ملفات وتقارير

هل يحصل "تحرير الشام" بالفعل على "تأهيل سياسي" غربي؟

"مسألة الرفع عن قوائم الإرهاب والتأهيل السياسي ستبقى معلقة وغير واضحة" بحسب مراقبين- جيتي

خرج مسؤول بارز في "هيئة تحرير الشام"، التي تسيطر على إدلب شمال غرب سوريا، بتصريح غير اعتيادي، إذ أعرب عن الرغبة بإقامة علاقات مع الغرب، وهو ما كان الفصيل المسلح يستهجنه سابقا.

وقال "عبد الرحيم عطون"، الموصوف بأنه "الشرعي العام" للتنظيم، في تصريحات لصحيفة سويسرية (لو تيمبس- Le Temps)، إن تحرير الشام "لا تشكل خطرا على الغرب"، وإنها "آخر من يقاتل نظام الأسد وحلفاءه لكنها لن تتمكن من القضاء عليه دون مساعدة".

ونافيا وجود أي وجه شبه بين "تحرير الشام" وتنظيم الدولة، قال عطون: "لست بصدد أن أقدم صورة أجمل أو أكثر سوداوية عن أنفسنا، نحن نظهر الواقع فحسب، الناس هنا ليسوا مثلما كان عليه الناس في الرقة في فترة تنظيم الدولة، ونحاول حاليا توصيل الصورة الحقيقية".

وأثارت التصريحات الكثير من علامات الاستفهام حول استجداء "تحرير الشام" دعم الغرب، وإمكانية أن تحصل عليه بالفعل بما يجعل منها طرفا سياسيا معترفا به، بعد انتقالها من الفكر "المتشدد"- بحسب البعض- إلى الاعتدال، لا سيما أن التصريح صادر عن مسؤول يعتبر من القادة المؤسسين، الذين رافقوا مسيرة التنظيم منذ بداية تشكله مطلع عام 2012 باسم "جبهة النصرة" السلفية الجهادية، إلى أن أعلن في صيف العام 2016 عن فك ارتباطه بـ"القاعدة".

وفي حديث لـ"عربي21" استبعد الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية والجهادية، عباس شريفة، أن تعبر التصريحات عن تغيير شامل في فكر وبنية "تحرير الشام".

البحث عن ديمومة السلطة

وقال: "يمكن وضع التصريحات في إطار البحث من تحرير الشام عن تغيير للدور من قوة تابعة لتنظيم لقاعدة، أو مقاتلة للنظام تحمل العقيدة السلفية، إلى سلطة محلية وسطية معتدلة لا تكن العداء للغرب، ومعترف بها من الخارج، وغير مستهدفة بلوائح الإرهاب".

وبحسب شريفة، فإن "تحرير الشام تسعى من خلال كل ذلك إلى ضمان ديمومة الوجود والسلطة في الجغرافيا التي تسيطر عليها".

 

اقرأ أيضا: ما تأثير حصر دخول المساعدات الأممية لسوريا بمعبر واحد؟

وقال: "إن تحرير الشام اليوم تحاول سلك الطريق الذي سلكته أنظمة القمع في العالم الثالث للوصول إلى السلطة، أي القيام بدور وظيفي للخارج مقابل الاعتراف بها، وعدم الاستهداف والدعم في مرحلة لاحقة وبشكل مباشر، بمقابل تقديم الخدمات الأمنية".

استجداء الغرب

الباحث بشؤون الجماعات الجهادية، خليل المقداد، وصف التصريحات الصادرة عن الشرعي العام بـ"الاستجدائية للغرب"، وقال خلال حديثه لـ"عربي21": "تحاول تحرير الشام استمالة المجتمع الدولي، لإشراكها في أي حل سياسي قادم".

وأضاف أن "تصريحات عطون تتماهى مع الخط الجديد لتحرير الشام، أي إظهار نفسها بأنها تشكيل معتدل، وبعيد عن التشدد".

ما فرص نجاح "تحرير الشام"؟

وحول احتمالية نجاح مساعي "تحرير الشام"، بالحصول على الدعم الغربي وشطب اسمها من قائمة "الإرهاب"، استبعد المقداد ذلك، وقال: "تحرير الشام تدعو الغرب لذلك، وهي منسجمة مع التوافقات الدولية حول إدلب، غير أن الغرب يريد أداة فقط، ونحن نعلم طبيعة التفكير الغربي، الذي يعادي أي مجموعة تنادي بتحكيم الشريعة الإسلامية".

وعن السؤال ذاته، أجاب عباس شريفة بقوله: "أعتقد أن الغرب حاليا، لا ينظر لتحرير الشام على أنها مشكلة تعنيه أساسا، مكتفيا بالمراقبة، وبعملية الصيد عبر الطائرات المسيرة للشخصيات المتشددة".

ورأى أن "الغرب ينظر بشكل إيجابي لسلوك تحرير الشام التي حدت من نشاطها العسكري ضد النظام السوري، وتوجهت لمكافحة التنظيمات الأكثر تشددا"، مستدركا: "لكن مسألة الرفع عن قوائم الإرهاب والتأهيل السياسي ستبقى معلقة وغير واضحة".

يذكر أن الولايات المتحدة كانت قد أدرجت "جبهة النصرة" منذ العام 2012 كجماعة إرهابية، ثم قرر مجلس الأمن إضافتها لقائمة العقوبات للكيانات والأفراد التابعة للقاعدة.