اقتصاد عربي

قرار لبناني بشأن الدعم يضاعف أسعار الوقود.. وعون يعلق

عون: كأن المطلوب المزيد من تدهور الأوضاع والمعاناة والعذاب للمواطنين ووقوفهم في طوابير الذل- جيتي

قررت السلطات اللبنانية، السبت، رفع سعر الصرف المستخدم في تسعير المواد البترولية، في مسعى لتخفيف النقص الحاد في الوقود.

 

ويعني الرفع، الذي يرقى إلى حد التقليص الجزئي لدعم الوقود، المزيد من المصاعب في بلد ارتفع فيه مستوى الفقر بدرجة كبيرة، إثر انهيار مالي مستمر منذ عامين، قضى على 90 بالمئة من قيمة العملة المحلية.

 

ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الوقود في لبنان إلى الضعف، بعد القرار الذي تم اتخاذه في اجتماع طارئ حضره الرئيس اللبناني ميشال عون وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة ومسؤولون آخرون، لبحث أزمة الوقود التي أشاعت حالة من الفوضى في لبنان، وشلت الخدمات الأساسية، وفقا لرويترز.

ورغم ارتفاع الأسعار المتوقع، إلا أن القرار لن يرفع سعر صرف تسعير الوقود كليا إلى مستوى السعر الذي سيمول به المصرف المركزي واردات البلاد، وهي فجوة ستستمر الحكومة في تحملها في الوقت الراهن.

 

ومن المرجح أن يرتفع سعر صفيحة البنزين (20 لترا) من حوالي 78 ألف ليرة (نحو 3.9 دولارات وفق سعر السوق السوداء) إلى 145 ألف ليرة (نحو 7.2 دولارات)، بحسب الأناضول.

فيما سيرتفع سعر صفيحة المازوت من حوالي 58 ألف ليرة (نحو 3 دولارات) إلى 116 ألف ليرة (نحو 5.8 دولارات)، غير أن الخطوة قد تساهم في حل مشكلة شح الوقود وتجعله متوفرا.


وفي رسالة متلفزة وجهها الرئيس ميشال عون إلى اللبنانيين عقب صدور القرار، قال إن "هناك عرقلة لكل فكرة أو اقتراح، وكأن المطلوب المزيد من تدهور الأوضاع والمعاناة والعذاب للمواطنين ووقوفهم في طوابير الذل".

وأشار إلى أن قرار حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، وقف دعم استيراد المحروقات (في 11 آب/أغسطس) من دون العودة إلى الحكومة فاقم أزمة الوقود بالبلاد.

وكان مصرف لبنان يؤمن الدعم لاستيراد المحروقات من خلال تأمين الدولار للمستوردين وفق سعر صرف يبلغ 3900 ليرة، إلا أن انخفاض الاحتياطي الإلزامي من العملات الأجنبية لديه دفعه لوقف الدعم.

وأضاف عون أنه تقرر دعم المحروقات بتحمل الخزينة جزءا من الكلفة، وإعطاء موظفي القطاع العام مساعدة عاجلة بانتظار إعادة النظر بالرواتب، وفقا للأصول، ضمن خطة تعاف شاملة.

ولفت إلى أن الحكومة ستتشكل "بإذن الله" بالتعاون مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وستكون قادرة على إجراء إصلاحات، وتنال ثقة البرلمان.

ويهدف الدعم إلى المحافظة على أسعار المحروقات منخفضة نسبيا، في ظل تراجع قيمة العملة المحلية، حيث بلغ سعر صرف الدولار الواحد نحو 20 ألف ليرة، بينما سعره الرسمي 1515.

ويتسبب شح الوقود بانقطاع الكهرباء عن منازل المواطنين لساعات طويلة، كما يهدد عمل المستشفيات والأفران، ما يزيد معاناة البلاد التي ترزح تحت وطأة أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها.

 

وقال رياض سلامة حاكم مصرف لبنان لرويترز، السبت، إن المصرف سيوفر الدولار لواردات الوقود بسعر السوق الذي سجل 16500 يوم الجمعة، وهو أقل قليلا عن سعر السوق الموازية الذي يحوم حول 19 ألفا، مضيفا أن الفرق سيكون خسارة ستتحملها الحكومة.

وذكر بيان صدر عقب الاجتماع أن المصرف سيفتح حسابا مؤقتا بحد أقصى 225 مليون دولار، حتى نهاية  أيلول/ سبتمبر؛ لتغطية الدعم.

وأوضح البيان أن الخطوة تهدف لتغطية الدعم العاجل والاستثنائي للبنزين والمازوت والغاز المنزلي.

وتعد هذه الأزمة أسوأ انهيار منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990، ووصل الانهيار إلى نقطة حرجة، حيث أجبرت المستشفيات والمخابز والخدمات الأساسية الأخرى على تقليص أو إغلاق أبوابها؛ بسبب انقطاع التيار الكهربائي، مع فقدان البنزين الذي يكاد العثور عليه يكون مستحيلا.

واستخدم المصرف المركزي احتياطياته الدولارية لتمويل واردات الوقود بأسعار الصرف الرسمية، التي تقل كثيرا عن سعر تداول الدولار في السوق الموازية، الأمر الذي أدى إلى استنزاف الاحتياطي. وقال البنك المركزي، في وقت سابق من هذا الشهر، إنه لن يمول بعد الآن الواردات بأسعار مدعومة، ما أدى إلى تفاقم الأزمة.

وحضر الاجتماع الطارئ مع عون وسلامة كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ووزير المالية غازي وزني، ووزير الطاقة والمياه ريمون غجر.

وبعد الاجتماع صدر بيان عن المجتمعين جاء فيه: "الموافقة على اقتراح وزارة المالية بالطلب إلى مصرف لبنان فتح حسابا مؤقتا لتغطية دعم عاجل واستثنائي للمحروقات من بنزين ومازوت وغاز منزلي ومقدمي الخدمات وصيانة معامل الكهرباء، وذلك بما يمثل قيمة الفرق بين سعر صرف الدولار الأمريكي، بحسب منصة "صيرفة" والسعر المعتمد في جدول تركيب الأسعار والمحدد بـ8000 ليرة لبنانية".

وأشار البيان إلى أنه من المقرر أن تصدر وزارة الطاقة والمياه جدول تركيب الأسعار فور صدور هذا القرار.

وبحسب قرار السبت، فإن أسعار البيع الرسمية سترتكز الآن على سعر صرف 8000 ليرة للدولار، وهو ما يزال أقل بكثير من سعر السوق الموازية غير الرسمية.

وازدحمت الطرق في أنحاء لبنان مع اصطفاف المركبات للحصول على ما تبقى من البنزين بالمحطات. وارتفعت الأسعار في السوق السوداء، كما وقعت مشادات على البنزين، تحولت في بعض الأحيان إلى مواجهات دموية.

وقررت الحكومة دفع مساعدات اجتماعية طارئة للموظفين بالحكومة، بما يساوي راتب أو معاش شهر.

وألقى منتقدون باللوم على نظام الدعم في تشجيع التهريب إلى سوريا. وقال نسيب غبريل الخبير الاقتصادي في بنك بيبلوس، إن ذلك سيستمر ما دام الوقود يباع في لبنان بأقل من سعر السوق، مضيفا: "هذا لن يحل المشكلة".