صحافة دولية

لماذا يموت بعض الأشخاص الذين تلقوا لقاحات كورونا؟

لا تعدّ اللقاحات فعالة بنسبة 100 بالمئة وتختلف الاستجابة من شخص إلى آخر- CC0

نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا تحدثت فيه عن أسباب موت بعض الأشخاص إثر الإصابة بالسلالة المتحوّرة من الفيروس، التي تعرف باسم دلتا، على الرغم من تلقيهم جرعات اللقاح مسبقا. وأشار العلماء إلى أن اللقاحات ليست فعالة بنسبة 100 بالمئة. لذلك، سيكون بعض الأشخاص عرضة للإصابة بالفيروس حتى بعد تلقي جرعتين من اللقاح.


وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأطباء والعلماء لا يدقون ناقوس الخطر بشأن النسبة المرتفعة للوفيات بين السكان الذين تحصّلوا على التلقيح. على العكس من ذلك، أفادوا أن الأرقام مُطمئنة حيث تشير إلى أن اللقاحات توفّر حماية كبيرة ضد السلالة المتحوّرة، خاصة بعد تلقي الجرعتين.

 

واكتشفت دلتا لأول مرة في الهند، وانتشرت منذ ذلك الحين إلى 85 دولة على الأقل، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث يبدو أنها النوع الأكثر انتشارا هناك.

تعدّ المملكة المتحدة أرض تجارب لكيفية تأقلم اللقاحات، كما أنها رائدة على مستوى العالم في تحديد متحوّرات الفيروس السائدة من خلال الاختبار والتسلسل الجيني. وبحلول منتصف حزيران/يونيو، كانت 97 بالمئة من الحالات نتيجة لعدوى من نوع دلتا، التي انتشرت بين السكان الذين لديهم أعلى نسبة تلقيح في العالم.

أضافت الصحيفة أن انتشار دلتا دفع بحكومة المملكة المتحدة إلى تأجيل إنهاء قيود كوفيد19 لمدة شهر حتى 19 تموز/يوليو، لكن الوزراء واثقون بأن رفع هذه القيود سيحدث كما هو مخطط له نظرا لأن التطعيمات فاقت عدد الحالات الجديدة. تظهر البيانات من هيئة الصحة العامة في المملكة المتحدة أنه كان هناك 117 حالة وفاة من بين 92 ألف حالة من حالات دلتا التي تم تسجيلها إلى غاية 21 حزيران/يونيو، حيث أن 46 بالمئة منهم تلقوا جرعتين من اللقاح.

ولكن بدلا من الإشارة إلى أن دلتا تُظهر قدرة مقلقة على مقاومة اللقاح والتسبب في مرض شديد، يقول العلماء إن هذه الأرقام تدعم فعالية اللقاحات، إذ أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية لذلك:

 

أولا، لا تعدّ اللقاحات فعالة بنسبة 100 بالمئة، وتختلف الاستجابة من شخص إلى آخر، إذ أن كبار السن أو الذين يعانون من تدهور المناعة بسبب مرض آخر هم أقل عرضة لتكوين استجابة قوية مقارنة بالأشخاص الأصغر سنا والأكثر لياقة. قد تكون لقاحات كوفيد-19 فعالة للغاية. في المقابل، سيظل بعض الأشخاص عرضة للإصابة بالفيروس حتى بعد التطعيم.

ثانيا، يزداد خطر الوفاة من كوفيد-19 بشكل حاد مع تقدم العمر. لذلك يظل خطر وفاة شخص يبلغ من العمر 80 عاما وخضع للتطعيم من الفيروس أعلى من خطر وفاة شاب غير محصن يبلغ من العمر 20 عاما. علاوة على ذلك، ترتبط بعض الأمراض المزمنة مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض الرئة بزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض الشديدة والوفاة نتيجة لذلك.

