اقتصاد عربي

ماذا يعني حيازة مصر أكبر كمية ذهب دفعة واحدة بتاريخها؟

قفزت مصر إلى المرتبة 33 عالميا والرابعة عربيا في احتياطيات الذهب- عربي21

في خطوة نادرة؛ قام البنك المركزي المصري بشراء 44.4 طنا من الذهب خلال شهر شباط/ فبراير الماضي، ليصبح أكبر مشتر للمعدن الأصفر بين البنوك المركزية العالمية في الربع الأول من العام الجاري، بحسب مجلس الذهب العالمي.

وبلغ حجم الذهب لدى المركزي المصري 125.3 طنا، وهذه أكبر زيادة في احتياطي الذهب بمعدل 55% أو ما يعادل 19.4% من إجمالي احتياطات النقد الأجنبي، وبذلك قفزت مصر إلى المرتبة 33 عالميا، والرابعة عربيا بعد (السعودية، لبنان، الجزائر).

في شباط/ فبراير الماضي، كشف المركزي المصري عن ارتفاع قيمة الذهب المدرج باحتياطي النقد الأجنبي بنحو 2.7 مليار دولار، ليصل إلى 6.9 مليارات دولار، وسجل رصيد الاحتياطيات النقدية الأجنبية نحو 37 مليار دولار بنهاية آذار/ مارس الماضي، مقابل 40.099 مليار دولار في نهاية شباط/فبراير السابق.

وقام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي- البنك المركزي الأمريكي- بخطوة تاريخية الأربعاء، برفع سعر الفائدة على الدولار بنسبة 0.5%، وهي النسبة الأعلى منذ عام 2000، ضمن سياسته المتواصلة في مواجهة التضخم الذي وصل لأعلى مستوى في 40 عاما.

في تحليله، يرى الخبير الاقتصادي، إبراهيم نوار، أنه بعد قرار الفيدرالي الأمريكي رفع الفائدة 0.5%، أصبح هامش المناورة المتاح أمام البنك المركزي المصري أشد ضيقا في الوقت الحالي، موضحا في منشور له على صفحته على فيسبوك أن رفع أسعار الفائدة على الدولار ليس خبرا سارا للبورصة المصرية، ولا لوزارة المالية، ولا لحائزي الذهب.

 

اقرأ أيضا: هل تتسبب شهادات الـ18% في بنوك مصر بزيادة الركود الاقتصادي؟

قرار صائب ولكن..

رحب خبير التخطيط الاستراتيجي، علاء السيد، بخطوة البنك المركزي المصري، وقال: إن "زيادة احتياطي الذهب لتغطي نحو 20% من احتياطي النقد الأجنبي هو قرار حكيم من الحكومة المصرية، خاصة أن مستقبل الدولار ليس ورديا، وفي النهاية الذهب ملاذ آمن ويساوي قيمته وأحد النقدين الشرعيين الأصليين، أما العملات الورقية فهي خدعة عالمية من أباطرة المال في العالم سحبوا بها الذهب مقابل أوراق ملونة".

لكنه رهن نجاح هذه الخطوة في حديثه لـ"عربي21" بأن القرار "يجب أن يكون ضمن حزمة من الإجراءات الاقتصادية وفق خطة استراتيجية لإعادة هيكلة الاقتصاد المصري وتحويله إلى اقتصاد إنتاجي وليس جبائيا"، مشيرا إلى أن "العديد من دول العالم لجأت مؤخرا إلى زيادة احتياطها من الذهب للتحوط ضد الأزمات العالمية".

لافتا إلى أن "الأزمة الحقيقية هي أن مصر ليس لديها دولار والرصيد بالسالب وما تملكه الآن من احتياطي بالنقد الأجنبي ما هو إلا ودائع من الدول الخليجية والتي تضاعفت خلال الفترة القصيرة الماضية ولا تملك الدولة التصرف بها، وفي كل عام يتم مد أجل سدادها وزيادة الفائدة عليه، وبالتالي قيمة الجنيه معرضة لمزيد من التدهور بسبب عدم وجود طلب عليه وهروب الاستثمارات الأجنبية من الأسواق الناشئة".

وأعرب السيد عن اعتقاده بأن "زيادة كميات الذهب لدى المركزي المصري في الوقت الراهن أفضل؛ بسبب أن الحكومة ليس لديها خطة واضحة لتطوير المصانع والنهوض بالصناعة، خاصة وأن القطاع الخاص مكبل بشهادة المسؤولين المصريين وما يجري هو إغراق مصر بالديون وسيكون لذلك نتائج وخيمة وسيكون الثمن أصول الدولة التي يمتلكها صندوق مصر السيادي".

 

اقرأ أيضا: المركزي الأمريكي يرفع "الفائدة" وبنوك خليجية تتبع الخطوة

رسالة في غير مكانها

بشأن دلالة تلك الخطوة ومدى نجاعتها في مساندة قيمة الجنيه المصري، رأى الباحث في الاقتصاد السياسي، مصطفى يوسف، أن "حيازة مصر من الذهب لا تغطي قيمة الجنيه، ولكن الحكومة المصرية تحاول فقط ضبط أرقام المالية العامة واتباع وصفة صندوق النقد الدولي دون الاهتمام بإصلاح الخلل الهيكلي في الاقتصاد المصري"، مشيرا إلى أن "سعر الذهب حاليًا في أعلى مستوياته وسوف ينخفض بعد انقشاع الأزمة الروسية الأوكرانية".

وأضاف لـ"عربي21": "لا حل أمام الحكومة المصرية دون العمل في قطاعات الاقتصاد الحقيقي الذي يؤدي للتنمية وزيادة الصادرات غير النفطية وتحويل الاقتصاد المصري إلى اقتصاد إنتاجي وخلق فرص عمل وتقليل معدلات البطالة المتزايدة وليس تزيينها وتنميقها بأرقام غير حقيقية، وترك القطاع الخاص يعمل، وتحريره من قبضة الجيش".

واستدرك يوسف: "الحل يكمن في خفض معدلات الدين الداخلي والخارجي وتوجيه الموارد المحدودة لإنعاش الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، ودعم الصادرات وخفض الضرائب، وليس شراء الذهب وهو في أعلى مستوى تاريخي له، خاصة أن المركزي المصري ليس لديه فائض سيولة حتى يشتري بنحو 2.7 مليار دولار ذهبا، على قائمة الأولويات الكثيرة لعمله".

من جهته انتقد الخبير الاقتصادي، هاني توفيق، شراء المركزي المصري هذه الكمية الكبيرة من الذهب لعدة أسباب، وأوضح في منشور له على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن الذهب في أعلى مستوياته السعرية تاريخياً، وأن سعره كملاذ آمن سوف ينخفض مع انتهاء الحرب الروسية في أوكرانيا، وثالثها هو تأكيد لثانيها، وهو توقع انخفاض سعر الذهب مع رفع سعر الفائدة على الدولار الأمريكي للعلاقة العكسية بين سعر الذهب وسعر الفائدة، ورابعها وأهمها أن الدولارات التي تم شراء الذهب بها كان من باب أولى توجيهها لتشغيل المصانع المتوقفة في مصر لعدم توفر الدولار بالبنوك.