سياسة عربية

ما مدى استفادة النظام السوري حال رفع العقوبات عن إيران؟

قوات الأسد النظام سوريا- جيتي

بانتظار ما ستسفر عنه الجولة السادسة المقبلة من مباحثات الملف النووي غير المباشرة بين واشنطن وطهران، المقررة الخميس المقبل، يسود شبه إجماع في الأوساط السورية المعارضة، على أن أي رفع محتمل للعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، من شأنه إنعاش النظام السوري على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.

ويعزو المراقبون ذلك إلى التحالف بين النظام السوري وإيران، وإلى مصالح الأخيرة الضخمة في سوريا.

ويؤكد مدير "مؤسسة الذاكرة السورية"، الباحث الأكاديمي عبد الرحمن الحاج، أن النظام السوري يعتمد بشكل كبير على حليفته الأبرز إيران، ومن ثم أي انفراجة في طهران ستؤدي بالضرورة إلى زيادة قدرتها على تمرير الأموال للنظام. 

وفي حديثه لـ"عربي21"، قال الحاج؛ إن "المزيد من المال الإيراني في سوريا، يعني مزيدا من السيطرة الإيرانية".

وأضاف الحاج، أن إيران تتعامل مع سوريا على أنها منطقة تقدم استراتيجية، وهذا ما يدفعها إلى الإنفاق بسخاء من أجل البقاء في سوريا، وترسيخ وجودها سياسيا واقتصاديا وعسكريا، مهما كلف الثمن.

ويتفق الوزير السابق في "الحكومة المؤقتة"، والكاتب السياسي، محمد ياسين نجار، مع الحاج، ويؤكد لـ"عربي21"، أن العقوبات الأمريكية تستهدف أساسا المشروع النووي الإيراني و"الحرس الثوري".

وفي حال رفع العقوبات، وفق نجار، سيزداد تدخل "الحرس الثوري" في سوريا والمنطقة، مما يؤدي إلى مزيد من الهيمنة الإيرانية، وقال: "تعاني سوريا من أزمة وقود ومالية، وإمداد طهران للنظام سيكون مقابل المزيد من السيطرة على المؤسسات الاقتصادية، وخاصة الفوسفات".


سياسيا، يخشى نجار من أن تؤدي عملية رفع العقوبات الاقتصادية إلى ضعف المواقف السياسية الأوروبية تجاه الملف السوري، ويؤكد أن "أوروبا ستسعى إلى الاستثمار في السوق الإيرانية، وسوف يكون ذلك مقابل تنازلات وتراخٍ في المواقف على الصعيد الأممي، وخصوصا حيال الملف السوري".

ولا يذهب الباحث بالشأن الاقتصادي السوري، يونس الكريم، بعيدا عن القراءات السابقة، ويعتبر أن رفع العقوبات يُعطي لإيران القدرة على المناورة بشكل أكبر في الملف السوري، وذلك لأن مخصصات "الحرس الثوري" المالية ستكون أكبر، وهذا ما يساعد الأخير على زيادة عملياته على الأرض السورية.

ويوضح الكريم لـ"عربي21"، أن زيادة الدعم المالي لـ"الحرس الثوري"، يعني زيادة الدعم للمليشيات التابعة له في سوريا، ومن ثم زيادة عمليات التشيّع، وارتفاع وتيرة الاستحواذ على المشاريع والاستثمارات السورية.

وحسب الباحث، فإن الجغرافيا السورية ستكون على موعد مع تطورات ومستجدات، فور رفع العقوبات عن إيران، وتحديدا في شمال شرق سوريا؛ حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وكذلك في جنوب سوريا؛ حيث تسعى إيران إلى تعزيز وجودها على مقربة من الاحتلال الإسرائيلي.

وتجنبا لذلك، يعتقد الكريم أن على الدول الغربية والولايات المتحدة، فرض محددات على إيران في سوريا، قبل رفع العقوبات، ويقول: "أي رفع عقوبات عن إيران دون مناقشة الملف السوري، والاتفاق على حدود للتدخل الإيراني، سيؤدي بالضرورة إلى انتكاسة الملف السوري، والعودة مجددا إلى مرحلة المواجهات العسكرية".

ولا تقتصر الآثار "السلبية" لرفع العقوبات عن إيران على الملف السوري، بحسب الكريم، وإنما ستطال لبنان واليمن والمنطقة عموما.

ويمكن القول؛ إن النظام السوري سيكون المستفيد من رفع العقوبات عن إيران، على عكس الشعب السوري، الذي سيخسر المزيد من المقدرات لصالح طهران.