سياسة عربية

"الحصاد المر".. ما هي نتائج أعمال مجلس نواب السيسي؟

البرلمان الحالي أصدر العديد من القوانين المثيرة للجدل- جيتي

أنهى مجلس النواب الأول في عهد رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، الاثنين الماضي، آخر جلسات دور انعقاده الخامس، مخلّفا وراءه نحو 887 تشريعا بقانون، وذلك قبل نحو 3 أشهر من انتخابات البرلمان الجديد في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

مجلس النواب، الذي بدأ أولى جلساته 9 كانون الثاني/ يناير 2016، وحتى 24 آب/ أغسطس 2020 الجاري؛ أقر الاثنين، بآخر جلسة انعقاد له 14 قانونا مرة واحدة؛ ما يثير التساؤل حول حصيلة وكم وعدد القوانين التي أقرها البرلمان الأول بعهد السيسي.

وعرض مجلس النواب تقريرا لحصاد أعماله، وإقرار 877 مشروع قانون بواقع 8287 مادة بينها 233 قانونا بدور الانعقاد الخامس وحده، ليتصدر الانعقاد الأخير الدورات البرلمانية من حيث عدد التشريعات.

وكان البرلمان قد أقر بدور الانعقاد الأول 82 قانونا، و219 مشروع قانون بالدور الثاني، فيما شهد الدور الثالث إقرار 197 قانونا، و156 قانونا بدور الانعقاد الرابع.

وكانت أهم التشريعات السياسية التي أقرها الانعقاد الخامس هي قوانين الانتخابات التي نتج عنها انتخابات مجلس الشيوخ التي تمت في آب/ أغسطس الجاري، وتجري على أساساها انتخابات مجلس النواب في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

وحسب تقرير مجلس النواب؛ فقد أقر 81 مشروع قانون اقتصادي منها الترخيص لوزير البترول بالتعاقد مع الشركات العالمية والمحلية للبحث عن البترول واستغلاله بالأراضي المصرية.

"قوانين مثيرة للجدل"

ومن القوانين المثيرة للجدل بمجال الأوقاف والشؤون الدينية، تم إقرار 3 قوانين لتنظيم هيئة الأوقاف المصرية، وهيئتي أوقاف الكنيسة الكاثوليكية والطائفة الإنجيلية، ومشروع قانون بشأن بيت الزكاة والصدقات.

وأصدر البرلمان مشروعات قوانين بتعديل قوائم الكيانات الإرهابية، ومكافحة الإرهاب، وحالة الطوارئ، وتنظيم السجون، ومنظمات الدفاع الشعبي، وشروط الخدمة والترقية والتقاعد والمعاشات للقوات المسلحة، ومجلس الأمن القومي، وقانون التنمية المتكاملة لسيناء.

 


وحول حصيلة برلمان السيسي بشكل عام، قال البرلماني المصري السابق، محمد عماد صابر: "هناك حصيلة خرافية لعدد القوانين والقرارات بقوانين؛ تجعل البرلمان الحالي الأسوأ بتاريخ مصر"، مشيرا بحديثه لـ"عربي21"، أن "إجمالي مشروعات القوانين التي أقرها برلمان العسكر منذ بدء أعماله عام 2016، تفوق أي برلمان مصري آخر".

وأوضح أن "إجمالي القوانين، التي صدرت قبل إقرار الدستور وبعده أكثر من 380 قانونا، وعدد القرارات بقوانين نحو 340 قانونا"، مضيفا أنه "وبالرغم من هذه الهستيريا التشريعية لم يسع هذا المجلس لتعزيز دوره التشريعي والرقابي، ولتحقيق التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية".

 

اقرأ أيضا: سياسيون ودعاة مصريون يرحبون بسحب قانون "تنظيم الإفتاء"

وتابع صابر: "بل حدث العكس تماما؛ وصار البرلمان ذيلا وتابعا للسلطة التنفيذية، مدافعا عن قراراتها بدلا من مراقبتها ومساءلتها، وأصبح يلعب دورا قذرا لتعزيز القبضة السلطوية للنظام العسكري الانقلابي".

وأكد أن "البرلمان واصل دوره لتكريس هيمنة النظام على المقدرات السياسية للدولة عبر القوانين والتشريعات التي أقرها وأصدرها منذ انتخابه؛ ومشغول طوال الوقت، بكيفية إرضاء النظام، حتى أصبح أحد عوامل عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وشريكا أساسيا بكل جرائم العسكر بحق المصريين".

ويرى البرلماني المصري أن "من أخطر القوانين التي أقرها برلمان العسكر على الإطلاق، وخدمت أغراض النظام، قانون التظاهر الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، وأقره البرلمان، وهو القانون الذي استندت إليه السلطة لمحاكمة والزج بآلاف المعارضين والنشطاء بالسجون".

