صحافة دولية

NYT: هل ستثق أمريكا بالسعودية وتعقد معها صفقة نووية؟

نيويورك تايمز: تقدر قيمة الصفقة النووية السعودية بـ80 مليار دولار أمريكي- جيتي

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن المخابرات الأمريكية "سي آي إيه" كانت تحاول الكشف عن محاولات ولي العهد السعودي وضع الأسس لإنتاج قنبلة نووية، وذلك قبل تورطه في مقتل الصحافي جمال خاشقجي

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الأمير السعودي كان يشرف على مفاوضات مع وزارة الطاقة والخارجية الأمريكيتين، وذلك للحصول على تصاميم لمفاعلات نووية وبنائها في المملكة، لافتا إلى أن قيمة الصفقة تقدر بـ80 مليار دولار أمريكي، وذلك بحسب عدد المفاعلات التي تريد السعودية بناءها. 

 

وتستدرك الصحيفة بأن هناك عقبة أمام الصفقة، وهي إصرار السعودية على إنتاج وقودها النووي، حتى لو كانت تستطيع شراءه بثمن رخيص من الخارج، وذلك بحسب مسؤولين أمريكيين وسعوديين على معرفة بالمفاوضات، وهو ما أثار قلقا في واشنطن من قيام السعودية بحرف جزء من الوقود لأغراض عسكرية. 

 

ويلفت التقرير إلى أن هذه المخاوف هي ذاتها التي أثارها الأمريكيون وحلفاؤهم الأوروبيون عندما كانوا يتفاوضون مع إيران بشأن برامجها النووية، التي أدت إلى توقيع المعاهدة المعروفة عام 2015، وخرج منها دونالد ترامب، مشيرا إلى أن محمد بن سلمان أثار المخاوف عندما قال بداية العام الحالي إن بلاده ستقوم بصناعة قنبلة نووية لو قامت إيران بذلك. 

 

وتنقل الصحيفة عن مسؤول أمريكي، قوله إن مخاوف الأمريكيين زادت عندما قال المفاوضون السعوديون إنهم لن يسمحوا للمفتشين الأمريكيين بالدخول إلى السعودية، والتفتيش عن إمكانية وجود نشاطات لتصنيع القنبلة، لافتة إلى أن وزير الطاقة ريكي بيري تجاهل في شهادة قدمها أمام الكونغرس في آذار/ مارس، سؤالا عن موقف إدارة ترامب ومنعها السعودية من إنتاج الوقود النووي.

 

ويفيد التقرير بأنه بعد ثمانية أشهر لم يصدر عن الإدارة أي شيء يظهر المدى الذي وصلت إليه المفاوضات، فيما يلوح اليوم سؤال يتعلق بالثقة بالحكومة السعودية المتهمة باغتيال جمال خاشقجي، حيث أنكرت في البداية مقتله، وغيرت روايتها أكثر من مرة، مشيرا إلى أنه يمكن استخدام الوقود النووي لأغراض عسكرية حميدة، وفي حال تم تخضيب اليورانيوم لدرجة 4% من النقاوة فإنه يمكن استخدامه في المفاعلات النووية، ولو وصلت النقاوة إلى 90% فعندها يصلح لتصنيع قنبلة نووية. 

 

وتقول الصحيفة إن المسؤولين الأمريكيين يناقشون أن السعودية قد تشتري المفاعلات من الصين أو روسيا أو كوريا الشمالية لو لم توافق أمريكا على بيعها، ويؤكدون أن استخدام السعوديين مفاعلا نوويا تصممه شركة "ويستنغهاوس"، المنافس الأمريكي الوحيد، يتناسب مع تأكيد ترامب أن الوظائف والنفط والعلاقات الاستراتيجية بين واشنطن والرياض هي أكثر أهمية من وفاة صحافي كاتب رأي في صحيفة أمريكية، مشيرة إلى أنه بموجب القوانين التي تغطي الاتفاقيات النووية فستكون لدى الكونغرس فرصة ليرفض الاتفاقية مع السعودية. 

 

ويورد التقرير نقلا عن النائب الديمقراطي براد شيرمان عن ولاية كاليفورنيا، قوله: "بيعهم طائرات شيء، وبيعهم أسلحة نووية أو القدرة على إنتاجها شيء آخر"، حيث قاد شيرمان، عضو لجنة الشؤون الخارجية، حملة في أعقاب مقتل خاشقجي لتغيير القانون، وتعقيد الطريق أمام إدارة ترامب للتوصل إلى اتفاقية نووية مع السعودية، واصفا الخطوة بأنها أكثر الطرق فعالية لمعاقبة محمد بن سلمان. 

 

وقال شيرمان: "بلد لا يمكن الثقة به في استخدام منشار عظام، يجب ألا يوثق به في السلاح النووي"، في إشارة إلى منشار العظام الذي استخدم في تقطيع جثة جمال خاشقجي في القنصلية السعودية.

