ملفات وتقارير

مليشيا محسوبة على الإمارات تقتل شابا أمريكيا من أصول يمنية

ازدادت عمليات وجرائم الاغتيال والقتل التي يتهم فيها المجلس الانتقالي المحسوب على الإمارات- جيتي

أثار مقتل شاب يمني، يحمل الجنسية الأمريكية، على أيدي مليشيا محسوبة على قوات انفصالية مدعومة من الإمارات، بعد أيام من اختطافه في محافظة لحج، عاصفة من الغضب واستنكارا واسعا في أوساط يمنية مختلفة، وسط مطالبة بإجراء تحقيق دولي في الجريمة.

وقتل عبد الملك السنباني، بعد وصوله إلى نقطة عسكرية يديرها فصيل تابع للمجلس الانتقالي في مدينة طور الباحة بمحافظة لحج، شمالي عدن، قادما من الولايات المتحدة عبر مطار عدن، لزيارة أسرته المقيمة في محافظة ذمار، جنوبي صنعاء، وفق مصادر محلية وحقوقية.

وفي هذا السياق، أدانت الحكومة اليمنية، حادثة مقتل المواطن الشاب، عبدالملك السنباني، يوم الأربعاء، أثناء مروره بنقطة تفتيش في منطقة طور الباحة، تابعة للواء التاسع صاعقة، أحد التشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي.

وقالت وزارة حقوق الإنسان في الحكومة، في بيان لها نقلته وكالة الأنباء الحكومية "سبأ" الجمعة، إنها تدين وتستنكر حادثة مقتل "السنباني"، وتؤكد على ضرورة محاسبة ومعاقبة المتهمين في هذه الجريمة الجسيمة، وسرعة تسليم المتهمين للقضاء لينالوا جزاءهم العادل.

كما أنها دعت إلى التزام كافة نقاط التفتيش والتشكيلات العسكرية والأمنية بالعمل على ضمان تيسير وحماية الحق في حرية التنقل، موضحة أنها "تتابع بشكل مستمر مع الأجهزة المعنية سير الإجراءات القانونية والقضائية".

فيما وجه النائب العام اليمني أحمد الموساي رئيس النيابة الجزائية المتخصصة في عدن بمتابعة واقعة مقتل المجني عليه عبدالملك السنباني أثناء عودته من أمريكا عبر مطار عدن وتكليف أجهزة الأمن بضبط المتهمين وإحالتهم للنيابة.

"جريمة حرب"


من جانبه، أدان المركز الأمريكي للعدالة (ACJ)، ما فعلته قوات "الحزام الأمني" التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، يوم الأربعاء 8 أيلول/ سبتمبر، من احتجاز الشاب اليمني عبدالملك السنباني، أثناء عودته من الولايات المتحدة، قبل أن تقوم بتصفيته.

وقال المركز في بيان له وصل "عربي21" نسخة منه، الجمعة، إنه تلقى بلاغا من عائلة السنباني، بأن ابنهم عبدالملك، المغترب في أمريكا لمدة 10 سنوات، كان عائدا في زيارة عائلته عبر مطار عدن، ومواصلة السفر إلى مسقط رأسه في محافظة ذمار، وسط البلاد، قبل أن ينقطع التواصل معه الأربعاء.

وأضاف المركز الأمريكي للعدالة نقلا عن أسرة السنباني أنها تفاجأت بمنافذ إعلامية وتصريحا لمسؤولين في مدينة طور الباحة، بمحافظة لحج، شمالي عدن، يتحدثون عن اعتقال "ابنهم عبدالملك"، بتهمة الانتماء لجماعة الحوثي وحيازة مبالغ مالية.


اقرأ أيضا: أرقام صادمة عن عدد القتلى في اليمن خلال 11 شهرا فقط

 

وتابعت العائلة، بحسب المركز الحقوقي: "إثر ذلك، سارعنا بالسفر إلى عدن، لمعرفة ظروف اعتقاله ومصير ابنهم، لكنهم فوجئوا، بالعثور عليه جثة هامدة في مشرحة مستشفى الجمهورية بالعاصمة المؤقتة، بعد تعرضه للتعذيب والقتل" من قبل قوات الحزام الأمني المدعوم إماراتيا.

وأشار المركز في بيانه إلى أن "نقطة عسكرية تابعة للواء التاسع صاعقة، في مدينة طور الباحة بلحج، اعتقلت السنباني ثم ربطته ومارست التعذيب بحقه، وصولا إلى قتله"، وقد ظهرت علامات تعذيب على جثته إضافة إلى وجود ثلاث رصاصات في ظهره ورابعة في رجله، بناء على  المعلومات التي صرحت بها عائلة السنباني.

ويقول المدير التنفيذي للمركز الأمريكي للعدالة، عبدالرحمن برمان، إن "ما تعرض له السنباني وسالم ـ رئيس مجلس إدارة مدرسة اقرأ بعدن الذي اغتيل يوم الخميس بعدن ـ جرائم ضد الإنسانية وفقا للقانون الدولي وانتهاك حقوق الإنسان المكفولة بجميع القوانين والمواثيق المحلية والدولية وأبرزها الحق في الحياة وحرية التنقل والملكية، وبالتالي لا يمكن إخضاعها للقادمين".