ثالثا، مع تطعيم المزيد من السكان، يقل عدد الأشخاص غير المحصنين المعرّضين للإصابة بالفيروس. على سبيل المثال، يمكننا تخيل بلد تمّ تطعيمه بنسبة 100 بالمئة، لكن سيكون الفيروس قادرا كذلك على الانتشار بطريقة ما. وتظهر البيانات أنه من بين 50 حالة وفاة لأشخاص تم تلقيحهم بالكامل في إنجلترا، كانوا جميعا من الفئة التي تبلغ أعمارهم 50 عاما وأكثر، كما لم يتم تسجيل أي وفيات بين الأشخاص الذين خضعوا للتطعيم المزدوج تحت سن الخمسين.

وذكرت الصحيفة أن البيانات تكشف أن معدل الوفيات المؤكدة بكوفيد-19 كان أقل مما كان عليه مع سلالة ألفا، التي رصدت لأول مرة في المملكة المتحدة في أواخر العام الماضي وانتشرت منذ ذلك الحين. من جانبها، قدّرت هيئة الصحة العامة في إنجلترا أن معدل الوفيات بسلالة دلتا يبلغ 0.3 بالمئة، إذ يقول العلماء إن ذلك يعكس كلا من نجاعة التطعيم الشامل وتحسين علاج كوفيد-19، علما وأن اللقاح يقلّل أيضا من إمكانيّة الإصابة بالفيروس على الإطلاق.

قال توم وينفيلد، المحاضر وطبيب الأمراض المعدية في ليفربول بإنجلترا، إن عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى العلاج في المستشفى أقل بكثير من الأعداد المسجّلة خلال الموجات السابقة. إلى اليوم، لم يقع تلقيح الأغلبية ومعظمهم من الفئات العمرية الأصغر الذين أصبحوا مؤهّلين للقاح مؤخّرا ويميلون إلى تلقي علاج أقل كثافة من المرضى الأكبر سنا.

تظهر البيانات أن هناك 59 شخصا فوق سن الخمسين من بين 117 حالة وفاة لم يتلقّوا جرعتين من اللقاح. وبافتراض أن معدل تلقي اللقاح يبلغ 95 بالمئة، بما يتماشى مع المعدلات التي لوحظت بين الفئات العمرية الأكبر في المملكة المتحدة، فهذا يعني أن حوالي 1180 شخصا ربما ماتوا بسبب كوفيد-19 في غياب التطعيم. ونظرا لتسجيل 50 حالة وفاة فقط في تلك المجموعة، فيعني ذلك أن اللقاحات قللت من خطر الوفاة بنسبة 95 بالمئة.

قدّرت هيئة الصحة العامة في إنجلترا، باستخدام مجموعة متنوعة من التحليلات الإحصائية، أن التطعيم يقلل من خطر الاستشفاء بسبب سلالة دلتا بالنسبة للأشخاص الذين تلقوا جرعتين بنسبة تتراوح بين 91 بالمئة و98 بالمئة. وعلى الرغم من أن اللقاحات توفّر حماية كبيرة ضد الأمراض الشديدة والوفاة، إلا أن هناك أدلة متزايدة من الدراسات المختبرية والبيانات تكشف أن دلتا لديها القدرة على مقاومة اللقاحات لتسبّب عدوى معتدلة.

وأشارت الصحيفة إلى أن هيئة الصحة العامة في إنجلترا صرّحت أن تحليلها لحالات دلتا في إنجلترا كشف عن ارتفاع نسبة الحماية ضد الأعراض التي تسببها سلالة دلتا بحوالي 79 بالمئة، مقارنة بانخفاض بنسبة 89 بالمئة في خطر الإصابة بأعراض كوفيد -19 الناتجة عن سلالة ألفا.

تشير البيانات البريطانية إلى أن سلالة دلتا أكثر قدرة على التهرب من استجابتنا المناعية بعد جرعة واحدة فقط من اللقاح، مما يبرز أهمية تلقي الجرعتين. وتقلّل جرعة واحدة من خطر الإصابة بأعراض كوفيد-19 الناجمة عن سلالة دلتا بنسبة 49 بالمئة، وفقا لهيئة الصحة العامة بإنجلترا، ولكن بنسبة 35 بالمئة فقط بالنسبة لسلالة دلتا.