 

وتنقل الصحيفة عن خبراء، قولهم إن محمد بن سلمان فقد الأهلية للحصول على المفاعلات النووية في اللحظة التي قال فيها إنه سيسعى للحصول على قنبلة نووية في حال حصلت إيران عليها. 

 

ويورد التقرير نقلا عن المسؤول البارز في فترة جورج دبليو بوش، ويليام توبي، الذي قدم شهادة أمام الكونغرس بشأن الاتفاق مع السعودية، قوله: "لم نفكر أبدا، أو توصلنا إلى نتيجة، بشأن توقيع اتفاق مع دولة تفكر في الخروج من معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي، وإن بصورة مؤقتة"، وكان يشير إلى خطة ولي العهد السعودي تقليد إيران في حالى حصلت على السلاح النووي، وهي خطوة تقتضي من السعوديين الخروج من معاهدة الحد من السلاح النووي، أو القيام سرا ببناء القنبلة. 

 

وتقول الصحيفة إن إدارة ترامب لم تستجب لطلباتها لتقديم معلومات عن وضعية المفاوضات، التي كانت مكثفة لدرجة زار فيها بيري السعودية نهاية عام 2017، وواصل المسؤولون المفاوضات بشأن الصفقة في أوروبا. 

 

وينوه التقرير إلى أن وزارة الطاقة السعودية أكدت في بيان على الأغراض السلمية لكل مكون من مكونات المشروع، وأن الحكومة السعودية قررت بناء المفاعلات النووية للمساهمة في اقتصاد البلاد، بالإضافة إلى تنويع وسائل الطاقة، وذكر البيان بدعوات السعودية لتحرير منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي. 

 

وتعلق الصحيفة قائلة إن السعودية طالما أظهرت اهتماما بالحصول على السلاح النووي، أو مساعدة حلفائها في الحصول عليه لحماية نفسها من جيرانها، أولا إسرائيل ثم العراق واليوم إيران، فقدمت السعودية المال للمشروع النووي الباكستاني أو "القنبلة الإسلامية". 

 

ويجد التقرير أن التجارب السابقة أثبتت أن هناك إمكانية لتحويل دول مشاريعها النووية التي بنتها للأغراض السلمية إلى مشاريع عسكرية، مستدركا بأنه رغم عدم وجود منشآت مماثلة في السعودية لتلك التي أقامتها إيران، إلا أن السفير السابق في الولايات المتحدة الأمير تركي الفيصل، وعد في فترة سابقة بموازاة القوة الإيرانية، قائلا: "أي شيء بناه الإيرانيون، سنبني مثله".

 

وتفيد الصحيفة بأن إيران أوقفت معظم أجهزة الطرد المركزي بعد توقيع الاتفاقية النووية، أما العاملة منها فتحتاج لشحن الوقود من الخارج، وبنسبة 97%، لافتة إلى أن السعوديين يعتقدون أنهم بحاجة لمقابلة القوة الإيرانية، مع أن الخبراء يعتقدون أنهم لن يتوصلوا إلى هذا المستوى إلا بعد وقت طويل. 

 

وينقل التقرير عن الخبير النووي في مدرسة كيندي للعلوم الحكومية في جامعة هارفارد ماثيو بان، قوله: "لا أحد يعتقد أن السعوديين سيكونون قادرين على القيام بذلك في وقت قريب.. لا يستطيعون بناء السلاح دون دعم خارجي".

 

وتذكّر الصحيفة بضرورة اتخاذ ترامب قرارا تجاه السعودية، خاصة أنه بنى استراتيجية ضد إيران على فكرة عدم الثقة بها مهما فعلت. 

 

ويجد التقرير أن "مواقف الولايات المتحدة تساعد في دفع التفكير السعودي بشأن المشروع النووي، واليوم حيث تواجه الاتفاقية النووية التي وقعتها الدول الكبرى مع إيران خطر الانهيار، فقد تستخدم السعودية الفرصة للبدء في مشروعها ردا على ذلك، ويقول المحللون إن لدى المملكة ثروة كبيرة من اليورانيوم وخمسة مراكز للأبحاث، وتنمو قدراتها النووية حتى دون وقود نووي".  

 

وترى الصحيفة أن السعوديين وجدوا فرصة عندما انتخب ترامب للرئاسة الأمريكية، ففي الأيام الأولى للرئاسة قضى المسؤولون الأمريكيون وقتا لإقناع السعودية والدول العربية الأخرى بالحصول على مفاعلات نووية. 

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن مايكل فلين، الذي خدم لفترة قصيرة مستشارا للأمن القومي، دعم فكرة اشتراك موسكو وواشنطن في تزويد الرياض بمفاعلات نووية. 

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)