سياسة عربية

جدل واسع بعد حديث السيسي عن تأجير مباني العاصمة الإدارية

عبد الفتاح السيسي - جيتي
أثارت تصريحات رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، بأن إيجار مقرات الحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة سيكون 4 مليارات جنيه سنويا (212 مليون دولار) جدلا واسعا رغم مزاعم سابقة بأن موازنة الدولة لم تتحمل قرشا واحدا.

وخلال افتتاح عدد من مشروعات مصر الرقمية، الخميس، برر السيسي قيمة الإيجار بأن شركة العاصمة الإدارية الجديدة هي من أنشأت العاصمة من مواردها الذاتية، وليس من أموال الحكومة، ما يعد سابقة من نوعها في تاريخ البلاد.

تصريحات تتناقض مع ما قاله هو نفسه في وقت سابق عن مصادر تمويل الحي الحكومي البنية التحتية في العاصمة وأنها من حصيلة بيع الأراضي للمستثمرين، بعد رفع قيمة أراضي العاصمة الجديدة.

وكشف السيسي أن تكلفة ميكنة الحي الحكومي تبلغ 100 مليار جنيه، (الدولار يساوي 18.82 جنيها)، وتقدر تكلفة إنشاء العاصمة الإدارية الإجمالية بنحو 45 مليار دولار، فيما تبلغ تكلفة الحي الحكومي ما بين 40 و60 مليار جنيه.

 


وكان السيسي قد صرح في آب/ أغسطس الماضي، خلال افتتاح عدد من المشروعات السكنية في "العاصمة الإدارية والعلمين"، أن موازنة الدولة لم تتحمل قرشا واحدا بل إن شركة العاصمة (التي تتولى إنشاء الحي الحكومي) ستمتلك خلال سنتين قوائم مالية تصل إلى 100 مليار جنيه أموالا سائلة في البنوك.

وخصص السيسي كل مساحة العاصمة الإدارية للقوات المسلحة، حيث أصدر قرارا في شباط/ فبراير 2016 بتخصيصها لصالح جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة بالإضافة لتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني، حيث إنها باتت تحسب حصة الجهاز في رأس مال شركة العاصمة الإدارية دون أن تدفع قرشا واحدا.

ما هي شركة العاصمة الإدارية؟

تم تأسيس الشركة بالشراكة بين هيئة المجتمعات العمرانية بنسبة 49% وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية (تابعة للجيش) بنسبة 29.4% وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة بنسبة 21.6%، وتتولى تخطيط وتنمية العاصمة الإدارية الجديدة.

وتُحسب حصة جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة في رأسمال الشركة، بناءً على قيمة الأراضي التي يشارك بها في المشروع، بعد تقدير تلك القيمة بالاتفاق مع شريكيه؛ هيئة المجتمعات العمرانية وجهاز الخدمة الوطنية.

ويضم الحي الحكومي عشرة مجمعات وزارية، بإجمالي 34 مبنى، لاستيعاب نحو 51.5 ألف موظف، إلى جانب مبنى رئاسة مجلس الوزراء، ومبنى البرلمان، على مساحة إجمالية تبلغ 430 فدانًا.

وتعتزم مصر، بحسب تصريحات للسيسي سابقة العام الماضي، طرح شركة العاصمة الإدارية الجديدة بالبورصة المصرية، في أقرب فرصة ممكنة، لكن بعد أن تصل أموالها السائلة في البنوك المصرية إلى 100 مليار جنيه، من أجل جمع المزيد من المال المحلي والخارجي.

السيسي ذهب إلى أبعد من ذلك، وتوقع أن تتعدى أصول الشركة خلال عامين 3 و4 تريليونات جنيه إذا ما تم طرحها في البورصة، مشيرا إلى أن موازنة الدولة لم تتحمل قرشا واحدا (الدولار حينها كان يساوي 15.75 جنيها).

في سياق تعليقه، قال عضو لجنة الإسكان بالبرلمان المصري سابقا، عزب مصطفى، إن "شركة العاصمة الإدارية الجديدة تمتلك القوات المسلحة فيها 51% ووزارة الإسكان 49% ورأس مالها من بيع أراضي الدولة والاقتراض وليس الاستثمار كما يدعي السيسي، ما يعني أنها ملك للشعب".

وانتقد في تصريحات لـ"عربي21" غياب الشفافية عن تفاصيل عمل الشركة أو إنشاء العاصمة الإدارية ذاتها، قائلا: "يزعم السيسي أن الشركة تمتلك نحو 50 مليار جنيه أرصدة في البنوك المصرية ومثلهم استثمارات محتملة، ولا توجد أي رقابة على هذه الشركة في ظل أوضاع اقتصادية كارثية وديون غير مسبوقة".

وتساءل مصطفى مستنكرا: "أين ستذهب أموال إيجارات المقرات الحكومية في العاصمة الإدارية سوى للقوات المسلحة مجددا، يهبها السيسي أراضي شاسعة بالمجان وتدخل بها شريكا بمشروع بمئات المليارات ثم تتحصل على إيجارات بمليارات الجنيهات سنويا من جيوب الشعب وتعبه وكده، ثم يقول لنا إن موازنة الدولة لن تتكلف قرشا واحدا، من إذن سوف يدفع تكاليف الإيجار سوى الشعب؟".

وفي تقرير لرويترز في آذار/ مارس 2021، أشار إلى أن الجيش (المصري) والحكومة تحملان عبء توفير 25 مليار دولار تكلفة المرحلة الأولى حتى الآن بعد انسحاب واحدة من أكبر شركات التطوير العقاري بالإمارات عام 2015، وتم توفير بعض القروض والتمويل الأجنبي.

ونقلت الوكالة عن مسؤولين مصريين قولهم إن العاصمة ستمول نفسها من خلال بيع الأراضي فيها رغم أنه من غير الواضح كم بلغت عائدات البيع.

الضباط.. المُلاك الجدد لمصر

من جهته وصف خبير التخطيط الاستراتيجي، الدكتور علاء السيد، السيسي بأنه "مقاول أو سمسار حيث ينظر إلى كل شيء على أنه يباع ويشترى"، مشيرا إلى أن "أراضي العاصمة الإدارية هي مملوكة للشعب، وقد تم اقتراض مليارات الدولارات من أجل بناء مشروعات عديدة في العاصمة دون أي دراسات جدوى ثم يتم بيعها للشعب مجددا بعد أن تحمل تكلفتها سابقا".

وأضاف لـ"عربي21": "حديث السيسي عن تأجير الحي الحكومي للحكومة بنحو 220 مليون دولار سنويا هو ضرب من التلاعب بمقدرات الشعب وتعدٍ على حقوقهم استئجار الحكومة المصرية لبعض مباني العاصمة الإدارية الجديدة التي تعود ملكيتها الشرعية للشعب والتي استولى على ملكيتها وإدارتها ضباط الجيش الذين يمثلون الملكية الجديدة لمصر ولما عليها من شجر وحجر وآثار وموارد وبشر".

واختتم السيد حديثه بالقول: "لقد حان الوقت لكي يعاد صياغة العقد الاجتماعي في هذا البلد المنكوب ويعاد تحديد مهام وواجبات هذه الشرذمة التي طفح كيل تسلطها وظلمها وفسادها وإفسادها".