامب وحلفاءه.. أصبحت دولة الرجل الواحد، بعدما كانت، أو كما كانت تظهر للجميع، الوجه المناهض كل المستبدين في العالم، والداعي إلى تفعيل الديمقراطية وترسيخها في كل أنحاء العالم.

أي وجه تظهر به أمريكا ترامب اليوم؟ وإلى أين هي ماضية؟

تغريدة ترامب القوية جدا، والرسالة الواضحة التي وجهها إلى صحيفة نيويورك تايمز، جاءت بعدما وصفت الصحيفة الأمريكية قرار ترامب بمنع سبع دول إسلامية من السفر إلى أمريكا ووضعها ضمن قوائم الإرهاب؛ بالقرار بالجبان والخطير والمضر بالمصالح الامريكية.. فيما يبدو توجها من نيويورك تايمز لاختيار المواجهة مع الرجل والوقوف في الصف المعارض لسياسته، وإعلانها صراحة، بعدما ما كانت ممزوجة بشعار احترام صناديق الاقتراع.

ترامب ليس الأصلح لقيادة بلد بحجم الولايات المتحدة الأمريكية.. هكذا بدت صحيفة نيويورك تايمز وخطها التحريري، ومن ورائها آلاف الأمريكيين الذين يملؤون شوارع الولايات الأمريكية تنديدا بترامب وفوزه وتنصيبه، والأهم من ذالك كله سياساته المضرة باسم أمريكا وقيمتها في العالم، وقد كانت سيدته في يوم من الأيام.

الصراع بين ترامب ووسائل الإعلام الأمريكية ليس وليد اللحظة. فقد بدأ منذ إعلانه الرجل ترشيحه ومشروعه الانتخابي الصادم للجميع والمنفر للكثيرين.. منذ ذلك اليوم بدأت الحرب بين ترامب ووسائل الإعلام الأمريكية، ومن أهمها نيويورك تايمز، فاستخدمت كل وسائل الدعاية التي لم تخل من بعض الحقائق ضد الرجل، وجنّدت الصحف والقنوات ومراكز استطلاع الرأي ضده، وتم تشويه صورته أيما تشويه.. لكن ذلك لم يسقط ترامب الذي بدا مستندا على قوة داخلية شعبية، وقوى سياسية تعمل في الخفاء من أجل إنجاحه..

ظلت المعركة دائرة بين الإعلام وترامب، انحاز فيها الإعلام الأمريكي انحيازا تاما ضده، كما انحاز من قبل في انتخابات الستينيات، أيام الرئيس الراحل روزفلت، وفاجأ الجمهور الأمريكي يومها الجميع، وأعاد انتخاب الرئيس المريض مرة أخرى.. في التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2016؛ التاريخ يعيد نفسه، ولكن مع اختلاف الشخصيات، فروزفلت كان حكيما جدا، بينما ترامب يبدو في نظر كثيرين متهورا ومجنونا في كل تصرفاته وتصريحاته. ورغم كل ذالك كسب الجولة الأولى ضد هيلاري كلنتون أولا، وضد الاعلام ثانيا.

اعتذرت وسائل الإعلام الأمريكية علنا لجمهورها عن توقعاتها الخاطئة بعدم فوز ترامب، في محاولة هي أقرب لجس نبض الرجل تجاهها، ومحاولة لمد يد السلام له وكسب ودّه وتجنب شروره، لكنها لم تجد نفعا في ما يبدو من المواجهة الأخيرة بين ترامب والإعلام.

ومع تنصيب ترامب في 20 كانون الثاني/ يناير 2017، وبدئه تنفيذ سياسته التي وعد بها، ومخططه الذي جاء من أجله، وخروج المظاهرات المنددة به واتساعها يوما بعد يوم.. عادت وسائل الإعلام الأمريكية لتهاجم الرجل.

ترامب والإعلام الأمريكي في مواجهة مباشرة.. وشتاء أمريكي ساخن، فمن سيكسب الرهان في الأخير؟

أمريكا ترامب بوجه غير الذي عرفه العالم عنها؛ تبدو فيه للانقسام والعنصرية والتطرف أقرب منها للسياسة والديمقراطية وقيادة العالم وسيادته، حيث تلقب دائما بالولايات المتحدة الأمريكية بسيدة العالم والحاكم الفعلي له.
التعليقات (0)