سياسة عربية

جدل بالجزائر بسبب مشروع قانون يجيز الإجهاض

الإجهاض يثير حساسية مفرطة بالنسبة للمجتمع الجزائري المحافظ - أرشيفية

أثار مشروع قانون الصحة الجديد بالجزائر، جدلا واسعا لتضمنه بندا يجيز عمليات الإجهاض، في المستشفيات والعيادات الخاصة، وذلك لأول مرة في تاريخ البلاد.


تحشد المعارضة السياسية ونقابات قطاع الصحة بالجزائر، التأييد الشعبي من أجل منع المصادقة على بند مثير للجدل، بمشروع قانون الصحة، ومنعه من الدخول حيز التنفيذ، ويتعلق بإجازة الحكومة، عمليات الإجهاض.


ويعرض مشروع قانون الصحة بالجديد بالجزائر، للمناقشة ثم المصادقة عليه، بالبرلمان الأحد المقبل، بينما يواجه وزير القطاع مختار حزبلاوي، مطالبات بإسقاط البند رقم 81 المتعلق بالسماح للمرأة الحامل بإجهاض جنينها في حال إثبات التشخيص الطبي إصابته بمرض أو تشوه خطير.


ويجيز قانون الصحة، الساري العمل به حاليا بالجزائر، عمليات الإجهاض، غير أنه يقيدها في شرط واحد، هو إن كان الجنين يشكل خطرا على الأم، قد يؤدي إلى وفاتها. غير أن مجالات إجازة عمليات الإجهاض، توسعت بمشروع الصحة الجديد، إلى مقتضيات أخرى، ما أثار تحفظات المعارضة السياسية، الإسلامية منها على الخصوص، لارتباط المسألة بمحظورات الشريعة الإسلامية.


وقال عيسى مسلاني، البرلماني عن التحالف الإسلامي بالجزائر، إن "إجازة الإجهاض بقانون الصحة الجديد، يعتبر تطورا غير محبذ بقطاع الصحة، بالجزائر، ونحن نرفضه في حال التأكد من الفقهاء أنه يعارض الشريعة الإسلامية"، مضيفا في تصريح لـ"عربي21"، الخميس أن "الإجهاض وارد بقانون الصحة الساري، ولم نعترض عليه لكونه محصورا بحالة واحدة، وهي تشكيل الجنين خطرا على حياة الأم".


أرقام صادمة 


واعتبر مسلاني أن "توسيع مجالات الإجهاض، إلى حالات إضافية يفتح المجال لأي امرأة تريد التخلص من جنينها، وهنا أفتح قوسا بالنسبة لتنامي ظاهرة الإنجاب خارج الأطر الشرعية وكيف أن أرقام الأطفال غير الشرعيين تضاعفت بالأعوام الأخيرة، وهذا ما نخشاه بالنسبة لإتاحة القانون الجديد، فرصا أخرى لإجهاض الأجنة من العلاقات غير الشرعية".


وبهذا الصدد، تشير الأرقام التي قدمتها وزارة التضامن الوطني بالجزائر، بيوم دراسي حول الإجهاض نظم منتصف شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، إلى أن "أكثر من 10 آلاف طفل بالجزائر، ولدوا بالسنوات الأخيرة، من علاقات غير شرعية".


وسجل المعهد الوطني للصحة بالجزائر، 697 حالة وفاة أثناء الولادة، منذ بدء العام الجاري 2017، منها 41 حالة وفاة بسبب الإجهاض (زواج شرعي)، بينما كشف تقرير آخر لمصالح الأمن الوطني بالبلاد وفاة 78 امرأة حاملا بطريقة غير شرعية خضعن للإجهاض من مجموع 3 آلاف حالة إجهاض من نفس الفئة.


ووصف مسلاتي هذه الأرقام بالصادمة، منتقدا "عدم استشارة وزارة الصحة، الفقهاء ورجال الدين بمسألة إباحتها الإجهاض، رغم أن المسألة مرتبطة أشد الارتباط بمقتضيات الشريعة الإسلامية، والدستور الجزائري يقر صراحة أن الإسلام دين الدولة". 


