ملفات وتقارير

هل يجني العراق مكاسب من وساطته بين السعودية وإيران؟

"بعد قدوم بايدن إلى إدارة البيت الأبيض، أصبح الوضع مختلفا بالنسبة للسلطات السعودية"- جيتي

أثار الكشف عن إجراء السعودية وإيران حوارات في العراق تساؤلات عن انعكاسات ذلك على بغداد، سياسيا واقتصاديا وأمنيا، في حال توصل الطرفان إلى مصالحة تنهي سنوات من الخلافات، تصاعدت بشكل خاص عام 2016 على خلفية إحراق سفارة الرياض في طهران.

وقبل أسبوع، قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" الأمريكية، نقلا عمن وصفتهم بـ"المطلعين"، إن بغداد شهدت في التاسع من نيسان/أبريل الجاري جولة أولى من المحادثات بين "مسؤولين سعوديين وإيرانيين كبار"، ووصفتها بأنها كانت "إيجابية".

تأثير إيجابي

وفي تصريح لـ"عربي21"، قال رئيس "مجموعة المورد" للدراسات العراقية، نجم القصاب، إن "الحوار إذا نجح وكانت هناك نوايا صادقة من الدولتين في مغادرة التصعيد الذي حصل، ولا سيما في السنوات الأربع الماضية، فإنه سيؤثر بالتأكيد، إيجابا، على الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني في العراق".

وأوضح القصاب أن "أطرافا سياسية وغير ذلك استغلت هذا الخلاف وجعلته لصالحها من أجل السيطرة على ثروات ومقدرات الدولة العراقية وعدم السماح للشركات أو الدول بالاستثمار في العراق ما لم تحصل على موافقات من الأطراف القريبة من إيران، وهذا يعني أنه لا استقرار سياسيا أو اقتصاديا أو أمنيا والمتضرر في النهاية هم العراقيون".

ولفت إلى أن "إيران تحاول أن تخفف اللعب مع الأطراف المتخاصمة معها، خصوصا الولايات المتحدة ودول الخليج، لأنها تضررت كثيرا وانعزلت اقتصاديا وسياسيا، إقليميا ودوليا، ولذلك ربما لا تستطيع الصمود أمام التحديات التي حصلت في السنوات الماضية".

وتابع: "مؤخرا كان هناك تصعيد بين إيران وإسرائيل (الاحتلال)، فالأخيرة لا تريد العودة إلى الاتفاق النووي الذي حصل في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وأن كل المؤشرات تشير إلى أن هناك تحالفات جديدة تتشكل، ليس بالمنطقة فقط وإنما في العالم ككل".

ورأى القصاب أنه "إذا حقق الحوار مصالحة بين إيران والسعودية، فإنه سيعتبر أكبر إنجاز للحكومة العراقية وتحقيقا لأكبر وعد قطعه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بأن يجعل المنطقة هادئة مستقرة، وأن يكون العراق لاعبا وسطيا فيها، وليس لاعبا محوريا".

ضرورة ملحة

من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، الدكتور سعدون التكريتي لـ"عربي21" إن "الضعف العراقي لن يؤهله لدور مؤثر أو يضع في الاعتبار المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى".

وبرأي التكريتي فإن "مهمة (نقل الرسائل) هي أقصى درجة يمكن (أو يسمح) لرجال السياسة العراقيين أن يؤدوها. ومن الملفت أن نقل الرسائل بات العراقيون يتقنونه سواءً عبر جمع الفرقاء على أرضه أو عبر صواريخ الكاتيوشا".

 

اقرأ أيضا: ما علاقة مقتل سليماني بمفاوضات السعودية وإيران؟

واعتبر أن "البعض قد يشبّه الدور العراقي الحالي بدور سلطنة عُمان في المنطقة، ولكن شتان بين الاثنين، فالثانية كانت وما زالت تسير وفق رؤية واضحة وللوطن فيها نصيب مهما اختلفنا معها".

ولفت التكريتي إلى أنه "بعد قدوم بايدن إلى إدارة البيت الأبيض، أصبح الوضع مختلفا بالنسبة للسلطات السعودية، حيث فقدت ذلك الدعم الذي كان يوفره سلفه ترامب، وبالتالي أعتقد أنها تفكر حاليا بطريقة أخرى للحفاظ على مصالحها وأمنها من الاستهداف الحوثي، وربما حتى من المليشيات العراقية".

وأعرب عن اعتقاده بأن "جلوس إيران والسعودية للحوار، أصبح ضرورة للطرفين في الوقت الحالي دون الحاجة إلى وسيط يجمع بينهما، لذلك ربما حتى اللقاء الذي جرى قد يكون عُقد دون تدخل من السلطات العراقية، لأن إيران والقوى الموالية لها هي الآمر الناهي في البلد".

ورأى التكريتي أن "السلطات العراقية، ولا سيما رئيس الحكومة لو كانا طرفا في الحوار لرأينا الأخير قد تحدث عنه أو علق رسميا على الموضوع، ولا سيما بعد الكشف عنه، وربما حتى اعتباره إنجازا استطاعت حكومته تحقيقه".

أما بخصوص انعكاسه على واقع العراق، فقد استبعد الباحث التكريتي حدوث أي إيجابية على المشهد الداخلي العراقي، لأن إيران لا يمكن لها أن تنفك عن هذا البلد، ولن تسمح كذلك للسعودية في إيجاد موطئ قدم سياسية أو اقتصادية أو أمنية".

وأوضح الباحث العراقي أن "العراق لن يشهد انكفاء إيرانيا لتدخلاتها في العراق جراء الحوارات مع السعودية، ولا انفتاحا اقتصاديا من الأخيرة، لأن ذلك سيهدد مصالح طهران في العراق، وإنما قد تكون الحوارات هي في الملف اليمني ومدى تضرر الرياض من هجمات الحوثيين".

يشار إلى أن السعودية تقود تحالفا عسكريا تدخل بحرب اليمن في مارس/آذار 2015 ضد الحوثيين الذين أطاحوا بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من صنعاء أواخر 2014.

وردا على التدخل العسكري السعودي، يشن الحوثيون هجمات على المملكة بالصواريخ أو بطائرات مسيرة، ففي أيلول/ سبتمبر 2019، تعرضت السعودية، لهجوم كبير بصاروخ وطائرة مسيرة على منشآت نفطية، مما أجبر السعودية على وقف أكثر من نصف إنتاجها من النفط الخام مؤقتا.

وفي كانون الثاني/ يناير 2021، تبنت مليشيا عراقية تدعى "ألوية الوعد الحق أبناء الجزيرة العربية" قصف قصر اليمامة وأهداف أخرى في الرياض، فيما أعلنوا أنها "بداية نقل معادلة الردع إلى داخل مشيختهم ثأرا لدماء الشهداء".

وأضاف البيان، قائلا: "ستكون الضربة القادمة على أوكار الشر في دبي إذا ما تكررت جرائم محمد بن سلمان ومحمد بن زايد".