ملفات وتقارير

غضب سُني من "تغيير ديموغرافي" جنوب بغداد.. من وراءه؟

تقرير كشف عن مصادرة 15 ألف دونم من منطقة اللطيفية ذات الغالبية السنية ومنحها إلى وزارة الدفاع- أرشيفية

موجة غضب كبيرة في الأوساط الشعبية والسياسية العراقية، أثارها تقرير نشره مركز "أفاد" الحقوقي، كشف فيه عن مصادرة 15 ألف دونم من منطقة اللطيفية جنوب العاصمة بغداد، ذات الغالبية السنية، ومنحها إلى وزارة الدفاع لإنشاء وحدات سكنية.


وبحسب تقرير المركز، السبت، فإن هذه الأراضي تقطنها 2000 عائلة من ثلاث عشائر سنية، مؤكدا أن هذه الخطوة الخطيرة التي تنطوي على عملية تهجير قسرية جديدة لا تختلف شكلا ومضمونا عما فعله تنظيم الدولة، في سنوات خالية وتمثل واحدة من الانتهاكات القانونية والإنسانية التي تمارس تحت غطاء الدولة العراقية وباسم القانون.


تغيير ديموغرافي


من جهته، قال المحلل السياسي العراقي غانم العابد لـ"عربي21": "إذا كانت مناطق جرف الصخر وحزام بغداد تصادر بدافع التغيير الديموغرافي، فإن ما يجري اليوم في منطقة اللطيفية يقف وراءه سببان الأول التغيير الديموغرافي، والثاني هو الفساد".


وجرف الصخر منطقة سنية هُجر أهلها الذين يقدر عددهم بأكثر من 150 ألف نسمة، بعد استعادتها من تنظيم الدولة عام 2014، إذ تسيطر عليها حاليا مليشيات موالية لإيران، ولا تستطيع أي جهة حكومية دخولها حتى رئيس الوزراء شخصيا، حسبما يؤكد نواب بالبرلمان.

 

اقرأ أيضا: ملامح تحالف سياسي بين البارزاني والصدر.. ما أهدافه؟

وأضاف العابد أن "هناك طرفا سنيا متواطئا في موضوع تهجير 200 عائلة وحرمانها من أراضيها وأماكن سكناها، فالبعض يمتلك سندات من أيام الدولة العثمانية، والآن يجري تهجيرهم بين ليلة وضحاها بواسطة مؤسسة عسكرية الكل يعتز بها، ألا وهي وزارة الدفاع".


وانتقد الخبير السياسي الصمت البرلماني والحكومي حيال الموضوع، بالقول: "في ظل التفاعل الكبير للعراقيين بمختلف مكوناتهم والرافض لما يجري في اللطيفية، فإن هناك انعداما لأصوات المسؤولين والنواب السنة في البرلمان الذين يصل عددهم إلى 70 نائبا".


وتابع: "حتى الآن لم يصدر منهم أي تصريح رسمي أو مطالبة وزير الدفاع أو محاولة استضافته داخل البرلمان لمساءلته عن تهجير ألفي عائلة، لذلك أعتقد أن هذا الصمت سيؤدي إلى تمرير المشروع، والتسبب بجرف صخر جديدة".


وحذر العابد من "أن مناطق أخرى سيجري أيضا إحداث تغيير ديموغرافي فيها، خصوصا أن الكثير من المليشيات ومكاتبها الاقتصادية، قد وضعت عينها على الكثير من المناطق ليس فقط في مناطق حزام بغداد وإنما في محافظات نينوى وصلاح الدين".


ورأى أن الموضوع أكبر من جس نبض، وإنما مشروع يسير بخطى مدروسة ومدعوم من أطراف إما داعمة أو متواطئة معه لمصالح شخصية، وأن حديثا يدور عن أن المشروع كان مقررا في منطقة أخرى، لكن بفعل رشاوى كبيرة فقد جرى تغييره إلى منطقة اللطيفية، وأن شخصية سنية متورطة في ذلك".


مناشدة الأهالي


وفي السياق ذاته، قال أحد سكان المنطقة الذي طلب عدم كشف هويته في حديث لـ"عربي21" إن "منطقة كيلو ١٤ منطقة في اللطيفية، هي منطقة زراعية منذ مئات السنين يسكنها أناس من عشيرة الجنابيين والسعيدات والغرير".


