رياضة دولية

العنصرية في الرياضة.. لماذا تظهر فقط عندما تخسر الفرق؟

لاعبو منتخب إنجلترا من البشرة الملونة تعرضوا للعنصرية- جيتي

نشر موقع "ذا كونفرسيشن" الأمريكي، تقريرا تحدث فيه عن ظاهرة العنصرية في المجال الرياضي، والنظرة لها عن الربح والخسارة.

وقالت كاتبة التقرير رايتشل جيليت، إنه في ركلات الترجيح التي شهدت فوز إيطاليا على إنجلترا في نهائي كأس الأمم الأوروبية 2020، طغت مهارة حراس المرمى على الفشل الملحوظ للاعبين الإنجليز الذين أضاعوا تسديداتهم. ونتيجة لذلك تعرض ثلاثة لاعبين وهم ماركوس راشفورد وجادون سانشو وبكايو ساكا لوابل من الإساءات العنصرية، وكان أسوأ ما حصل، أن هذه العنصرية كانت متوقعة. 

وأضافت أنه لطالما كانت العنصرية في الرياضات الأوروبية حاضرة، وتزداد حدتها عندما يتم تسليط الضوء على اللاعبين ذوي البشرة الملونة خلال المنافسات الدولية الكبرى.

وكانت تغريدة على "تويتر" قد ردت على ظاهرة العنصرية بجملة لخصت الأمر كله: "عندما تسجل هدفًا فأنت إنجليزي، وعندما تخطئ الهدف تصبح مهاجرا".

لم يكن اللاعبون الإنجليز وحدهم من عانوا من مثل هذه المعاملة خلال البطولة، حيث واجه اللاعب الفرنسي كيليان مبابي إساءة عبر الإنترنت عندما نجح حارس المرمى السويسري يان سومر في صد ركلة الجزاء التي نفذها في مباراة الدور الثاني، والتي أعادتهم إلى بلادهم.

 

اقرأ أيضا: توقيف بريطانيين بتهمة الإساءة العنصرية للاعبي كرة القدم

وأدت الزيادة الهائلة في ظهور الرياضة وشعبيتها خلال القرن الماضي، بفضل التلفزيون والراديو والإنترنت إلى جدية الطريقة التي يتعامل بها المشجعون مع اللاعبين كممثلين محليين ووطنيين، حيث يصبح الرياضيون واجهة لشعوبهم، والكثير من الناس يعلقون عليهم آمالهم الوطنية ومخاوفهم وحتى إحباطاتهم.

وعندما تفوز فرق لديها لاعبون متنوعون بشكل واضح بكؤوس العالم، ينظر إليها على أنه انتصار مناهض للعنصرية. هذا هو أحد الأسباب التي جعلت فوز جنوب أفريقيا في كأس العالم للرجبي عام 1995 رمزيًا للغاية، وجاء بعد وقت قصير من انهيار نظام الفصل العنصري.

 

وألهم فريق كرة القدم الفرنسي للرجال موجات من الفخر بالتعددية الثقافية الفرنسية بعد فوزهم في عامي 1998 و2018. وتم ترميز ذلك في شعار ’Black- Blanc- Beur‘ (أسود - أبيض - شمال فريقي) بألوان العلم الفرنسي.


لكن فكرة تحقيق التناغم العرقي من خلال الفرق الرياضية المتنوعة أثارت الجدل. وكان قد شرح المؤرخ لوران دوبوا بالتفصيل كيف تخفي السعادة الوطنية بالفوز ببطولة ما التاريخ الصعب والمخفي للعنصرية والإقصاء في كتابه عن "إمبراطورية كرة القدم" في فرنسا.

إضافة إلى ذلك، فإن الاحتفالات تستمر فقط طالما يتحقق الفوز. وأظهرت الأبحاث أنه عندما تخسر الفرق المتنوعة، فإنها تظهر التيارات القومية الإقصائية والعنصرية على السطح، ما يؤدي إلى إنكار انتماء اللاعبين ذوي البشرة الملونة للأمة، مثل القول: "لم تكن الدولة أو الشعب من فشل بل إن هذا هو الدخيل".

هذه العنصرية يمكن أن تتخذ أشكالا مختلفة في الدول التي لا يشكل فيها البيض الأغلبية، لكن النقد اللاذع الأساسي هو نفسه. 

وعلى سبيل المثال، تعرض نجوم الرياضة الهنود المسلمون لمثل هذه الإساءات في بلدانهم، كما تعرض اللاعبون اليابانيون ذوو الأصول السوداء للفكرة ذاتها.

 

اقرأ أيضا: منتخب ألمانيا ينسحب من مباراة ودية بسبب "إساءة عنصرية"

مثل هذه الإساءات هي مزيج قبيح من الحزن والوطنية والغضب وكبش الفداء. وفي حالة اللاعبين الإنجليز فإن ما حدث ينكر حقيقة ولادتهم وتنشئتهم الثقافية في إنجلترا، والتاريخ الذي جعل بلادا مثل إنجلترا بشكل خاص وأوروبا بشكل عام مساحة مختلطة ومتنوعة عرقيا، بحسب الموقع ذاته.

وأضاف أنه عندما ينخرط المشجعون في الإساءات العنصرية، فإنهم يستهدفون اللاعبين لأنهم ومن وجهة نظرهم هم "لامنتمون". وهو رفض يجعلهم يشعرون بالأمان فيه أكثر من رفضهم لأشخاص يتشاركون معهم نفس لون البشرة البيضاء. 

ويتفق علماء الاجتماع والمؤرخون ونقاد الفن والنشطاء المناهضون للعنصرية وعلماء الإعلام حول حجم المشكلة. وهناك تقليد طويل وعميق وواسع الانتشار لتسمية اللاعبين الملونين في أوروبا بـ"المختلفين" عن القاعدة و"الماديين" بشكل أكثر أو أقل "استراتيجية".


ليس من قبيل المصادفة أن 3.9% فقط من المدربين في أكبر 14 اتحادًا في أوروبا لديهم خلفية من الأقليات العرقية.

 

وأشارت الباحثة إيرين بلوم والناشط المناهض للعنصرية جون أوليفيرا إلى أن هذا يكرر أنماطًا تاريخية قديمة للعمال السود والمالكين البيض مدعومة بالعنصرية العلمية والعبودية والاستعمار.

ويبقى أن نرى ما إذا كانت الحكومة البريطانية ستتخذ إجراءات حول الإساءات وكيف ستتخذها.

 

واقترح رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أنه يمكن منع المشجعين الذين ينشرون العنصرية عبر الإنترنت من حضور المباريات. واتهمه منتقدوه بالنفاق قائلين إن جونسون نفسه ساعد في تأجيج مثل هذه الردود من خلال رفض إدانة صيحات الاستهجان على اللاعبين.

وربما سيؤدي هذا القبح الأخير إلى التزام من وسائل التواصل الاجتماعي والممولين والمدربين واللاعبين وأكاديميات التدريب وأيضًا من المعجبين. وقد يتطلب الأمر عقوبات لتحقيقه لكنه هدف نبيل.