قضايا وآراء

ملف حقوق الإنسان المصري.. إخفاقات ونجاحات

1300x600
صدر البيان الأممي بتوقيع 31 دولة ضد الانتهاكات المصرية في ملف حقوق الإنسان، وكانت ردة الفعل الهوجاء كالعادة حين انتفضت مؤسسات الدولة المصرية والنقابات التابعة ترفض البيان بصيغ مختلفة يحوي مضمونا واحدا وُزع على الجميع من الأجهزة التي تدير المشهد العام.

وبغض النظر عن التداعيات الدولية المترتبة على هذا البيان، والتي بالطبع لن تكون عاجلة لتعقد شبكة المصالح، لكنها تكشف عدم صدقية نظام الانقلاب أمام دول العالم، بل والتعامل مع الشخصيات والمنظمات الحقوقية بصدقية أعلى من النظام، بين إخفاقات الانقلاب ونجاحات المعارضة في ملفي الإعلام وحقوق الإنسان هناك شواهد منها.

البيان كشف الغطاء عن مؤسسة الرئاسة والخارجية والقضاء والأجهزة الأمنية والإعلام وما تسمى بالوفود الشعبية، مؤكدا حالة الفشل الذريع وغياب العقل السياسي والدبلوماسي والفكري للدولة المصرية التي كانت، ما أحدث حالة ارتباك واختلاف بين المؤسسات السيادية، وهو ما جعل وزارة الداخلية تنفي على صفحتها صحة ما يشاع حول حدوث خلاف بين الأجهزة الأمنية والقضاء الذي فقد سمعته؛ في معركة لم يكن طرفا فيها لكنه تورط لتصدير أنصاف الكفاءات والفاسدين منصات المشهد القضائي.

على المستوى الدبلوماسي، كان القصور المهني والفني والإعلامي واضحا عندما قدمت الخارجية التقارير إلى مؤسسة الرئاسة؛ تهون من شأن بعض الدول الإسكندنافية التي تعتزم إصدار بيان ينتقد مصر على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان، وكانت الصدمة التي لم تستوعبها الرئاسة والخارجية والمخابرات هو تجمع 31 دولة، كلها دول تصف مصر بالصديقة وبالعلاقات الاستراتيجية.

على المستوى المخابراتي والأمني، ذكر التقرير تفاصيل دقيقة عن الإخفاء القسري والحبس الانفرادي والتعذيب داخل السجون والمحاكمات غير العادلة وإعادة التدوير وحرمان المحامين والمتهمين حقوق التقاضي، ما يؤكد الصلة الجيدة بين العاملين في المجال الحقوقي والسفارات الغربية والمنظمات الأممية والإعلام الدولي، وهي نقاط تحسب فنيا على الأجهزة الأمنية رغم شدة القمع والقبضة الأمنية.

ووقعت دول بحجم ألمانيا وفرنسا رغم حجم التنازلات المصرية والتفريط، خاصة في مجال شراء الأسلحة بالمليارات بالمخالفة للأولويات المصرية في حياة المواطن الذي يعاني انهيارا حادا في الخدمات، خاصة التعليم والصحة في ظل جائحة كورونا.

وشجع البيان الأممي بعض المنظمات الحقوقية والشخصيات في الداخل المصري والتي كانت منحازة للانقلاب خوفا وطمعا، على أن تعلن بوضوح عن مظاهر الانتهاكات، خاصة في حرمان المحامين والمتهمين من حقوق التقاضي، ما يطعن في قانونية الأحكام الصادرة والحبس الاحتياطي الذي تحول إلى عقوبة دون إصدار حكم.

متطلبات هامة:

- استكمال المسير في هذا الاتجاه والذي سيثمر إن عاجلا أو آجلا، فضلا عن رفع حرفية ولياقة المنظمات والشخصيات في فضاء تمدد العلاقات.

- عدم التهوين من هذه الجهود الحقوقية، بل تقديرها ودعمها بعيدا عن أصحاب النظرة القاصرة، فالتهوين يصب في مربع الانقلاب والاستبداد.

- استيعاب أن الوطن بحاجة لجميع أبنائه ونخبته الوطنية، بغض النظر عن الأيديولوجيا المعطلة والمفتتة لوحدة الصف الوطني.

- حاجة التيار الإسلامي بصورة أكبر حرفية في هذا المجال للحاق بالتيار المدني أو العلماني، سمّه ما شئت.. الأهم النتائج الداعمة لحقوق الوطن والمواطن.

وأخيرا، ربما يفكر البعض بطريقته الخاصة أن كل ما سبق لا قيمة له ولن يؤدي إلى نتيجة، وهذا طبيعي ببقايا الجيل الحالي، لكن الأجيال القادمة التي يراهن عليها تفكر بطريقة أكثر انفتاحا وشمولا، تفكر خارج الأنفاق المظلمة والغرف المغلقة، أجيال تنشأ في الفضاء وتفكر في النور وتتواصل مع العالم لأنها جزء منه وليست من عالم آخر.