وأضاف أن "الأهالي تفاجأوا قبل نحو أسبوع بمنعهم من البناء في أراضيهم من قوة تابعة للجيش العراقي، وإبلاغهم بأنها ستصادر لصالح وزارة الدفاع بحجة بناء معسكرات أو ما شابه ذلك".


وأشار إلى أن "هذه المنطقة هّجر أهلها إبان حرب القوات الأمنية ضد تنظيم الدولة، حيث استولى الأخير على أجزاء منها ثم بعد التحرير عاد اليها أهلها، واليوم المصير مجهول والآمال معقودة على وزارة الدفاع ومن يمثل أهل السنة في الحكومة".


ونوه إلى أنه "حتى هذه اللحظة لا يوجد تحرك على الأرض من أجل القيام بأي مشروع على الأراضي، وإنما فقط أبلغ الجيش الأهالي بأن هذه الأراضي أصبحت عائدة إلى وزارة الدفاع".


من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، ناصر هركي، لـ"عربي21" إنه "حتى الآن لم نطلع بشكل تفصيلي على حيثيات الموضوع، وأنا شخصيا لم يردني ما حصل في المنطقة المذكورة حتى الآن، ولا سيما من باقي أعضاء لجنة الأمن والدفاع".

 

اقرأ أيضا: من المنشقون الذين يريد الصدر إعادتهم قبل انتخابات العراق؟

وأوضح البرلماني العراقي أن "الموضوع حاليا متعلق بالحكومة ووزارة الدفاع تحديدا، لكننا في لجنة الأمن والدفاع بالتأكيد معنيون في متابعة ما يجري فهذا الأمر من مهام اللجنة البرلمانية".


تلويح بالتدويل


وعلى ضوء هذه التطورات، قال السياسي العراقي جمال الضاري في تغريدة على "تويتر"، السبت، إن "مؤامرة التغيير الديموغرافي التي طالت جرف الصخر، تطال اليوم منطقة شرق اللطيفية جنوب بغداد".


وأضاف الضاري أن "الحملة الجديدة تهدد بتهجير ٢٠٠٠ عائلة تسكن هذه المنطقة الزراعية منذ قرون، وأن تدويل هذه الانتهاكات صار ضرورة، من أجل وقف الجرائم المنظمة".

 

 


من جهته، تساءل الكاتب العراقي، أحمد سعداوي، في تغريدة على "تويتر" قائلا: "لماذا تركت وزارة الدفاع العراقية آلاف الهكتارات من الأراضي الصالحة للمشاريع السكنية، وذهبت إلى أراض زراعية خصبة في اللطيفية لتصادرها، وتهدد بتهجير آلاف العوائل؟ هل الأمر مجرد مصادفة أم جزء من خطة للتغيير الديموغرافي لهذه المنطقة من مناطق حزام بغداد؟".

 

 


وأشار الصحفي العراقي عثمان المختار عبر "تويتر" إلى أن "هذه ليست المرة الأولى التي تجري فيها عمليات تغيير ديموغرافي بحزام بغداد، بل سبقتها في منطقة الرضوانية بسلب آلاف الدوانم من أهلها وتشريدهم".

 

 


لكن الكاتب الصحفي العراقي عمر الجنابي، قال في تغريدة على "تويتر" إن "وزير الدفاع العراقي، جمعة عناد، وعد بإيقاف مصادرة أراضي اللطيفية وأكد أنه لم يكن على علم بالأمر وسيصدر أمرا بإلغاء كتاب مصادرة أراضي المزارعين في مناطق شرق اللطيفية جنوب بغداد. بانتظار القرار الرسمي يوم الاثنين إن شاء الله".

 

 


وكان مرصد "أفاد، قد نقل عن مسؤول بوزارة الدفاع، قوله إن الأمانة العامة لمجلس الوزراء، اختارت المنطقة لإقامة مشروع لإسكان الضباط والعسكريين من منتسبي الوزارة رغم أن المشروع كان يقضي بإقامته في منطقة معسكر طارق غرب بغداد التي هي ملك لوزارة الدفاع أساسا".


وأكد المسؤول أن "اختيار منطقة زراعية منتجة ويشغلها مئات العوائل العراقية سكنا وعملا كان مقترحا من أحد المسؤولين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء بحكومة مصطفى الكاظمي، وجرى الموافقة عليه، دون بحث مصير هذه العوائل، أو في جملة المخالفات القانونية بالقرار منها أنها أراض زراعية مسكونة ومنتجة ومصنفة على أنها ضمن مناطق الزراعة النشطة في العراق".