قضايا وآراء

الولايات المتحدة وحفتر.. علاقات مشبوهة ومصالح مشتركة

1300x600
تظل قضايا السلامة العامة والسيادة الوطنية من أكثر القضايا إلحاحاً في ليبيا، وكان اجتماع مجلس الأمن الدولي الذي عقد عشية يوم 15 تموز/ يوليو مخصصاً لبحث هذه القضايا، حيث تصاعدت دعوات من كل مكان لتعزيز التسوية السلمية للأزمة الليبية في أسرع وقت ممكن وسحب المقاتلين الأجانب المتمركزين في ليبيا.

ولا يخفى على أحد أن التصريحات الرسمية لزعماء العالم ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، تعطي الأمل في تهدئة مبكرة. ومع ذلك، هل الأمر حقا بهذه البساطة؟

عُرف مؤخراً عن بدء تشييد منشآت إضافية في قاعدة تمنهنت العسكرية بالقرب من سبها. ومن المعروف أن هذه القاعدة تُسيطر عليها قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر. وترددت تعقيباً على ذلك عدة أنباء عن تواجد قوات عسكرية تابعة للمليشيات الروسية "فاغنر" في هذه القاعدة. ومع ذلك، تشير الملاحظات الأخيرة للعمل الجاري في تمنهنت بشكل لا لبس فيه إلى أن الوحدات العسكرية الأمريكية هي التي تنتشر على أراضي هذه القاعدة.

أثار هذا الخبر قلق مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الليبيين، حيث تم تداول لقطات مصورة عبر الإنترنت تظهر أن القوات الأمريكية بدأت بالفعل أعمال البناء في المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، توجد طائرات أمريكية بالفعل على أراضي القاعدة العسكرية.

تسبب ما يحدث في تمنهنت في استياء عام لدى الليبيين، حيث عبروا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الليبية عن استيائهم من استمرار الوجود العسكري الأجنبي في ليبيا. وفي الوقت نفسه، يوضح بناء الأمريكيين لمنشآت جديدة في القاعدة العسكرية أن الوحدة الأمريكية في ليبيا لن تغادر البلاد قريباً فحسب، بل تتوقع تجديدها قريباً.

لا يمكن للمواطنين الليبيين بالطبع تجاهل هذه الحقيقة. وفي جميع التدوينات التي يناقش فيها المواطنون الليبيون هذا الخبر، هناك قلق على مستقبل ليبيا وخوف من تكرار "السيناريو العراقي"، لأن الليبيين يدركون جيداً المحن التي تعقب الوجود الأمريكي في البلاد. ولطالما عبّر علماء السياسة الليبيون عن مخاوفهم من غزوٍ أمريكي وشيك لليبيا بذرائع مزعومة لإحلال السلام والقانون والنظام في البلاد، والقضاء على الإرهاب.

كما ينبغي إيلاء اهتمام خاص لمناقشة الليبيين لموقف المشير حفتر في ما يتعلق بالوجود الأمريكي في البلاد. وبالفعل في عدة مناسبات، أعرب المواطنون الليبيون عن استيائهم من حقيقة أن حفتر يلعب لعبة مزدوجة ويغازل الولايات المتحدة علانية. ويخشى الناس أن يكون المشير، الذي حاول اقتحام طرابلس شريكاً في الواقع في حماية المصالح الأمريكية، لا سيما وأن حفتر حاصل على الجنسية الأمريكية، الأمر الذي يلقي مرة أخرى بظلاله على سمعته.

في الوضع الحالي، فإن موقف حفتر ليس واضحاً تماماً، حيث ينوي المشير علانية المشاركة في الانتخابات الرئاسية في 24 كانون الأول/ ديسمبر. لكنه في الوقت نفسه ليس في عجلة من أمره للتخلي عن جنسيته، رغم أن أحد الشروط الضرورية للمشاركة في السباق الرئاسي هو عدم وجود جنسية أجنبية. وبالتالي، فإن مخاوف الليبيين من احتمال اعتماد حفتر على الدعم الأجنبي (على وجه الخصوص الأمريكي) في صراعه على السلطة ليس بلا سبب. وعلى أي حال، من الواضح أنه بغض النظر عن دعم حفتر، فإن الوجود العسكري الأجنبي في ليبيا يهدد أمن مواطنيها وسيادة البلاد بشكل عام.