ملفات وتقارير

حقوقيات مصريات يكشفن حقيقة وضع المرأة في عهد السيسي

86 أمّا في السجون المصرية بينهن خمس مخفيات قسريا، و26 سيدة تقضي محكوميتها بعد أحكام سياسية وفقا لحقوقيين

في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للمرأة في الثامن من آذار/ مارس من كل عام، تعاني المرأة المصرية من أوضاع حقوقية واجتماعية واقتصادية صعبة، وذلك على الرغم من محاولة السلطات المصرية رسم صورة مغايرة من خلال خطاب إعلامي يحمل الكثير من الشعارات الرنانة والقليل من الأفعال الحقيقية.

وقالت حقوقيات مصريات إن المرأة المصرية منذ ثورة 25 يناير 2011 خرجت من أجل "العيش والحرية والكرامة"، ولم تفقدهم جميعا إلا بعد الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013 وقيام السلطات بانتهاك حقوق المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وتجاوز كل الخطوط الحمراء.

وأكدن في تصريحات لـ"عربي21" أن النظام المصري الحالي قمع كل الحركات النسوية الداعية للحقوق والحريات والإفراج عن المعتقلين والمعتقلات، ومواجهة المشاكل الاجتماعية والإنسانية مثل التحرش وزيادة حالات الطلاق والعنوسة وارتفاع نسبة الفقر، وفق أرقام الحكومة المصرية الرسمية.

وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، ارتفاع عدد حالات الطلاق إلى 255004 حالات عام 2021 مقارنة بعام 2020، حيث كان 222036 حالة بنسبة زيادة 15%، وبلغت مساهمة المرأة في قوة العمل 15.2% من إجمالي قوة العمل فقط، كما بلغ معدل البطالة للإناث 16%.

وكشفن أن نظام السيسي حرص على إبراز صورة المرأة ودورها من أجل أخذ "اللقطة" من خلال زيادة عددهن في المجالس النيابية ووزارات الحكومة بنسبة 25% والجلوس على منصات القضاء، من أجل تصدير الصورة للغرب الذي يهتم بوضع المرأة وقضاياها وحقوقها، ولكن ما يجهله الغرب أن أوضاع المرأة تدهورت وساءت سواء من حيث زيادة حالات التحرش والانتحار أو الفقر والطلاق.

في نهاية العام الماضي، أصدرت منظمة (نحن نسجل) الحقوقية بيانا وثقت من خلاله وجود 203 نساء محتجزات على ذمة قضايا سياسية، وتَعَرُض ما لا يقل عن 58 امرأة وفتاة مصرية للعنف والإيذاء في عام 2021 فقط، على أيدي ضباط وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني.

وفي انتهاك غير مسبوق لكرامة المرأة المصرية في العصر الحديث، أحصت المنظمة 86 أمّا في السجون المصرية بينهن خمس مخفيات قسريا، و26 سيدة تقضي محكوميتها بعد أحكام سياسية وفقا لحقوقيين، كما تظل 44 أمّا رهينة الحبس الاحتياطي، كذلك تم تدوير 9 سيدات في قضايا جديدة بعد تجاوزهن فترة الحبس الاحتياطي، بينما صدر بحق 2 من الأمهات المحتجزات قراران بإخلاء سبيلهما، لكنهما لم ينفذا بعد.

"صور براقة وواقع قبيح"

وصفت الناشطة السياسية المصرية نانسي كمال، الصورة التي يرسمها السيسي في محافله ومؤتمراته عن المرأة "بالصورة المزيفة"، وقالت: "هذه الصور البراقة مثلها مثل العديد من الإنجازات المزيفة التي يروج لها في الإعلام ولا يشعر بها أحد إلا هو ونظامه وإعلامه وحاشيته وبطانته من حوله فقط".

وأضافت كمال لـ"عربي21"، التي تعرضت للاعتقال والاحتجاز في مراكز شرطة النظام المصري: "المرأة المصرية الحرة إما في السجون، أو غير قادرة على إكمال تعليمها بسبب غلاء كل شيء، حتى المرأة التي رقصت أمام اللجان الانتخابية للسيسي أصبحت تصرخ من الأوضاع الاقتصادية المتأزمة في البلاد".

