صحافة إسرائيلية

يديعوت: المؤسسة الأمنية الأمريكية لقنت "إسرائيل" درسا

اعترف "بولارد" بالتجسس لصالح الاحتلال، عام 1986، وقضى في السجن نحو عقدين، ثم أفرج عنها بشكل مشروط- جيتي

سلطت صحيفة عبرية الضوء على التجسس المتبادل بين الحليفتين، الولايات المتحدة و"إسرائيل"، مشيرة إلى أن المؤسسة الأمنية الأمريكية لقنت الاحتلال درسا، مفاده أن ما تمنح واشنطن لنفسها الحق بفعله لا يحق لغيرها، وإن كان "حليفها الأوثق".
 
وأكدت "يديعوت أحرنوت" في مقالها الافتتاحي، من إعداد "ناحوم برنياع"، على ضرورة التذكير "ببعض الحقائق الأساسية.. قبل قرع طبول الفرح"، إزاء عودة الجاسوس الأمريكي اليهودي جوناثان بولارد، بعد سماح واشنطن بذلك.

 

واعترف "بولارد" بالتجسس لصالح الاحتلال، عام 1986، وقضى في السجن نحو عقدين، ثم أفرج عنه بشكل مشروط. وكل ذلك بعد أن كان قادة الاحتلال يعتقدون أن واشنطن قد تتسامح مع أمر سلوكها.
 
ولفتت الافتتاحية إلى أن "قاضي المحكمة العليا المتقاعد إلياكيم روبنشتاين، الذي كان دبلوماسيا كبيرا في سفارة إسرائيل بواشنطن في اليوم المرير من عام 1985، حين حاول بولارد وزوجته أن يقتحما السفارة بالقوة ورفضا، كتب أمس في يديعوت أحرونوت مؤكدا أن الجميع أخطأ؛ بولارد أخطأ وإسرائيل أخطأت جدا".
 
ورأت الصحيفة أن "هذه طريقة رقيقة لوصف إحدى القضايا الأكثر إحراجا في تاريخ العلاقات بين تل أبيب وواشنطن"، مشيرة إلى أن "الجاسوس بولارد، أخذ على عاتقه مخاطرة هائلة حين قرر تسليم أسرار بلاده لدولة أخرى (إسرائيل)، وكانت دوافعه ودوافع زوجته مركبة، وتغيرت في إطار الحركة، ولم تكن جميعها اضطرارية". 
 
وأضافت: "لقد أخطأ بالإهمال وبالغرور وهكذا انكشف، رغم أن مشغليه زودوه بخطة فرار، وبدلا من أن يستخدمها فقد سافر لسفارة إسرائيل بينما كانت تطارده قافلة من عملاء الـFBI، وكان الضرر هائلا".
 
ورغم الحلف القوي غير المنصوص عليه في وثيقة رسمية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاحتلال، إلا أن واشنطن بحسب "يديعوت"، "جمعت على مدى السنين معلومات أمنية سرية في إسرائيل، وفعّلت عملاء، وتجسست وراقبت شبكات إلكترونية، كما أنه لا ينبغي استبعاد إمكانية أنها تعمل بهذه الطريقة اليوم أيضا". 
 
وتساءلت الصحيفة: "لماذا تسمح الولايات المتحدة لنفسها ما تحظره على إسرائيل؟"، وأجابت: "لأنها تستطيع، وهي قوة عظمى". 

 

اقرأ أيضا: أمريكا تسمح للجاسوس بولارد بالعودة إلى "إسرائيل"
 
وأضافت أن "رفائيل إيتان كان يقف على رأس وكالة التجسس التي تـأسست في وزارة الأمن تحت اسم مستعار، مكتب علاقات المعلومات (ليكيم).. وقد أخطأ هو والقيادة السياسية بصياغة وهم بأن حكم إسرائيل كحكم أمريكا، ويمكن لكل منهما أن تشم ذيل الأخرى، وإذا ما وقع خلل وأمسك بأحد ما (جاسوس)، فإنها تشطب القصة، فنحن حلفاء".
 
لا حلّ وسطا 


ونبهت الصحيفة، إلى أن "المؤسسة الأمنية الأمريكية، وكذا جهاز القضاء، لم يتحمسا في أي مرة للتقارب بين رئيس وزراء إسرائيل وسياسيين في البيت الأبيض، ووفر بولارد فرصة ذهبية كي يوضحوا لإسرائيل مكانها الحقيقي، وساروا في هذا حتى النهاية؛ ليس فقط حيال المتهم بولارد وحكومة إسرائيل، بل وحيال المسؤول عنهما". 
 
وسبق أن وعد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون نتنياهو في محادثات مزرعة "واي في" عام 1998 بتحرير الجاسوس بولارد، وعندما هدد رؤساء الأجهزة الأمريكية بالاستقالة الجماعية تراجع الرئيس كلينتون. 
 
وأفادت بأنه "بعد انكشاف بولارد واعتقاله طلبت واشنطن من تل أبيب أن تكشف كل الحقيقة عن التجسس الإسرائيلي في أمريكا، وكان الحرج في قيادة الحكومة (اسحق شمير، شمعون بيرس، اسحق رابين) هائلا".

 

ولفتت الصحيفة إلى أن "المحامي اليهودي لاين غيرمنت، صديق إسرائيل والمستشار السابق للرئيس نيكسون، استدعي للمساعدة، وكانت مشورته بسيطة؛ إما أن ترفضوا التعاون أو تكشفوا كل شيء، لا يوجد حل وسط". 
 
وأشارت "يديعوت" إلى أنه "بشكل غير مفاجئ، اختار وزراء حكومة الوحدة الإسرائيلية طريقا ثالثا؛ وهو الكذب على الأمريكيين، فلقد أنقذهم الكذب من حرج كبير، ولكنه حشر بولارد في الحبس المؤبد، وكان هذا هو الخطأ الكبير الثاني". 
 
أما الخطأ الثالث بحسب الصحيفة، فقد "كان تحويل بولارد لبطل قومي، فقد سارع سياسيون من اليمين واليسار لالتقاط الصور معه في السجن، ومنحه وزير الداخلية المواطنة الإسرائيلية، كما أن لوبي المستوطنين ومحافل أخرى في اليمين ممن كانت لهم مصالح، طوروا صورة بولارد كضحية لمؤامرة لاسامية مصدرها البيت الأبيض، وتحول عمليا، لشوكة في حلق الحكومتين". 
 
وبينت أن "النظام في البيت الأبيض كرر نفسه، دون صلة بالتيار السياسي الذي جاء منه رئيس الوزراء أو الحزب الذي جاء منه الرئيس (لدى الاحتلال الإسرائيلي)". 
 
وتابعت: "هذا الفصل الحرج انتهى الآن، أما التتمة فمنوطة ببولاردن وهو من شأنه أن يتشوش، أن يفكر بأن الاحتفال الذي سيجرى حوله هو مجرد المقدمة، وأن الكثير في انتظاره، لكنه لا يعرفنا بما يكفي، فالربيع عندنا قصير".