ملفات وتقارير

دراسة مصرية تحذر من احتمال انهيار سد النهضة الإثيوبي

ذكرت الدراسة أن تحليل البيانات بموقع السد يكشف عن وجود هبوط أرضي غير متناسق في أطرافه- جيتي

مع جمود مفاوضات سد النهضة التي فشلت مرارا في التوصل إلى أي اتفاق نهائي بين مصر والسودان وإثيوبيا، ظهرت بعض الدراسات التي تحذر من احتمال "انهيار" السد العملاق لأسباب فنية، وعدم قدرته على تخزين 74 مليار متر مكعب من المياه المطلوب تخزينها.


وتوالت ردود الفعل بعد نشر دراسة مصرية حديثة مثيرة للجدل، شارك فيها باحثون محليون بجامعات وهيئات دولية، تحذر من احتمال انهيار سد النهضة الإثيوبي، وشككت في قدرة إثيوبيا على إتمام الملء الثاني للسد.


وتضمنت الدراسة تحليل 109 صور ومشاهد، في الفترة من كانون الأول/ ديسمبر 2016 إلى تموز/ يوليو 2021، باستخدام تقنية الأشعة الرادارية، وانتهت إلى وجود شواهد على عوامل إزاحة وتحرك مختلفة الاتجاهات في أقسام مختلفة من السد الخرساني "الرئيسي" وكذلك السد الركامي "المساعد" مما ينذر بانهيار السد وما يتبع ذلك من تأثير مدمر على دولتي المصب.


ووفقا للدراسة التي شارك فيها وزير الري المصري محمد عبد العاطي، يكشف تحليل البيانات في موقع السد عن وجود هبوط أرضي غير متناسق في أطراف السد الرئيسي، خاصة الجانب الغربي حيث سجل حالات نزوح متفاوتة يتراوح مداها بين 10 و90 مليمترا في أعلى السد.

 

اقرأ أيضا: مجلس الأمن يدعو لاستئناف مفاوضات سد النهضة لإبرام اتفاق مقبول


كما أوضحت الدراسة أن ملء السد كان يجري بشكل سريع ومن دون تحليل بيانات، وهو ما يؤثر على جسم السد فنيا، ويؤثر هيدرولوجيا على حوض النيل الأزرق، كما كشفت أن هناك إزاحة رأسية غير متساوية في قطاعات مختلفة من السدَّين الرئيسي والمساعد.


وقال هشام العسكري، الباحث الرئيسي بالدراسة، في لقاء تلفزيوني، "نحن لا نقول اتهامات ولن نعادي أحدا، بل نظهر خطرا داهما بشكل علمي قوي وندق ناقوسا حول تهديد كبير يواجه السودانيين، ولا نقدم أبحاثا بصبغة سياسية ونطالب المجتمع الدولي بالتحقق من صحة ما نقول".


ما حقيقة احتمال انهيار السد؟


في تعليقه حول هذه الدراسة، وحقيقة احتمال انهيار سد الألفية الكبير، قال مستشار وزير الري والموارد المائية المصري سابقا، الدكتور ضياء الدين القوصي، إن "التحذير الذي تم تضمينه في الدراسة ليس بجديد، وسبق وحذرنا من أن موقع السد ينذر بحدوث انهيارات؛ لأنه موجود على فالق أرضي قد يتسبب في هبوط غير متساو".


وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "التربة المقام عليها بناء السد هي تربة انهيارية لأنها تتآمل بفعل قوة المياه، لكنهم حاولوا تجاوز تلك الحقائق من خلال حقن التربة بالأسمنت في عملية كلفت أكثر من مليار دولار، وهذا ينفي أن تكون هناك مشكلة".


واستبعد القوصي أن تؤثر تلك الدراسة سواء على استكمال بناء السد أو مساعدة مصر والسودان في مفاوضاتهما مع إثيوبيا "لأن هناك قرارا سياسيا يفرض نفسه، ويتغلب على الجانب الفني، ولديهم من المتخصصين من يعلمون بحقيقة هذه التحذيرات".


واعتبر مستشار وزير الري الأسبق، أن "المتضرر الرئيس من أي انهيار هو السودان وليس إثيوبيا؛ لأن السد الضخم موجود على تخوم حدودها، ونحن لا نريد ولا نتمنى انهياره ولكن نريد ضمانات تؤكد سلامة الإنشاءات والتربة".


وتعتزم مصر استغلال الدراسة من أجل عرضها على خبراء دوليين ومحليين في جلسة بمؤتمر دولي للمياه سيقام بمصر في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، بحسب الدكتور عمرو فوزي، الباحث المشارك بالدراسة المشار إليها حول أمان السد.

 

 

 

سبق علمي بوجود مشاكل بالسد

 
هناك احتمالات كبيرة لانهيار سد النهضة، هذا ما كشفه خبير السدود الدولي الدكتور محمد حافظ، وأهمها أن طبقة الأساسات تم بناؤها على مجموعة من الكهوف الجيرية والتي تقع على عمق 15 مترا من سطح الأرض، وهذه الكهوف تحدثت عنها الشركة الإيطالية التي قامت بعمل "الجسات" الأرضية، وهي حفر رفيعة بقطر 100 مم في الأرض عن طريق التخريم وتصل لعمق 50 مترا أحيانا".


وأوضح لـ"عربي21": "وفقا لتقرير الشركة الإيطالية توجد فوالق أرضية تحت سد النهضة الخراساني وسد السرج والأخير به مشاكل أكثر من السد الرئيسي ولكنها قالت إنها قامت بحقن تلك الكهوف بمواد أسمنتية، وكان هناك نوع من الاستعجال في معالجة المشاكل ومن الممكن أن عملية تحسين التربة لم تف بالمطلوب".

 

اقرأ أيضا: إثيوبيا مستعدة لاستئناف مفاوضات سد النهضة برعاية أفريقية

وتابع: "في عام 2017 نشرت تقريرا في مجلة روز اليوسف المصرية، كشف لأول مرة عن هذه الكهوف والفوالق، أما فيما يتعلق بالدراسة الأخيرة فإني أتفق معها في وجود هبوط غير متزن بين أطراف السد بسبب وجود الكهوف هذا بخصوص السد الخراساني، أما بالنسبة للهبوط في سد السرج لا أتفق معه أن الهبوط نتيجة الأحمال ولكني أعتقد أنه نتيجة ما يسمى بالهبوط المرن".


واستبعد الخبير الدولي أن "تؤثر هذه الدراسة أو غيرها على القرار السياسي لإثيوبيا باستكمال بناء السد لأنها غير متضررة من أي انهيار، وهذا ما يكشف سبب تأخر بناء السد ثلاث سنوات وأكثر، لكن ربما لو أن هناك ضغوطا دولية تمارسها مصر والسودان فيمكن أن تخفف إثيوبيا من ارتفاع المياه وحجم تخزينها ما يقلل من احتمالات الانهيار".