سياسة عربية

مع إصرار نظام الأسد على شروطه.. هل تحسم روسيا الوضع بدرعا؟

تعرضت حواجز قوات النظام لهجمات عنيفة من ريفي درعا الغربي والشرقي- جيتي

ينذر تعثر المفاوضات في درعا في ظل إصرار النظام السوري على فرض شروطه على الأهالي؛ بتفجر المواجهة العسكرية مجددا في الجنوب السوري، فيما تدور تساؤلات عن حقيقة الموقف الروسي تجاه ما يجري في المنطقة.

فبعد انزلاق المنطقة إلى مواجهات محدودة في الأيام الماضية، جرت إثر محاولات النظام اقتحام حي درعا البلد، ساد هدوء حذر بانتظار نتائج المفاوضات بين النظام ولجان درعا المركزية، التي تتم برعاية روسية.

وفي ما يخص أسباب التوتر والطرف المتسبب به، اتهم عضو "اللجنة الدستورية" عن المعارضة السورية، إبراهيم الجباوي، النظام السوري، قائلا: "لا زال النظام يرفض كل المقترحات والتنازلات من أهالي درعا، رغم انخراط روسيا".

وأضاف لـ"عربي21"، أن النظام السوري بدأ تصعيده منتصف تموز/ يوليو الماضي، عندما هدد باقتحام حي درعا البلد، في حال لم يتم تسليم السلاح الخفيف الموجود بحوزة الأهالي، والسماح لقواته (الفرقة الرابعة) التي تضم بين عناصرها مليشيات إيرانية ومن حزب الله بالتمركز داخل الحي، وهو ما رفضه الأهالي، ليبدأ بعد ذلك بفرض حصار على أهالي الحي.


اقرأ أيضا: تعثر المفاوضات بين اللجان المركزية بدرعا والنظام السوري

وتابع الجباوي، أن قوات النظام بعد ذلك حاولت اقتحام حي درعا البلد، الذي يقطنه أكثر من 50 ألف نسمة، ونجح الأهالي بالسلاح الخفيف في التصدي لهذه المحاولات.

بوادر "صراع" روسي- إيراني

وحسب الجباوي وهو من درعا، فإن عدم انخراط روسيا في دعم قوات النظام وحملته على درعا التي تقودها "الفرقة الرابعة" التي تأخذ أوامرها من إيران، يؤشر إلى ما يشبه الصراع الروسي- الإيراني في الجنوب السوري.

وأضاف: يبدو أن هناك بوادر صراع على بسط النفوذ بين موسكو وطهران في هذه المنطقة الحساسة من سوريا، نظرا لقربها من الاحتلال الإسرائيلي والأردن.

وطبقا للجباوي، فإن غياب الطائرات الروسية عن مساندة هجمات النظام، يجعل تنفيذ مخططات الأخير صعبة للغاية، وقال: "نأمل ألا يتدخل الطيران الروسي، والغلبة ستكون لثوار درعا"، وفق تقديره.

تعهدات روسية

وفي السياق ذاته، أكد الجباوي أن روسيا غير راضية عن سلوك النظام في درعا، بحيث يتناقض التصعيد مع تعهداتها عندما ضمنت اتفاق التسوية، إضافة إلى الاتفاق الثلاثي الأمريكي- الروسي- الإسرائيلي، على إبعاد المليشيات الإيرانية لمسافة لا تقل عن 80 كيلومترا عن الجولان والأردن.

وتابع قوله: "لم تف روسيا بهذه الالتزامات، بسبب إصرار إيران ومخططها الرامي إلى التغلغل في الأردن (الهلال الشيعي)، ولهذا السبب تسعى إيران إلى تأمين منفذ نحو الخليج العربي"، كما قال.

من جانبه، يلاحظ الكاتب والمحلل السياسي عمار جلو، أن "إيران هي من تقود التصعيد من خلال أذرعها (الفرقة الرابعة، المليشيات)، بهدف تعطيل التعهدات الروسية للداخل السوري (المصالحات)، والدول الإقليمية (الأردن، إسرائيل)".

وبين روسيا وإيران، يحاول النظام اللعب على تناقضات المصالح بين الجانبين، ليبسط سيطرته على درعا التي شكلت حالة رفض شعبي، أقلقت وأحرجت النظام، وخصوصا خلال إجراء "مسرحية الانتخابات" الرئاسية الأخيرة، كما يقول جلو لـ"عربي21".

درعا إلى أين؟

وفي تعليقه، لم يستبعد جلو أن تظهر روسيا خشونة ضد النظام لردعه عن استمرار التصعيد، وقال: "قد تظهر روسيا ذلك من خلال إعطاء أمر مباشر للنظام بالتوقف، أو من خلال دفع "اللواء الثامن" التابع لـ"الفيلق الخامس" بقيادة أحمد العودة، لضرب قوات النظام، والمليشيات الإيرانية".

وتأسيسا على ذلك، يبدو أن مآل التصعيد في درعا يعتمد على الموقف الروسي، ومدى حزم روسيا تجاه النظام، وكذلك مدى قدرتها على إيجاد حل يرضي النظام وأهالي درعا.

ميدانيا، لا زال الهدوء الحذر يسود حي درعا البلد الذي سجل حركة نزوح كثيفة نحو منطقة درعا المحطة الخاضعة لسيطرة النظام، بسبب الخوف من التصعيد، ونقص الخدمات والغذاء والدواء.

والثلاثاء، قدمت لجنة درعا المركزية مقترحا للنظام عن طريق روسيا بدخول قوات تابعة للنظام و"اللواء الثامن" الموالي لروسيا، إلى درعا البلد، ونشر حواجز هناك، بالإضافة لإجراء عمليات تفتيش بوجود اللجنة ومحاسبة مطلقي النار على أهالي درعا من عناصر النظام، لكن النظام رفض العرض، ولا تزال جولات التفاوض مستمرة، وفق مصادر "عربي21".

في هذا الوقت، دعا "الاتحاد الأوروبي" الأربعاء جميع الأطراف إلى ضرورة حماية المدنيين في محافظة درعا التي تتعرض لهجمات النظام السوري منذ أسبوع.

وسبق ذلك، إدانة وزارة الخارجية الأمريكية هجوم النظام السوري على محافظة درعا، ووصفته بـ"الوحشي".

وشهدت المنطقة اشتباكات عنيفة الخميس الماضي، بعد مرور أقل من 24 ساعة على فشل اتفاق بين الطرفين ينهي حصار نظام الأسد لدرعا البلد.

وأفادت وسائل إعلام محلية، أن مقاتلي القرى في درعا سيطروا على معظم حواجز قوات النظام في الريفين الغربي والشرقي.

 

اقرأ أيضا: النظام يجدد قصفه على درعا.. والأهالي يطالبون بتدخل أممي