ملفات وتقارير

دعوات لمحاكمة سعيّد لجرائم انتخابية.. وهيئة الانتخابات توضّح

لم تذكر النيابة اسم سعيد في قرار إحالة مرشحين سابقين إلى القضاء رغم ورود اسمه في تقرير المحاسبات- الأناضول

أثار قرار إعفاء الرئيس التونسي قيس سعيد من قائمة المشمولين بقرار الإحالة على القضاء بسبب جرائم انتخابية، موجة استنكار لدى عدد من الفاعلين السياسيين بالبلاد، مطالبين إياه بالتخلي عن الحصانة والوقوف أمام القضاء.


ومساء الأربعاء، قرر القضاء التونسي إحالة 19 مرشحا سابقا لانتخابات 2019، من ضمنهم رئيس البرلمان راشد الغنوشي، إلى الدائرة الجنائية، بسبب "مخالفات انتخابية" خلال فترة الصمت الانتخابي، دون ذكر رئيس البلاد قيس سعيّد المشار إليه في تقرير دائرة المحاسبات، الذي اعتمدت عليه النيابة في قرارها.


وأوضح المكتب أنه "تم اتخاذ قرار الإحالة على المجلس الجناحي بالمحكمة الابتدائية بتونس من أجل ارتكاب جرائم مخالفة تحجير الإشهار السياسي والانتفاع بدعاية غير مشروعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والدعاية خلال فترة الصمت الانتخابي طبق الفصول 57 و69 و154 و155 من القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26/05/2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء".


كما أوضحت المحكمة أنه "تعذر إحالة غيرهم على المحكمة لأسباب تتعلق ببعض الإجراءات الخاصة بإثارة الدعوى العمومية المرتبطة بصفة المخالف واستكمال بعض الأبحاث".


واستندت المحكمة في قرارها على تقرير دائرة المحاسبات الذي أشار له رئيس البلاد قيس سعيّد في عديد المرات سابقا.


وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، دعا سعيّد القضاء إلى ترتيب آثار جزائية على التجاوزات، التي كشف عنها التقرير السابق لمحكمة المحاسبات. 

 

وأشار التقرير، الذي اعتمدت عليه النيابة العامة، إلى أن الرئيس التونسي قيس سعيّد استعمل خلال حملته الانتخابية الرئاسية عام 2019، 30 صفحة بـ"فيسبوك"، 5 فقط منها تُدار من داخل البلاد، فيما بلغ عدد متابعي هذه الصفحات أكثر من 3 ملايين شخص، وهو ما يحظره قانون الحملات الانتخابية بتونس ويعاقب عليه.

 

وضمت قائمة المحالين على المجلس الجناحي "نبيل القروي، ويوسف الشاهد، وعبد الكريم زبيدي، وراشد الخريجي الغنوشي، وربيعة بن عمارة، وسليم الرياحي، وأحمد الصافي سعيد، وحمادي الجبالي، وحمة الهمامي، وسلمى اللومي، ومحمد الصغير النوري، ومحمد المنصف المرزوقي، وناجي جلول، ومحمد الهاشمي الحامدي، وإلياس الفخفاخ، ومهدي جمعة، ومنجي الرحوي، ولطفي المرايحي، وسعيد العايدي"، بحسب بلاغ صادر عن مكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس.


هيئة الانتخابات


قال الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري في تصريح خاص لـ"عربي21" إن "القانون الانتخابي يعطي لمحكمة المحاسبات عملية المراقبة الاحقة للعملية الانتخابية ككل ، لأن الهيئة تتدخل في مراقبة الحملة إلى حين إصدار النتائج ".


وأوضح التليلي المنصري أن "المخالفات التي أعلنت عنها محكمة المحاسبات ببلاغ عن المحكمة هي نتيجة التقارير التي أرسلتها هيئة الانتخابات وكذلك ما قامت به محكمة المحاسبات".


وشدد عضو هيئة الانتخابات على أن عقوبات هذه المخالفات فقط خطايا مالية وليس لها أي تأثير في المشهد السياسي وليس إسقاط أو فقدان عضوية، وهي مخالفات لم يتم بعد إحالتها على الرغم من أن القانون يحدد ذلك في غضون 6 أشهر".


وأكد الرئيس السابق للهيئة وجوب إصدار الأحكام في مخالفات التمويل الخارجي و"اللوبينغ" قبل ثلاث سنوات أي جانفي 2023 وإلا تسقط بمرور الزمن.


