ملفات وتقارير

"جمال عبد الناصر" يثير الجدل بموريتانيا.. كيف؟

السلطات في موريتانيا تعتزم تغيير شارع جمال عبد الناصر وسط العاصمة- أرشيفية

بدأت السلطات الموريتانية إجراءات تغيير سم أشهر شارع في العاصمة نواكشوط، والمعروف باسم "شارع جمال عبد الناصر" حيث تدرس الحكومة تغيير اسم الشارع إلى "شارع الوحدة الوطنية" وذلك بعد أيام من تنظيم مسيرة قادها رئيس البلاد محمد ولد عبد العزيز ضد خطاب الكراهية ودعما لوحدة البلاد الوطنية.


وذكرت وكالتا "الأخبار" و"صحراء ميديا" أهم وكالتين إخباريتين محليتين، أن بلدية نواكشوط، صادقت قبل أيام على تغيير اسم شارع "جمال عبد الناصر" إلى شارع "الوحدة الوطنية"، وذلك تخليدا للمسيرة التي نظمتها الحكومة يوم 09 يناير، وهو اليوم الذي أعلن يوما للوحدة الوطنية.

في الذاكرة


ويعتبر "شارع جمال عبد الناصر" الذي سمي باسم الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر ، أقدم شوارع نواكشوط وأكثرها حيوية، حيث تتواجد على جنباته أكثر مؤسسات الدولة حيوية، بدء بالمستشفى الوطني مرورا بأغلب البنوك في البلاد ثم الإذاعة الوطنية وقصر العدل، كما يمر غير بعيد عن قصر الرئاسة ومبنى البرلمان.


ظل "شارع جمال عبد الناصر" ، حاضرا في المشهد الموريتاني منذ استقلال البلاد عن فرنسا ستينيات القرن الماضي، بحكم موقعه في قلب العاصمة، وظل طيلة الحقب الماضية شاهدا على التحولات التي شهدتها البلاد، فهو الشارع الذي تمر منه المظاهرات الكبيرة، سواء منها المعارضة أو الموالية، بالإضافة إلى الاستعراضات العسكرية.

سجال سياسي


وقد أثار قرار الحكومة تغيير اسم الشارع سجالا سياسيا، احتدم أساسا على منصات التواصل الاجتماعي بين المؤيدين للقرار والرافضين له.


وقد أصدر "تيار الطليعة التقدمة" ذو التوجه الناصري، بيانا رفض من خلاله قرار تغيير اسم الشارع.
وأضاف:"السلطات الموريتانية تعمل حاليا على إجراءات نزع اسم الزعيم الخالد جمال عبد الناصر عن أهم وأشهر شارع في العاصمة نواكشوط، بعد أن عُرف به طويلا وانتزعه لمكانته في قلوب الموريتانيين كغيرهم من الشعوب العربية والأفريقة" مشددا على ضرورة التراجع الفوري عن القرار.


أما الكاتب والمحامي الموريتاني، محمد أمين فقد علق على الجدل بشأن تغيير اسم الشارع قائلا:"تسمية الشوارع من صميم اختصاص المجلس البلدي ولا يليق أن يتدخل فيها الرؤساء ولا الحكومات، بالنسبة لعبد الناصر رحمه الله ليس محل إجماع لا في مصر ولا في غير مصر، وبالمناسبة فقد كان عسكريا مصريا فاشلا في كل حروبه وكان هو من قضى على التعددية ببلاده، له مناقب كثيرة منها دعمه لحركات التحرر في أفريقيا والعالم..وعلى كل حال لم يكن موقفه من استقلالنا وديا".


وتابع: "بالعكس موريتانيا وقفت معه في محنه، والرئيس المؤسس احتفظ له بكثير من الإعجاب والتقدير. تسمية الشارع الأكبر بالبلاد عليه لا تليق وفيها ترخص مع تاريخنا وتتفيه لرموزنا، وأظنها خرجت من لحظة عاطفية جدا".


وخلص للقول: "لو كان لي شيء من الأمر لأسميت عليه زنقة بسيطة ومتربة في حي قصي، رحمه الله كان خطيبا فاشلا، وأبا لكل الخيبات والهزائم المنكرة". على حد قوله.


أما السياسي والرئيس السابق لحزب (تواصل) الإسلامي محمد جميل ولد منصور، فاعتبر أنه من غير المناسب "أن نتعامل مع كل ما ورثناه من تاريخ الدولة الوطنية بعقلية التغيير و التغيير فقط".

 

مضيفا:"هناك أمور ورموز وأسماء تعود الناس عليها وليس من اللائق محو هذه الذاكرة والإساءة للمناسبات التي أفرزتها، وأسماء الشوارع تعبر عن استحضار لحظات تنتمي لوقتها وزخمها وليس واردا محاكمتها خارج سياقها وزمنها".


وتابع في تدوينة عبر حسابه على فيسبوك:"الرئيس جمال عبد الناصر رحمه الله ليس محل اتفاق وله مؤيدوه ومنتقدوه، صارع البعض وصارعه البعض، لم يشتهر حكمه بحماية الحريات وقبول الآخر، ولكنه مع ذلك كان زعيما وطنيا وتحرريا طبع مرحلة من تاريخ العرب والأفارقة، وليس مناسبا ولا لائقا تغيير اسم شارع حمل اسمه".


وخلص للقول: "تستحق الوحدة الوطنية تسمية شارع بها بل تسمية غيره بها بل تستحق أكثر، ولكن الشوارع كثر والرموز كثر، والاحتفاء بالوحدة الوطنية وإظهار الاعتناء بها مطلوب وملح ويمكن مع ترك شارع جمال عبد الناصر باسمه".


أما الشاعر محمد ناجي أحمدو فكتب على صفحته في فيسبوك:"نريد بقاء شارع عبد الناصر وشارع الملك فيصل وشارع بورقيبه؛ إن كان لابد من التضحية فضحوا بديغول وكيندي؛ إن كنتم لابد فاعلين".