وأكد برمان، في سياق بيان المركز أن "استمرار عمليات القتل خارج نطاق القضاء في المناطق الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي أصبح وحشيا بشكل متزايد وسط صمت المجتمع الدولي لحقوق الإنسان"، متابعا بالقول إنه "يجب ان يتوقف فورا".

ودعا في الوقت ذاته، منظمة الأمم المتحدة إلى الإسراع في تشكيل لجنة تحقيق خاصة في هذه الجرائم والعمل على وقفها وردع المخالفين وتقديمهم للعدالة وإنصاف الضحايا.

"انتهاكات شبه يومية"

 
من جهتها، قالت منظمة "سام" للحقوق والحريات إن السنباني، الشاب اليمني الذي يحمل الجنسية الأمريكية، قتل أثناء عودته من أمريكا عبر مطار عدن، حيث تعرض للاحتجاز التعسفي والتعذيب ومصادرة أمواله قبل أن يتم قتله بتهمة الانتماء لجماعة الحوثي.

وأوضحت المنظمة ومقرها جنيف، في بيان لها وصل "عربي21" نسخة منه، الجمعة، أن "هناك شواهد كثيرة تؤكد توحش التشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي في ممارسة الانتهاكات ضد المدنيين.. إذ أصبح الاعتقال التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري والمداهمات الليلية للمنازل سلوكا شبه يومي في مدينة عدن".


وأكدت منظمة "سام" في بيانها أن "الكثير من النقاط المسلحة تثير مخاوف العديد من المدنيين لتحولها إلى وسيلة لابتزاز المسافرين، حيث فضحت إفادات الضحايا الذين اعتقلوا من النقاط المسلحة الانتهاك المطلق الذي تمارسه هذه القوات، كما أن ترك المعتدين دون محاسبة يرسل إشارات واضحة لهذه القوات باستمرار ممارسة انتهاكاتها والإفلات من العقاب دون أي مساءلة على هذه الجرائم".

توفيق الحميدي، رئيس منظمة "سام" للحقوق والحريات، قال إن "التشكيلات المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي التي أنشأتها دولة الإمارات، تمارس الانتهاكات في ظل إفلات شبه كامل من العقاب وغياب الرقابة من أي نوع، لا سيما بعد تعطيل مؤسسات القضاء، والسيطرة على مفاصل الدولة في عدن من قبل المجلس ذاته".

وكانت صحيفة الأيام الموالية للمجلس الانتقالي والصادرة في مدينة عدن، قد نشرت يوم الخميس، عن تمكن نقطة أمنية تابعة للمجلس في طور الباحة بلحج، الأربعاء، من "القبض على شخص يشتبه في انتمائه للحوثيين".

ونقلت عن المستشار الإعلامي للسلطة المحلية بالمديرية، جلال السويسي قوله: "إنهم تلقوا بلاغا عن تواجد الشاب السنباني بصورة غير طبيعية عند محطة مفرق الفرشة، وقيامة بالتقاط صور لمواقع عسكرية ولديه مبلغ بالدولار الأمريكي".

فيما قال قائد نقطة طور الباحة محمد الناشري، للصحيفة ذاتها: "إنهم تمكنوا من القبض على شخص مشتبه فيه بأنه عنصر حوثي، عقب تلقيهم بلاغا بتواجده في محطة مفرق الفرشة، ويقوم  بحركات مشبوهة، قبل أن يتم الوصول إلى السيارة التي يستقلها"، مضيفا أن "أفراد النقطة قاموا بإنزاله من السيارة، لكنه تمكن من الهرب مباشرة، حينها تم الانتشار من قبلهم، وملاحقته حتى القبض عليه بعد أن قطع مسافة أكثر من نصف كيلومتر ركضا على الأقدام".

وبحسب قائد الحاجز العسكري التابع للانتقالي فإن "هروب السنباني وإصراره على عدم تفتيش ما بحوزته من حقائب دليل على أنه عنصر قيادي من عناصر الروافض الحوثية".

"إقرار بالجريمة"


بموازاة ذلك، أقر المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيا، الجمعة، بجريمة قتل الشاب اليمني الأمريكي، عبدالملك السنباني، في نقطة تابعة له في محافظة لحج، بعدما تحولت إلى قضية رأي عام.

وفي تصريح للمتحدث العسكري باسم المجلس، محمد النقيب، نشره على موقعه الإلكتروني، الجمعة، أكد أن عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس، وجه بتشكيل لجنة تحقيق في ملابسات مقتل السنباني، وتوقيف أفراد النقطة العسكرية التي قتل فيها، وإحالتهم إلى المساءلة أمام الجهات المختصة في النيابة العسكرية.

والخميس، اغتال مسلحون، رئيس مجلس إدارة مدرسة "اقرأ" (خاصة) بعدن، سالم علي سالم، في منطقة إنماء السكنية، شمال غرب المدينة الجنوبية.

واغتيال "سالم"، جاء بعد أيام، من اغتيال قائد جبهة الحازمية، بمحافظة البيضاء، وسط البلاد، موسى المشدلي، بعبوة ناسفة زرعت في سيارته بمديرية المنصورة، في العاصمة اليمنية المؤقتة، التي تشهد اغتيالات يتهم المجلس الانتقالي الذي يسيطر عليها بالتورط فيها.