وجدد "المؤتمر الدائم للمرأة العاملة"، بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة، مطالبته للسلطات المصرية بالتصديق على الاتفاقية رقم 190 الصادرة عن منظمة العمل الدولية في عام 2019، بشأن القضاء على العنف والتحرش في مواقع العمل.

أمهات وجدات خلف القضبان

وعلقت فدوى خالد ابنة الحقوقية المصرية الستينية هدى عبد المنعم بالقول: "إنه في مثل هذا اليوم وفي اليوم العالمي للمرأة قبل أربع سنوات كانت أمي الأستاذة هدى عبد المنعم المحامية تحاضر في عدة مؤتمرات دولية حائزة شرف تمثيل مصر في يوم المرأة العالمي".

وأضافت في منشور لها على صفحتها الشخصية على "فيسبوك": "ماما التي طالما مثلت مصر في محافل ومؤتمرات دولية وكانت عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، مر عليها 3 سنوات و5 شهور في الحبس مع استمرار منع زياراتها والاطمئنان على صحتها، 1224 يوما ونحن محرومون من الأم والصحبة والحضن والسند والظهر وكل شيء لنا في الدنيا".

وطالبت فدوى بإطلاق سراح والدتها بالتزامن مع عيد الأم الذي يحل بعد أيام، ومع اقتراب دخول شهر رمضان المبارك، مؤكدة أن هذا كل ما تطلبه أسرتها أن تكون والدتها وسط أبنائها وأحفادها.


 

"مناصب دون تأثير"

من جهتها، قالت المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات هبة حسن، إنه "على الرغم من الشعارات والمبادرات والبرامج المعلنة، وما يسمى بتمكين المرأة في مصر الذي يصرح به مرارا في السنوات الأخيرة، إلا أن وضع المرأة المصرية - بل والمجتمع كله - في تدهور مستمر على جميع الأشكال اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا".

مضيفة لـ"عربي21": "في حين يتحدث النظام المصري وإعلامه عن تمكين المرأة وزيادة عدد الوزيرات أو عضوات البرلمان، يتراجع التأثير الفعلي لأي منهن أمام هيمنة النظام العسكري على الدولة، فلا الوزيرات لهن قرار أو دور خارج ما يقرره النظام فهن مجرد أدوات تنفيذية، ولا البرلمان يمارس دوره على الحقيقة وقد تحول لتابع للسلطة التنفيذية، وعلى الجهة الأخرى نجد الواقع الحقيقي للنساء في مصر هو الأسوأ ربما منذ عقود".

تتزايد معدلات التحرش، بحسب حسن، لتحتل مصر المرتبة الأولى عربيا في نسب تعرض النساء للتحرش في ظل غياب للثقافة الضابطة أو القانون المحاسب والذي تفرغ للتصدي للمعارضين للنظام دون حفظ الأمن في الشارع، ونجد كذلك مصر الأولى عربيا في معدلات الانتحار التي نالت النساء فيها نسبة ليست بالقليلة بما يقارب الأربعين بالمئة من المقدمين على الانتحار.

وتابعت الحقوقية المصرية: "مع تزايد التدهور الاقتصادي وضعف دخل الأسر المصرية تضيع المرأة بين ضغط احتياجات الأسرة وواقع حياتها، كل هذا بالطبع بعيدا عن الواقع السياسي المنحدر بين قمع الحريات وتزايد عدد المعتقلات في سجون النظام وتدهور أحوالهن وما يتعرضن له من أحكام وسوء معاملة تخطيا لكل القوانين والأعراف المجتمعية التي كانت تعتبر المرأة خطا أحمر في معادلات قمع الأنظمة السابقة".

واختتمت حسن حديثها بالقول: "لذلك مهما حاول النظام المصري تلميع نفسه وتقديم بعض النساء في إعلامه للمجتمع الدولي دليلا على صورة براقة مختلقة فالواقع سيظل يفضح هذه الادعاءات".