صحافة دولية

صحيفة إسبانية: هذا ما يريده الأسد من الانتخابات الرئاسية

الأسد يريد الاستمرار على رأس نظامه رغم سنوات الحرب العشر التي مرت- جيتي

نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن الجدل الذي يدور حول الانتخابات الرئاسية التي أعلن عنها النظام السوري، وماذا يريد بشار الأسد من وراء إجرائها.


وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الأسد فاز في الانتخابات الرئاسية السورية السابقة بنسبة 89 بالمئة من الأصوات، ولكنه خسر الحرب. وبعد مرور سبع سنوات، يأمل الأسد في إقامة استفتاء شعبي مرة أخرى في الانتخابات التي ستجري بتاريخ 26 أيار/مايو القادم، حين استسلم أعداؤه بالفعل أو ما زالوا يقبعون تحت الحصار أو متواجدين في المنفى.

 

وتجدر الإشارة إلى أن التدخل الروسي وانتشار القوات الموالية لإيران أنقذ الأسد من الهزيمة، حيث أضحى ينتظر كيفية تولّيه فترة ولاية جديدة على رأس دولة مدمرة ومنقسمة نصف سكانها مشردون.

 

اقرأ أيضا: المعارضة ترد على إعلان نظام الأسد موعد الانتخابات: مهزلة

وأضافت الصحيفة أن المرشحين الآخرين، بمن فيهم امرأتان لأول مرة، الذين تحدوه نظريا في صناديق الاقتراع ليست لهم أية دراية حول ملف مواجهة نقص الغذاء وانخفاض قيمة الليرة بنسبة 100 بالمئة مقابل الدولار أو نقص الوقود في بلد يزخر بالحقول النفطية التي تقبع الآن تحت سيطرة المليشيات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة.

 

في المقابل، ينسب نظام دمشق البؤس الذي يعيش على وقعه الشعب إلى العقوبات الدولية، بداية من تلك التي تفرضها واشنطن، دون أن يعترف بأن الحصار الذي يمارسه لعملية الحوار والمصالحة التي ترعاها الأمم المتحدة مع المعارضة هو الذي يتسبب في العقوبات الاقتصادية.

في الوقت الراهن، يبدو أن الأسد هو خصم نفسه في هذه الانتخابات. فعند نهاية نصف قرن من هيمنة السلالة التي أسسها والده حافظ الأسد الذي توفي قبل 21 سنة، يتمسك رئيس النظام السوري بالدستور الحالي من أجل حق النقض ضد مرشحين مشاركين في الثورة التي اندلعت ضده سنة 2011.

 

ومن بين الشروط العبثية، مطالبة المرشح مثلا بالإقامة في البلاد خلال العقد الماضي أو الحصول على موافقة 35 نائبا في البرلمان.

في هذا الصدد، أكد غير بيدرسون مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا مطلع العام الجاري أن حكومة دمشق شلّت عملية التفاوض مع ممثلي المعارضة والمجتمع المدني للاتفاق على نص دستوري جديد يفسح المجال للدعوة إلى انتخابات حرة يشرف عليها المجتمع الدولي.

 

ويتمثّل البديل عن المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف، والتي روجت لها روسيا، في محادثات أستانة للسلام في سوريا، بمشاركة تركية وإيرانية في عاصمة كازاخستان، التي تعدّ بدورها في حالة غيبوبة.

وتحت وصاية موسكو، التي وقعت اتفاقيات مع دمشق لاستغلال النفط والغاز في سوريا، أفاد محلل الشرق الأوسط تسفي بارئيل في صحيفة هآرتس، أن الأسد أصر على إظهار "العملية الانتخابية كدليل على شرعية النظام". وبعد فوزه في ساحة المعركة، يسعى الأسد إلى فرض قواعد لعبة النظام في صناديق الاقتراع.


بالإضافة إلى ذلك، سيقع تدقيق وثيقة خروج 5.5 ملايين لاجئ، كما لن يقع تخصيص هيئة انتخابية لأغلبية يبلغ تعدادها 6.7 ملايين مواطن نزحوا من منازلهم بسبب الحرب.

 

وسيتم استبعاد الثلاثة ملايين سوري المحاصرين في محافظة إدلب، آخر معقل للمعارضة، وأكثر من مليوني كردي. ولن يتم دعم الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى الشهر المقبل بالمشاركة إذا ما حصل إبعاد أكثر من نصف التعداد عن صناديق الاقتراع.

من خلال صناديق الاقتراع في ظلّ عدم وجود من ينازع على بقائه، يستعد بشار الأسد لإعادة شرعية سيطرة نظامه على ثلثي الأراضي التي كان قد فقدها منذ 2011، والدمار الذي دفن حوالي 400 ألف قتيل، مع فاتورة خسائر اقتصادية تُقدّر بتريليون يورو، وثمانية من كل عشرة سوريين تحت خط الفقر.

 

فضلا عن ذلك، يهدّد حصار قوافل المساعدات الإنسانية الدولية، المشروط بحق النقض لروسيا والصين في مجلس الأمن الدولي، بتفاقم أوضاع ملايين الأشخاص الذين قد يتعرضون للمجاعة.

بينما تشكك أوروبا والولايات المتحدة في شرعية الانتخابات الرئاسية دون وجود المعارضة، دعت تركيا الدولة المجاورة، التي تحتل مساحات شاسعة من الأراضي في شمال سوريا، إلى إبطالها لحرمان اللاجئين من حق التصويت.

 

وبعد أن أجرى انتخابات دون أية معارضة في انتخابات سنة 2000 بنسبة 97 بالمئة من الأصوات، سمح بشار الأسد بحضور مرشحين آخرين منذ سنة 2014. وتصف المعارضة التصويت "بالمهزلة" الذي يهدف إلى ترسيخ نظام سيطرة الأقلية العلوية التي تنتمي إليها عشيرة الأسد على القوات المسلحة.

وبعد مرور عقد من الانتفاضة الشعبية في إطار الربيع العربي، ومع توقف الحرب بسبب الوباء، عزّزت قوات النظام هيمنتها على ما يسمى بسوريا المفيدة، وهي المنطقة الوسطى الأكثر خصوبة وكثافة سكانية في البلاد.

 

ومع استمرار الحرب، اتّصلت دول مجاورة مثل الأردن والعراق والإمارات العربية المتحدة مرة أخرى بدمشق لمحاولة إعادة العلاقات التجارية على الرغم من العقوبات الدولية. في غضون ذلك، تلاحظ إسرائيل استمرار الأسد في السلطة باعتباره شرا أقل خطورة في مواجهة احتمالية ظهور بديل إسلامي في سوريا.

 

اقرأ أيضا: "هآرتس": بقاء الأسد في حكم سوريا مريح لنا ولروسيا

وأفادت الصحيفة بأن بشار الأسد بعث برسالة لا لبس فيها عندما سجّل اسمه ضمن المرشحين يوم الأربعاء الماضي، مفادها أنه على الرغم من مطالبة جماعات المعارضة وجزء من المجتمع الدولي باستقالته من منصبه كنقطة انطلاق لحل النزاع، إلا أنه سيذهب إلى البحث عن الشرعية في صناديق الاقتراع بالنظر للانتصار العسكري الذي حققه.