ويعتقد أن "ثاني أخطر قوانين مجلس النواب هو قانون الكيانات الإرهابية، الذي أصدره قائد الانقلاب بقرار بقانون، في 24 شباط/ فبراير 2015، وهو أحد أكثر القوانين عصفا بالحقوق والحريات، كحق التجمع السلمي وتكوين الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية، والحريات الصحفية وحرية التعبير".

ولفت صابر، إلى خطورة قانون الهيئات الإعلامية الذي أقره النواب في كانون الأول/ ديسمبر 2016، ليكرس، برأيه، سيطرة النظام وأجهزته الأمنية (السلطة التنفيذية) على الهيئات الإعلامية.

"الحصاد المُر"

من جانبه، قال البرلماني المصري السابق، طارق مرسي: "هذا لا يسمى برلمانا، لأنه تَجَمُّع صُنع على عين المخابرات، فالبرلمان كلمة تطلق على نواب اختارهم الشعب فيكونون مُمثلين له، أما هذا الكيان اللقيط فيمثل الانقلاب ومجرميه".

وعن حصاد برلمان السيسي، تساءل مرسي، بحديثه لـ"عربي21": "كيف سيكون حصاد الانقلاب والإجرام والحثالة إلا مزيدا من السقوط والخيانة والعمالة؟"، مؤكدا أنه يصعب احتواء الحصاد المُر لهذا الكيان المسخ، ولكن حسبنا من قوانين مكنت لعسكرة الدولة ووأد الحريات، وقتل السياسة، والتنازل عن مقدرات الوطن، وإهدار كل مقومات الأمن القومي".

وأشار أيضا إلى أن قوانين هذا البرلمان قامت على "تحصين الإجرام، ومحاربة الفضيلة، والتضييق على الأزهر، وتقنين السرقة وتشجيع الفساد، وإثراء رجال الأعمال، وإثقال كاهل الشعب بالضرائب والأسعار، وتدمير الطبقة الوسطى ليصبح أكثر من 60 بالمئة من الشعب تحت خط الفقر".

مرسي، ضرب مثالا حول "قوانين إهدار مقدرات مصر وضرب أمنها القومي كإقرار البرلمان التنازل عن تيران وصنافير، والتفريط بالحق التاريخي بمياه النيل، والتنازل عن ثروات مصر بالمتوسط، واتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني.. إلخ".

وفي محاربة الأفكار ووأد الحريات وقتل السياسة، لفت إلى "قانون الكيانات والشخصيات الإرهابية، وقوانين الإجهاز على الحريات الإعلامية والصحفية، وقوانين ملاحقة نشطاء التواصل الاجتماعي، وسحق منظمات المجتمع المدني المستقلة، فضلا عن التعديلات التي منحت السيسي سلطة الحكم حتى عام 2030".

 

"إثقال كاهل الشعب"


وتابع البرلماني المصري رصده، قائلا: "وفي إثقال كاهل الشعب كانت قوانين فرض الرسوم والضرائب ورفع الأسعار، وتغيير سعر العملة، وخصخصة الشركات الحكومية، وبيع شركات قطاع الأعمال، فضلا عن إقرار عشرات الاتفاقيات بقروض تثقل كاهل الأجيال القادمة، مع قوانين منح ومزايا العسكريين من الجيش والشرطة، والقضاء".

وأضاف إلى ما سبق "قوانين بيع الجنسية ومنح الأجانب حق التملك، وإطلاق يد السيسي ببيع مصر للصندوق السيادي، وتحصينه من رقابة القضاء، وفتح الباب لبيع مصر جملة وقطاعي للإمارات وإسرائيل، ومنح الصندوق أحقية نقل ملكية أصول الدولة للجهات التي يحددها، وبيع وشراء وتأجير واستئجار الأصول الثابتة والمنقولة للدولة".

وأشار أيضا إلى "قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، والذي منح السيسي، ومن يفوضه، أحقية قرار نزع الأراضي والعقارات من المواطنين جبرا، مقابل ثمن العقار، وإلغاء تشريع المناقصات والمزايدات القائم من قديم الأزل لتصبح مصر وشعبها عزبة يتصرف فيها السيسي كيف يشاء بلا رقيب".

وختم مرسي بالقول: "ولا أعتقد أن أحدا يستطيع حصر الضرائب والرسوم والمكوس التي فرضها هذا البرلمان على المصريين، ولم يثبت أنه قدم استجوابا واحدا للحكومة، بل قام بتحصين كبار مجرمي العسكر ليصبح بلا مواربة محل الخيانة والعار ومراسلة للانقلاب".