صحافة دولية

WP: ما الطريقة الأفضل لتعامل واشنطن مع حركة طالبان؟

يعتقد الكاتب أن تعاونا مفتوحا بين أمريكا وطالبان ليس محتملا نظرا لحذر الطرفين- جيتي

قال المعلق في صحيفة "واشنطن بوست" ديفيد إغناطيوس إن أفضل طريقة يمكن للولايات المتحدة التعامل بها مع نظام طالبان بكابول، هي الحذر وبسرية.

 

وأوضح في تقرير ترجمته "عربي21"، أنه بعد عقدين من الحرب مع طالبان، هناك سؤال يتعلق بكيفية تعامل الولايات المتحدة مع الجماعة التي تسيطر اليوم على أفغانستان؟ مضيفا أن الجواب يكمن في النكتة القديمة حول طريقة التعامل مع النيص هو "بحذر". 


وأضاف إغناطيوس أن الولايات المتحدة لا خيار أمامها إلا التعامل مع طالبان بطريقة ما لحماية مصالحها. وكان هذا واضحا من لحظة سقوط كابول. 


فقد قامت واشنطن مباشرة بفتح خط تنسيق مع ملا عبد الغني برادار، نائب زعيم الحركة، الذي كان يقوم بدور قائد العمليات الأعلى. وقد سمحت هذه القناة بإجلاء 122 ألفا من الأفغان والأمريكيين. وتحتاج طالبان بشكل ملح لاعتراف المسؤولين الأمريكيين بحكومتها الجديدة والشرعية التي سيضفيها عليها.

واجتمع برادار مع مدير سي آي إيه ويليام بيرنز وناقشا في لقائهما السري في 23 آب/ أغسطس سبل الحفاظ على السفارة الأمريكية في كابول مفتوحة. ورفضت الولايات المتحدة الاستجابة لهذا الطلب، حيث تريد أن ترى أولا التزاما من طالبان بحكومة شاملة واحتراما لحقوق الإنسان، حتى قبل أن تقدم اعترافا تكتيكيا بحكم طالبان.

ويعتقد الكاتب أن أمريكا لديها ورقة نفوذ على الأقل في الوقت الحالي، فطالبان تريد الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى مع كل أسبوع يمضي، فمحطات توليد الطاقة والمياه وشبكات الاتصالات تحتاج للصيانة، وستصبح أزمة السيولة المادية أكثر حدة مع استمرار تجميد الولايات المالية الاحتياطي الأجنبي للحكومة الأفغانية وتوقف الدعم الأمريكي للبلد بعد 20 عاما.

 

اقرأ أيضا: إيكونوميست: على أمريكا التواصل مع طالبان ولكن بحذر

وستزداد أزمة نقص الطعام وتنتشر الأمراض وأعداد الهاربين من البلاد مع اقتراب فصل الشتاء. 


فالتاريخ هو الميزان، فقد قاتلت طالبان الأمريكيين بدون توقف. وبعد انتصارها في الحرب، هي مثل الفيتناميين بعد انتصارهم عام 1975، يبدو أنها تريدنا (وتريد أموالنا وخبرتنا) البقاء كمدنيين. وعلينا ألا نتعامل مع طالبان كعدو دائم، وأكثر من الفيتناميين. ولكن هذا يعتمد على قادة طالبان وعليهم أن يظهروا صدقهم حتى يستحقوا الدعم الأمريكي، وهنا تصبح الأمور صعبة.

 

ويعرف الأمريكيون ملا برادار بشكل أفضل، فقد كان المفاوض النظير للمبعوث الأمريكي زلماي خليل زاد على مدى 3 أعوام. ولكن البقية من الصعب الحكم عليهم، بدءا من زعيم الحركة هيبة الله أخوند زاده، وهو ملا/رجل دين وقاضي شريعة ويقود الحركة منذ عام 2016. وإشارة عن تشدده فقد وافق على قرار ابنه التحول لانتحاري عام 2017. وشرح محمد نور العالم الزميل لأخوند زاده للدبلوماسي الأمريكي كارتر مالكسيان في 2018 أن قرار أخوند زاده التضحية بأنه، كان “إشارة عن جديته في تطبيق الإسلام والقانون الإسلامي. ويريد من الناس معرفة أنه يدعم العقوبات القاسية وأن على النساء تغطية رؤوسهن والدراسة في مدارس منفصلة”، وذلك حسبما جاء في كتاب مالكسيان "الحرب الأمريكية في أفغانستان: تاريخ".

 

وبدا تصميم حركة طالبان في ساحات المعارك وسيستمر مع توليها شؤون الحكم. ومثل بقية القوى الجديدة على الحكم، فقد تواجه صراعا داخليا على السلطة، لكن مالكسيان يرى أنه "مهما كانت تنافساتهم إلا أن طالبان متماسكة، فقد وقفت طالبان ودافعت عما يعني أن تكون أفغانيا. وتبنت طالبان حكما يقوم على الإسلام والمقاومة ضد الاحتلال، وهي قيم تتجذر عميقا في التاريخ الأفغاني وتعلم قيمة الأفغاني".

 

وفي مقاومتها العنيفة ضد الأجانب، كانت طالبان وريثة المحاربين الأفغان الذين هزوا البريطانيين في الحروب الأفغانية الثلاث. وفي التاريخ الذي أعدته في عام 1920 هيئة الأركان البريطانية حول العمليات العسكرية ضد مقاتلي القبائل البشتونية، جاء فيه: "لقد قاتل العدو بتصميم وغضب، وهو أمر من النادر أن واجهته قواتنا في عمليات مماثلة، إن كان هناك عمليات مشابهة".

 

اقرأ أيضا: واشنطن: لا ندرس حاليا تخفيف العقوبات على حركة طالبان

ويعتقد الكاتب أن تعاونا مفتوحا بين أمريكا وطالبان ليس محتملا نظرا لحذر الطرفين، ولهذا فالنهج الصحيح في هذا الوقت هو التنسيق الاستخباراتي. فأنجح العمليات السرية التي قادتها سي آي إيه كانت من خلال التعامل مع الجماعات المتشددة، مثل تلك مع منظمة التحرير الفلسطينية في السبعينيات، وهي علاقة وصفها الكاتب في كتاب صدر له عام 1987 بعنوان "عملاء البراءة". وتعاونت المخابرات الأمريكية في الفترة السابقة مع الأردن ومصر وباكستان والعراق وسوريا وقطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة والمقاتلين الأكراد في سوريا والعراق لمحاربة الإرهاب. وفي التعامل مع طالبان للأمام، فعلاقة الولايات المتحدة مع باكستان وقطر وتركيا ستكون بشكل خاص مهمة.

 

وما يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة في هذه الشراكات السرية، هو المال والتدريب والدعم العلمياتي العميق. وما ستحصل عليه بالمقابل، هي المعلومات لحماية الولايات المتحدة وأصدقائها من الهجمات الإرهابية. ولو تصرفت طالبان بمسؤولية، فقد تعيد فتح سفارتها في كابول وفي أقرب وقت. وحتى يحدث هذا، فالتواصل ضروري ويجب أن يكون غير مرئي قدر الإمكان.