ملفات وتقارير

باحث تركي: مقتل "فلويد" فتح جروحا منسية في أوروبا

"كراهية الإسلام لم تعد محصورة في الهامش، بل أصبحت نوعا مستمرا من العداء يتجلى داخل هياكل السلطة"- جيتي

أشار باحث تركي إلى أن حادثة مقتل الأمريكي الأسود "جورج فلويد" وما تبعها فتحت "جروحا منسية" في أوروبا، حيث تتنامى العنصرية برفقة النزعة اليمينية المتطرفة و"الإسلاموفوبيا".

 

وقال "أنس غوزال"، الباحث في مركز دراسات قناة "تي آر تي وورلد" التركية، إن أغلب الأحزاب الأوروبية الرئيسية أدانت مقتل "فلويد"، وعبرت عن التضامن مع موجة الغضب العالمية من العنصرية.

 

لكن "غوزال" استدرك بالقول إن معظم البلدان الأوروبية لا تختلف كثيرا عن الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بالقضايا التي أدت إلى تلك الحادثة.

 

وأضاف الباحث التركي في مقال نشرته وكالة "الأناضول" للأنباء، أن التمييز والعنصرية المنهجية لا تنفرد بها الولايات المتحدة، كما أن وقوع جرائم ذات دوافع عنصرية كان في تصاعد منذ فترة طويلة في العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.


ولفت الكاتب في هذا السياق إلى التقرير السنوي للجنة الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب، الذي نشر في شباط/فبراير 2020، والذي أكد وجود مشكلة متكررة تتعلق بالتمييز ضد المسلمين واليهود والأشخاص الملونين.

وتشدد اللجنة على التأثير المتزايد للسياسات القومية المتطرفة وكراهية الأجانب في أوروبا، ما يؤدي إلى زيادة حادة في التعصب وعدم التسامح.

ويعلق "غوزال" بالقول إن العنصرية التي خلقها اليمين المتطرف ضد الأقليات الدينية والعرقية، ولا سيما المسلمين في أوروبا، آخذة في الازدياد في التيار الرئيسي للأطياف الأوروبية.

وفي آخر هجوم عنصري وقع في شباط/ فبراير الماضي، قُتل 11 شخصا، معظمهم من أصل تركي، في مدينة "هاناو" غرب ألمانيا على يد متطرف يميني.

والمذبحة التي وقعت في "هاناو" ليست سوى الأحدث في سلسلة طويلة من الهجمات التي ارتكبها يمينيون متطرفون في أوروبا.

وتتوخى الأحزاب اليمينية المتطرفة فهما حضاريا لأوروبا كقارة للمسيحيين البيض ذات التاريخ المشترك والقيم الثقافية، وفق غوزال، ويشكل المسلمون، بحسب تلك الأحزاب، تهديدا ثقافيا للهوية القومية لعموم أوروبا، والذي غالبا ما يتجلى على أنه قومية بيضاء.

وقد أصبحت الإسلاموفوبيا أداة مفيدة للأحزاب اليمينية المتطرفة لاستخدامها لأغراض انتخابية.

وقد خلق هذا التسييس، بحسب غوزال، بيئة سمحت لليمين المتطرف ليس فقط بالتمادي في كراهية الإسلام، إنما أيضا بتحويلها إلى التيار السياسي والاجتماعي السائد في العديد من المجتمعات الغربية.

وبما أن الشعبويين اليمينيين المتطرفين يضعون الأجندة السياسية، فإن المحافظين الانتهازيين يجبرون "التيار الرئيسي" على تقليد أفكار ولغة الهامش المتطرف.

 

اقرأ أيضا: "ذا أتلانتيك": الشعب الأمريكي أمام عنصرية كورونا والشرطة معا

ومع ذلك، وحتى مع هذه التهديدات التي تشكلها الأيديولوجية اليمينية المتطرفة على التماسك المجتمعي والقيم الأوروبية التي تحمي الأقليات العرقية والدينية، فإن السياسيين ووسائل الإعلام الرئيسية غضوا الطرف، واختاروا رفض هذه المشكلة باعتبارها "قضية هامشية" موجودة داخل نطاق اليمين المتطرف.

وعلى العكس من ذلك، فإن كراهية الإسلام لم تعد محصورة بالتأكيد في الهامش، بل أصبحت نوعا مستمرا من العداء يتجلى داخل هياكل السلطة، وكذلك في المساحات الاجتماعية الأخرى.

ففي المملكة المتحدة، على سبيل المثال، يزيد احتمال إيقاف الشخص وتفتيشه 150 مرة بموجب البند 7 من قانون الإرهاب - وهو تشريع يسمح بإيقاف الناس في الموانئ دون "شك معقول" - إذا كان من أصول باكستانية أكثر مما لو كان أبيض، وفق الكاتب التركي.

 

وشدد "غوزال" على أن تفوق البيض والعنصرية ضد الأمريكيين الأفارقة يشكل تهديدا في الولايات المتحدة، وكذلك هو الحال مع التطرف اليميني في أوروبا، معتبرا أن حادثة فلويد لا بد وأن تدق جرس إنذار لدى حكومات تلك الدول.

 

وتابع بأن على الحكومات الأوروبية أن تدرك وتعترف بأن مختلف المجموعات العرقية، سواء كانت أشخاصا من ألوان مختلفة، أو أقليات دينية، تواجه التمييز على أساس يومي، ولذلك، فإنها ينبغي ألا تغض الطرف عن مسألة العنصرية والتعصب التي تحدث في قارتها.

ويضيف أن مناقشات تجري بالفعل بشأن العرق والتطرف اليميني، لكنها أبعد ما تكون عن حل القضية، بحسبه، إذ لا يزال هنالك الكثير مما يجب القيام به لمكافحة تهديد التطرف اليميني، وما دام السياسيون والأحزاب السياسية العنصرية، قادرون على مواصلة دعايتهم العنصرية دون عقاب باسم حرية التعبير، وتحظى سياساتهم المحرضة على الكراهية دعما كبيرا، فإن تقليلهم من شأن خطر العنصرية سيستمر.

ويختم بالقول إن الوقت قد حان لكي تعترف أوروبا بمشكلتها الخاصة المتمثلة في العنصرية والتطرف اليميني وتواجهها قبل فوات الأوان. واليوم، يتوحد العالم بأسره في السعي إلى تحقيق العدالة لجورج فلويد، ومع ذلك، لا يمكن تحقيق العدالة إلا بالقضاء على آفة العنصرية في أنحاء العالم.