ويثير الإجهاض حساسية مفرطة بالنسبة للمجتمع الجزائري المحافظ، كما يرى الحقوقي طاهر بقاق، عضو رابطة حقوق الإنسان بالجزائر، أن "الإجهاض صار من الملفات المسكوت عنها، بالرغم من خطورة الوضع، لكني أعتقد أنه يجب وضع ضوابط صارمة في الحالات التي يجوز إخضاع الأم للإجهاض، إذ لا ينبغي إجازة الإجهاض لامرأة تحمل جنينا من علاقة غير شرعية".


الجريمة السرية 


ودق "بقاق" ناقوس الخطر إزاء "تصاعد الجريمة السرية المتعلقة بالإجهاض وتورط أطباء بإجراء عمليات إجهاض بعيادات خاصة، حيث تم توقيف العديد من الأطباء ممن ثبت بحقهم تورطهم بهذا الأمر خارج الأطر القانونية، لذلك، وجب تقنين الإجهاض لإخراجه من طابع السرية". مردفا: "أنا مع القانون الجديد بشرط أن يكون واضحا، ويراعى في عملية الإجهاض موافقة أطباء محلفين وموثوق بهم بالإضافة إلى موافقة الزوج أو الوالدين".


وعرض مشروع قانون الصحة الجزائري، الأربعاء أمام لجنة الصحة والعمل بالبرلمان الجزائري، بغرض إبداء الرأي به، قبل إحالته على المناقشة العامة من طرف النواب، الأحد المقبل.


موقف رجال الدين 


وقال بوعبد الله غلام، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، إن "المجلس لا يعلق على البند القانوني رقم 81 المتعلق بالإجهاض، كما أنه لا يتدخل بخصوص القانون الذي أبدت به، اللجنة البرلمانية، الرأي"، مؤكدا أن "المجلس الإسلامي الأعلى سيثير المسألة بإحدى دوراته المقبلة، في حال وجد أن البند المتعلق بالإجهاض أثار فعلا ردودا غاضبة من طرف الرأي العام الجزائري".


 من جهته، أوضح رئيس التنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية والأوقاف جلول حجيمي، في تصريح لـ"عربي21"، الخميس، أنه "يتعين على وزارة الصحة العودة إلى رجال الدين قبل اتخاذ أي قرار طبي له صلة بالشرع". 


وأكد حجيمي: "يجب تسليط مراقبة صارمة بالمشافي العامة والخاصة، وتتبع عمليات الإجهاض والتأكد إن كان الطارئ الطبي، فعلا، يقتضي مثل هذه العملية، ومعرفة إن كانت لا تمس بالدين والشرع".


وقال الدكتور واضحي  سيدي الشيخ، أن "الإسلام يحافظ على نفس الإنسان، ولا يجوز إزهاق نفسا مؤمنة إلا بالحق أو القصاص"، متابعا لـ"عربي21"، الخميس: "أما إذا قدر الأطباء أن الفرع وهو الجنين يشكل خطرا على الأصل وهي الأم، فيجوز إنزال الفرع على الأصل"، متابعا أن "بعض العلماء أجازوا الإجهاض ما كان قبل 120 يوما من الحمل فقط".


 من جهته، قال وزير الصحة الجزائري مختار حسبلاوي، لدى تقديمه عرضا حول مشروع قانون الصحة، أمام اللجنة البرلمانية، الأربعاء، أن البند رقم 81 من القانون "أملته خلفيات ودوافع طبية وصحية، تخص صحة الأم"، موضحا أن "التقيد بالنص الشرعي أمر بديهي"، موضحا أن "نص القانون لم تعترض عليه وزارة الشؤون الدينية والأوقاف".


وأكد حسبلاوي أمام اللجنة البرلمانية أن "اللجنة حرة باستشارة أهل الاختصاص الديني والطبي"، لكن هذا التصريح، أثار حفيظة نواب المعارضة، باعتبار أن القانون سيعرض للمناقشة ثم المصادقة، الأحد المقبل، ولا وقت لدى اللجنة لتوسيع الاستشارة أمام أهل الاختصاص.


وأوضح منصور بدوي، النائب عن جبهة العدالة والتنمية، أن "العمل جار لحشد التأييد، ليس فقط ضد البند الخاص بالإجهاض ولكن ضد القانون ككل، فهو لا يستجيب لمتطلبات الصحة بالجزائر ويتوقع أن يثير احتجاجات عارمة وسط نقابات الصحة والأطباء وموظفي القطاع عموما".