سعيد سيلاحق

 

وعن إعفاء سعيّد، أوضح باحث الدكتوراه عدنان الكرايني لـ"عربي21" أن النيابة العمومية، تقصد المترشح قيس سعيّد نظرا لصفته رئيسا للجمهورية متمتعا بالحصانة وفق الفصل 87 من الدستور.


وأضاف الكرايني قائلا: " الحصانة وضعية قانونية تمنع التتبع ضد كل من يتمتع بها، وبمجرد انتفاء الصفة تستأنف الإجراءات التي تنص عليها مجلة الإجراءات الجزائية".


بدوره أكد الرئيس السابق لهيئة الانتخابات التليلي المنصري " أن المقصود بتعذر الذي ورد ببيان المحكمة يعني رئيس الجمهورية قيس سعيد فهو الآن يتمتع بحصانة ولكن بعد انتهاء مدته الرئاسية يتم استئناف التتبع ".


وفي أول تعليق له قال رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى إشرافه على اجتماع مجلس الوزراء الخميس، إن المبلغ الوحيد الذي دفعه خلال حملته الانتخابية كان في حدود 50 دينارا (أقل من 20 دولار).


وأضاف سعيد قائلا:" رفضت حتى التمويل العمومي وقلت للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي من المفترض أن تكون مستقلة لا آداة لعدد من الأشخاص، قلت لها إن هذه الصفحات التي لا استعملها لا تلزمني ولا أعلم من وراءها، ومع ذلك قامت بإصدار بيانات تلو البيانات والتعليقات والدردشات التي تتواصل في كل مكان ويقال أن هناك تمويل".

 

أحزاب تعلق

 

عبر حزب العمال عن استغرابه لعدم إدراج اسم قيس سعيد على رأس قائمة المنتفعين بالإشهار السياسي والدعاية غير المشروعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفق ما ورد في تقرير محكمة المحاسبات التي ذكرت في ملاحقها بأن قيس سعيد تلقى سندا من طرف 30 صفحة موزعة على تونس وعلى عديد الدول الأجنبية بعدد مشاركين بلغ 3045466. 

 


وأوضح الحزب، الذي أحيل رئيسه حمة الهمامي على القضاء في ذات الملف، أن "تعلل النيابة العامة بعدم إحالة أشخاص آخرين لتعلق الأمر بالإجراءات الخاصة بإثارة الدعوة العمومية المرتبطة بصفة المخالف، لا قيمة له في حالة قيس سعيّد، إذ أن الأمر 117 الذي أصدره بتاريخ 22 أيلول/ سبتمبر 2021، والذي استعاض به عن الدستور في كل ما يتعلق بالسلطة التنفيذية لا ينص مطلقا على تمتع رئيس السلطة التنفيذية بالحصانة".

 

بدورها، قالت حركة "تحيا تونس" إن شبهة الاشهار السياسي التي ذكرها تقرير المحاسبات حول الحملة الرئاسية ليوسف الشاهد تتمثل في بث قناة تلفزية لفعاليات اجتماع سوسة بتاريخ 8 أيلول/ سبتمبر 2019، دون إذن من الممثلين الرسميين للحملة، و هو ما اعتبره تقرير المحاسبات اشهارا سياسيا. 


وأفادت اللجنة القانونية للحزب أن هذه الشبهة لا تعتبر جريمة انتخابية كالتمويل الخارجي أو "اللوبيينغ" بل جنحة تتراوح عقوبتها، إن ثبتت، بين 5 آلاف و 10 آلاف دينار، حسب الفصل 154 من القانون الانتخابي، إضافة إلى عدم مسؤولية المرشح يوسف الشاهد عن البث التلفزي المذكور، بحسب بلاغ.

 


رفع الحصانة


ومن جهته، طالب النائب بالبرلمان وليد جلاد، في تدوينة بـ"فيسبوك"، رئيس الجمهورية بـ “عدم التمسك بالحصانة، وأن يضع نفسه على ذمة القضاء، ليُضرب به المثل ويكون في مستوى انتظارات شعبه ومُحبيه”.

 


وأكد أنّ رئيس الجمهورية، هو المقصود في بيان المحكمة، بعدم استكمال الأبحاث، وفق نص التدوينة.