اقتصاد عربي

ما واقعية حديث إعلام النظام السوري عن تغيير العملة؟

سعر العملة السورية تدهور بشكل كبير مؤخرا- جيتي

كثرت الطروحات من جانب الأوساط الموالية للنظام السوري، حول انهيار العملة الوطنية أمام الدولار الأمريكي، وكان أكثرها إثارة للجدل اقتراح تغيير العملة السورية إلى عملة جديدة.

جاء ذلك، في تحليل اقتصادي، نشرته صحيفة "البعث" الحكومية التابعة للنظام السوري، اقترحت فيه مناقشة جدوى إصدار عملة جديدة، معتبرة أنه من الأولى لـ "مصرف سوريا المركزي" دراسة هذا المقترح، بدلا من الاكتفاء بدراسة جدوى إصدار ورقات نقدية كبيرة.

وجاءت الصحيفة على ذكر أمثلة لدول غيرت شكل عملتها، مثل الهند وفنزويلا وتركيا والأرجنتين والبرازيل، وأضافت أن تغيير شكل العملة مكّن الهند من القضاء على الفساد والتهرب الضريبي، وتنظيف البلاد من الأموال السوداء.

وأضافت أن تركيا بعد أن بلغ سعر صرف الليرة التركية نحو 1.5 مليون ليرة للدولار، استبدلت العملة القديمة وسحبتها من التداول في عام 2005، وطرحت بدلا عنها العملات الجديدة الخالية من الأصفار.

 

اقرأ أيضا: سعر الليرة السورية يواصل التدهور أمام الدولار

وتعليقا على ذلك، قال الكاتب الصحفي المختص بالشأن الاقتصادي، فؤاد عبد العزيز، إن عملية حذف الأصفار هي الأداة العلاجية التي تلجأ لها الدول، لمواجهة انخفاض قيمة عملتها، لكن في الحالة السورية لا تساعد هذه الأداة على تحسين الوضع الاقتصادي، نظرا لأن النظام لا يملك القدرة على تصحيح الرواتب والأجور، وفقا لأي تعديل على شكل العملة.

وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أنه إذا تم حذف ثلاثة أصفار من العملة السورية، فهذا يعني أن راتب الموظف بمتوسط 50 ألف ليرة سيصبح 50 ليرة، في حين أن ثمن كيلو لحم الغنم على سبيل المثال سيصبح بحدود 22 ليرة، لأن سعره الحالي هو 22 ألف ليرة سورية، بالتالي فإن ذلك سيظهر عجز العملة السورية بشكل أكبر.

من جهة أخرى، وصف عبد العزيز الاستشهاد بتجارب الدول السابقة في شأن تبديل العملة، بـ"المقارنة غير الصحيحة"، موضحاً أن "تلك الدول كانت مستقرة سياسيا، ولديها فرص لتحسين أوضاعها الاقتصادية، كونها تمتلك أدوات إنتاج وثروات طبيعية وتجارة خارجية، يمكن من خلالها زيادة مخزونها من العملات الصعبة، ومن ثم تحسين اقتصادها".

وقال: "في الوضع السوري، فإن هذا الأمر غير متوفر، وفرص النظام بإدخال مال جديد إلى خزينته، محدودة جدا، كما أنها لا تؤمن غطاء مستمرا لتحسين ظروف البلد اقتصاديا، حيث يعتمد النظام اليوم بالدرجة الأولى على ما يجنيه من السوريين، عبر جوازات السفر، أو القرارات التي أصدرها بإجبار المغتربين منهم على تصريف 100 دولار قبل الدخول إلى البلاد، وفي الواقع، فإن كل هذه الحركات، لا يمكن أن تعدل من مزاج الاقتصاد، بالصورة التي تدفع إلى إنقاذه وتحسين ظروف الناس المعاشية".

من جهته، اعتبر رئيس "مجموعة عمل اقتصاد سوريا" الدكتور أسامة قاضي، أن تغيير العملة السورية إلى عملة سورية أخرى لن يرفع من المستوى المعيشي للسكان، لأن الأصل أن يكون هناك موارد تدعم العملة، بمعنى أن هناك سلعا وخدمات موجودة داخل الدولة، تساعد الدولة على حذف الأصفار في عملتها.

تخبط واضح

وأضاف القاضي لـ"عربي21"، أن هذا الطرح وغيره يعكس مدى التخبط من جانب النظام، والإصرار على عدم وضع الأصبع على موضع الجرح.

وقال القاضي، إن أساس المشكلة الاقتصادية هي في فقدان الدولة المركزية السورية سيطرتها على المحافظات الغنية بالثروات النفطية والزراعية والحيوانية، وكذلك في وجود مليشيات أجنبية تنهب الاقتصاد، ودول تسيطر على ما تبقى من مقدرات الدولة بحجة مساندة النظام في حربه على شعبه.

وأضاف أن كل ذلك لا يحله استبدال ورقة الـ5 آلاف بورقة 50 ليرة، ولا يعني ذلك أن حال المواطن السوري صار في وضع أفضل، موضحا أن "استبدال العملة يكون حلا لدولة مستقرة، لم ترهن الموانئ لروسيا، ولم تعط عقوداً بالجملة لإيران، ولم تنفق احتياطها النقدي (17 مليار دولار) على الآلة العسكرية ضد شعبها، ولم تستدن فوق كل ذلك من روسيا وإيران".

 

اقرأ أيضا: الليرة السورية تواصل الانهيار.. ما علاقة روسيا والصين؟

وكان النظام السوري قد طرح في أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي، ورقة نقدية من فئة "5000 ليرة سورية"، وذلك على أمل أن تسهم في تسهيل المعاملات التجارية النقدية، لكن طرح هذه الورقة عمق أزمة الليرة، وكبدها مزيدا من الخسائر في القيمة، بحيث لامس الدولار الواحد بعد نحو شهر من طرحها حاجز الـ4000 ليرة، في حين أن سعره كان بحدود الـ50 ليرة سورية قبل اندلاع الثورة السورية في العام 2011.